ايام معدودة ونسدل الستار على العام 2013، ونستقبل بتثاقل 2014، فالتحديات المالية والاقتصادية تواجهنا جميعا، فالغلاء المتراكم سيكون امتدادا للاعوام السابقة، اما الدين العام سيسابق ايام العام الجديد ليتجاوز سقف 30 مليار دولار، بما يحمله من تبعات راهنة ومستقبلية، الاسعار مرشحة للارتفاع مع بدء تطبيق سياسات مالية جديدة من رفع اسعار الطاقة الكهربائية وتعديلات مرتقبة لقانون الضريبة الذي تحول من اداة مالية اقتصادية اجتماعية الى اداة جبائية دون مراعاة دور الضرائب والتكاليف الانتاجية من سلع وخدمات واثاره على بيئة الاستثمار وقدرة الاقتصاد الوطني لاستقطاب استثمارات جديدة.
وحتى لا نغرق في التحديات المالية والاقتصادية المريرة التي تنتظرنا من الضرورة الاشارة الى ان هناك مؤشرات ايجابية يمكن الاستناد اليها والبناء عليها علها تساعد في تبديد الصورة القاتمة التي تبدوا امام المحللين والمراقبين الاقتصاديين، ومن هذه المؤشرات ارتفاع ارقام وبيانات بورصة عمان التي ارتفعت بشكل لافت مؤخرا واقترب مؤشر الاسعار المرجح من حاجز 2100 نقطة في تعاملات مريحة، وارتفاع الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية لدى البنك المركزي فوق مستوى 12 مليار دولار وهو من اعلى المستويات، وتواصل دعم الاشقاء والاصدقاء للاردن، الامر الذي يحسن التوقعات للاقتصاد الاردني للسنوات المقبلة.
هناك متغيرات مرتقبة شديدة الصعوبة، وهناك عوامل ايجابية، وان الحكمة تتطلب التعامل مع الفرص المتاحة من مشاريع وتعديل تشريعات تمكن الاقتصاد الاردني من النهوض بقطاعاته المختلفة من سياحة وصناعة واتصالات وتقنية المعلومات وتجارة، وتنظيم سوق العمل بشكل يضمن عدم الانفلات الحالي وربط استقدام العمالة الوافدة بالانتاجية والحاجة الفعلية لهم، اذ من غير المعقول وغير المقبول ان يستضيف الاردن اعدادا هائلة من العمال معظمها غير موفقة لاوضاعها حسب القوانين الناظمة للسوق والاقتصاد.
ان اية سياسات مالية واقتصادية لا تنعكس ايجابيا على معيشة المواطنين غير مرحب بها، وان التأثير الايجابي غير المباشر يؤدي حتما الى الاستدامة وان كانت تدريجية، وان الاولوية تبدأ بمساندة الشركات التي تعاني شح السيولة او صعوبة التمول للحفاظ على انشطتها، لكن ادارة الظهر لهذا الشركات يعني زيادة البطالة وتوسيع نطاق الفقر في البلاد، فالاموال متاحة، وان ادارة عملية منح الائتمان يجب ان تتغير لجهة العودة الى السوق ايمانا بان اقالة عثرة الشركات سيكون له انعكاسات ايجابية على المستثمرين والمواطنين والاقتصاد بقطاعاته المختلفة.
ان قراءة سريعة لتجارب الدول بغض النظر عن حجمها لم يسجل يوما ان دولة افلست، فالدول ليست كالشركات، فالافلاس يعني التصفية وبيع الموجودات، فالاردن مر بمحطات صعبة منذ تأسيس المملكة قبل تسعة عقود، وكان يتجاوزها وما يلبث ان يعود الى التقدم، ومرحلة السنوات الخمس الماضية كانت صعبة جدا، الا ان هناك قدرة حقيقية لتجاوزها والعودة للتعافي...وهذا رهن بالسياسات والممارسات الحكومة اولا والقطاع الخاص ثانيا.