أخبار البلد - فهد الفانك
ليس في العالم دولة مستقلة لا تغطي إيراداتها المحلية سوى 72% من موازنتها العامة، على أن تعتمد في الباقي على سخاء الدول المانحة من جهة وتعاون البنوك المقرضة من جهة أخرى.ماذا لو توقفت المساعدات الخارجية أو انخفضت، كما حصل في عام 2012، عندما اقتصرت المعونات خلال الشهور الأحد عشر الأولى من السنة على 25 مليون دينار.
وماذا لو تضخمت المديونية لدرجة أن الدائنين لا يعودون مستعدين لتقديم المزيد من القروض خوفاً من عدم القدرة على التسديد عند الاستحقاق.
هذه السيناريوهات المزعجة ممكنة الحدوث، فبعض الدول المانحة يمكن أن تتنصل من التزاماتها تجاه الأردن لأسباب سياسية كما فعلت قطر.
والبنوك الدائنة قد تتردد في تقديم المزيد من التسهيلات، كما اتضح من اللجوء إلى الكفالة الأميركية لتمكين الأردن من الحصول على تمويل من السوق العالمية بأسعار فائدة معقولة.
هذا الوضع غير طبيعي وغير مقبول وغير قابل للاستمرار. ولا يكفي في علاجه أن ندعو صندوق النقد الدولي للإشراف على سلوكنا المالي كوصي على قصّـر. ذلك أن الصندوق يتحرك لاعتبارات سياسية بتوجيهات من القوى الكبرى التي تسيطر عليه.
مر أكثر من سنة على البدء بتطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي برعاية صندوق النقد الدولي، ولم يتـم عكس أو حتى إبطاء الاتجاه المالي السابق، فالعجز المالي في اتساع، والمديونية في ارتفاع، وعندما لا تلتزم الحكومة بالشروط، يلتمس الصندوق لها العذر بالظروف الإقليمية الصعبة!.
في ظل تطبيق ما سمي بالبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي ما زالت الخارطة المالية كما ذكرنا في مطلع هذا العمود، فالوضع المالي يعتمد على وصول منح عربية وأجنبية لتغطي 14% من إجمالي النفقات العامة، ويبقى بعد ذلك 14% من إجمالي النفقات ليغطى من قروض جديدة، خارجية وداخلية، أي أن 28% من الإيرادات اللازمة ليست تحت السيطرة.
الواقع أن القروض الجديدة ستكون أكبر بكثير، فالمطلوب قروض لا توفر 14% من النفقات فقط، بل تكفي أيضاً لتسديد أقسـاط القروض التي تستحق خلال السنة، فالاقتراض الجديد المقرر يجب أن يكفي لتسديد أقساط القروض التي تستحق خلال السنة مضافاً إليها حوالي مليارين من الدنانير هي الزيادة الصافية في المديونية المتوقعة هذه السنة، وهناك من لا يرف له جفن وهو يتحدث عن اقتراض عشرة مليارات دولار من شركات روسية لتمويل المشروع النووي.