اخبار البلد
طالب رئيس الوزراء الأسبق النائب الثاني لرئيس مجلس الأعيان الدكتور معروف البخيت بتغيير الحالة السياسية الأردنية الحالية تجاه المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وذلك بالإصرار على التواجد بالمفاوضات بممثل واحد على الأقل، حتى لا تحدث مفاجأة كما حدث في أوسلو وحتى لا يدفع الأردن فاتورة التصور الأميركي الإسرائيلي للحل، فيما يخصّ القنوات السريّة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما تسرّب عنها.
وقال الدكتور البخيت إن علينا جميعا أن نعي أن أسوأ توقيت لأيّة تسوية مفترضة، هو الراهن، في ظلّ عدم وجود ظهير عربيّ قويّ للفلسطينيين، وانشغال المراكز الإقليميّة العربيّة بأزماتها وملفاتها الداخليّة وأن أيّ حديث عن قرار جديد لمجلس الأمن، بخصوص القضيّة الفلسطينيّة، يعني، عمليّاً، نسف أساسات الشرعيّة الدوليّة التي تستند إليها قوّة القضيّة الفلسطينيّة، في زمن الضعف العربيّ، وبما يشكل إلغاءً لقرارات مرجعيّة (181، 194، 242،237).
وشدد الدكتور البخيت خلال المحاضرة التي ألقاها في منتدى السلط الثقافي مساء أمس بعنوان «التحولات في البيئة الإستراتيجية في الشرق الأوسط والتداعيات على الأردن» أنه كما في الحرب تماماً، لا يجوز الدخول إلى معركة المفاوضات بلا سلاح ولا دعم ولا خطة واضحة ومثلما خسرنا حرب 1948م، لأنها كانت في غير أوانها، فقد نخسر معركة التسوية والمفاوضات إذا جاءت في غير أوانها.
واعتبر أن قبول الطرف الفلسطيني، تحت الضغط، بتنازلات على صعيد ملف اللاجئين، يعني إيجاد أزمة داخليّة كبيرة في الأردن، وتفريط بمصالح الدولة الأردنيّة ومواطنيها من اللاجئين الفلسطينيين، وسيُصار إلى لوم الأردن واتهامه، من كافة الأطراف الداخليّة، بالتفريط والتخاذل، مع وجود إعلام معاد قويّ, وعليه، تقتضي مصالح الأردن العليا، عدم القبول بـ»إبلاغنا» بمجريات المفاوضات ونتائجها، وإنما بأن نكون حاضرين ومشاركين، ومدافعين عن رؤيتنا ومصالحنا.
وأكد الدكتور البخيت على أنه لا بد في كل الأحوال، من بذل كل جهد لتعزيز تماسكنا الداخلي ووحدة الصف، بإجراء حوار جدي عميق مع كافة القوى لإزالة حالات الاحتقان، وإيجاد حالة من التوافق الوطني.
وفيما يخص الأزمة السورية حذر الدكتور البخيت من الانجرار وراء مغامرة، تورّط الأردن في أدوار أمنية وسياسية تضع الأردن في خندق واحد مع التكفيريين الإرهابيين، وتضعنا في حالة صدام مع التوجهات الدولية التوافقية من الأزمة السورية وعلينا اتخاذ تدابير (عسكرية وأمنية) بالمنطقة الشمالية، فحتى لو اقتضى الأمر إعلان المنطقة على امتداد الشريط الحدودي مغلقة تدار من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية والتحرك الفوري لإجراء اتصالات مع القائمين على مؤتمر جنيف 2 وأمريكا وروسيا لوضع قضية اللاجئين السوريين على جدول الأعمال بهدف إقامة محميات إنسانية داخل الأراضي السورية والبدء بعودة اللاجئين والطلب إلى مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته والضغط على أطراف الصراع لإقامة المحمية الإنسانية.
وأشار الدكتور البخيت إلى انه نظراً للتحولات العميقة في البيئة الإستراتيجية للشرق الأوسط وتداعياتها على مختلف الأطراف، فإن على السياسة الخارجية الأردنية مغادرة حالة السكون بانتظار نتائج الأحداث، وسياسات رد الفعل إلى القيام بمبادرات لإعادة التموضع واعتماد البدائل الكفيلة بالدفاع عن مصالح الأردن وصون استقلاله.
وأشار إلى أن سوريا لم تعد تنظر للأردن كمحايد تماماً، فقد اتهم مساعد وزير الخارجيّة فيصل المقداد المملكة بأنها تستضيف «غرفة عمليات» لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، ما يضع الأردن أمام احتمال لجوء سوريا إلى دحر المسلحين بمنطقة حوران باتجاه الأردن وإرغامهم على دخول الأراضي الأردنية، ما يعني نقل جزء من الحرب الجارية بسوريا إلى داخل الأراضي الأردنية. وهنا قد تتحول مخيمات اللاجئين السوريين إلى خزان بشري لتغذية الصراع. رغم إدراك السوريين لخطورة هذه الخطوة، إلا أنها قليلة أمام المكاسب السياسية والعسكرية لنقل المعركة للداخل الأردني، خاصة إذا استمر الجيش السوري بتحقيق انجازات عسكرية في أنحاء سوريا.
وبين الدكتور البخيت ان الموقف الأردني من الأزمة السورية واضح ومعلن – وهو انه مع الحل السياسي للأزمة.
وأضاف أن الموقف الأردني اتّسم من الأزمة السورية بالحصافة وبعد النظر، حيث نجح الأردن بإدارة موقف محايد، وتدخل بالحد الأدنى الذي لا يلحق الضرر بالمصالح العليا للدولة، وبما لا يحول الأردن لطرف رئيس بالأزمة السورية.