اخبار البلد – غسان الطالب
بعد لندن التي احتضنت منتدى الاقتصاد الإسلامي العالمي التاسع، جاءت دبي لتُنظم مظاهرة اقتصادية تمثلت في "القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي"، للفترة 25-26/11/2013، تم حشد المئات من المختصين في الصّيرفة الإسلامية ورجال الأعمال من شتى أنحاء العالم، حيث ركزت هذه القمة على عدة محاور منها التأكيد على الابتكار والتجديد لأدوات مالية طويلة الأجل ثم العمل على إنشاء نظام مالي امن، وأهمية المسؤولية الاجتماعية للمصرفية الإسلامية في مكافحة الفقر والبطالة، وكذلك تشجيع الدول والمجتمعات التي تحتضن مؤسسات ومصارف إسلامية لإنجاح هذا الدور، وأخيرا خلق بيئة استثمارية جاذبة مصدرها الثقة والأمان والاستفادة من الإمكانات التي توفرها المصرفية الإسلامية بأدواتها المختلفة وإمكاناتها المتاحة.في ما يخص المحور الأول نحن جميعا وخاصة في المجتمعات الإسلامية والدول النامية بأمس الحاجة لوجود نظام مالي آمن خاصة بعد تجربة الأزمة المالية العالمية التي ما تزال تلقي بثقلها على اقتصاداتنا وما سببته من مشاكل وأزمات داخلية، وتراجع لمعدلات الاستثمار نتيجة لتشابك العلاقات الاقتصادية العالمية وتداخل المصالح للدول من جانب، ومن جانب آخر كون أنظمتها المالية تتبع للأنظمة المالية العالمية التي تسببت بالأزمة، فالنظام المالي الإسلامي هو المؤهل لأن يكون اللبنة الأولى في بناء النظام المالي الآمن عالميا، كما وانه صاحب رسالة أخلاقية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية وهو كذلك الرافض لكل أشكال الاستغلال والجشع الذي يلحق الضرر بالمجتمعات، وأن الأدوات المالية الإسلامية المتبعة في عمليات التمويل هي الأكثر أمانا وتغطي حاجات القطاعات الاقتصادية على مختلف أنواعها.أما المحور الثاني حول المسؤولية الاجتماعية للمصرفية الإسلامية في مكافحة الفقر والبطالة، فيتمثل في كون المصرف الإسلامي ليس مؤسسة هدفها تحقيق الربح فقط بل تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية من شأنها أن تعزز المناخ الاجتماعي السليم وتعميق القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة في المعاملات وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية، والتي توظف القوة الكامنة في الإنسان نحو العملية الإنتاجية وبالنتيجة تسهم في زيادة دخل الفرد وزيادة الدخل القومي ومن ثم تقليل معدل البطالة وتكافح الفقر؛ تلك الآفة التي تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية وما إلى ذلك، وحتى يتحقق ذلك فإننا نرى أن الاهتمام بالفرد واحتياجات الأسرة التمويلية للقيام بمشاريع صغيرة تدر عليهم بالدخل هو من صلب المسؤولية الاجتماعية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، لهذا فإننا ننتظر منها أن تولي اهتماما اكبر لتقديم التمويل للمشروعات الصغيرة لا بل البحث عنها في أماكن تواجدها، وأن تقدّم لها الدعم المناسب لما تحققه هذه المشاريع من خدمة هائلة للاقتصاد الوطنيّ، كما يمكن لهذه المصارف الوصول إلى مناطق الأرياف البعيدة عن مراكز المدن وتقديم خدماتها، علما بأنها تركّز جلّ اهتمامها ونشاطها في المناطق الحضريّة والمراكز التجاريّة وإننا نتفهّم ذلك من الناحية الربحيّة، إلا أن هذه المصارف صاحبة رسالة أخلاقية واقتصادية نأمل أن تنتفع منها كل حلقات الاقتصاد الوطني.كلام جميل وإشارات مطمئنة سمعناها من هذه القمة حول مستقبل الاقتصاد الإسلامي وخاصة الصيرفة الإسلامية، نأمل أن تترجم إلى فعل يرتقي إلى مستوى الجهد الذي بذل لتنظيم هذه القمة حتى يتحقق طموحنا في المساهمة المادية والأخلاقية لبناء نظام مالي آمن عالمي، وسوف نكمل حديثنا لاحقا عما تبقى من محاور هذه القمة.*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي