ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ اﻷردﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎ أﺑﺪا أن ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪاﷲ
اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺰﻳﺎرة اﻟﻘﺎھﺮة، ﻟﯿﺸﺪ ﻣﻦ أزر اﻟﻘﯿﺎدة اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ. ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺰل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ،
أﻋﻠﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر دﻋﻤﻪ ﻟﺨﯿﺎرات اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺼﺮي، ﻓﻲ ﺧﻄﻮة ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻤﻮﻗﻔﻪ ﻏﺪاة ﺗﻨﺤﻲ ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك.
ﺑﯿﺪ أن اﻟﺘﺮﺣﯿﺐ ﺑﺴﻘﻮط ﺣﻜﻢ "اﻹﺧﻮان" ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﺣﺮارة واﻧﺪﻓﺎﻋﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ
اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت؛ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﻤﺮﺣﺒﯿﻦ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﺎﻃﺮوا ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎھﺮة ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ دﻋﻤﮫﻢ "ﻟﺨﯿﺎرات" اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺼﺮي.
ﻣﻨﺬ ﺳﻘﻮط ﻣﺒﺎرك ﻟﻢ ﻳﺰر اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻘﺎھﺮة. وﻗﺪ ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻻت ﺟﻤﻌﻪ ﻣﻊ ﻣﺮﺳﻲ، ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻋﻤﺎن أو
اﻟﻘﺎھﺮة. وﻻ ﻧﻜﺸﻒ ﺳﺮا إذا ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﻤﻠﻚ ﻛﺎن ﻣﺮﺗﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺻﻌﻮد اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻳُﻜﻦّ أي ود ﻟﻠﻘﯿﺎدة اﻹﺧﻮاﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. وﺑﻌﺪ أﺷﮫﺮ ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻲ ﻣﺮﺳﻲ ﻣﻘﺎﻟﯿﺪ اﻟﺴﻠﻄﺔ، ﺗﻨﺒﺄ ﺑﺘﻌﺜﺮ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
وﻓﺸﻞ اﻟﻨﻤﻮذج اﻹﺧﻮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ، ﻧﻈﺮا ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﺘﻲ ارﺗﻜبها، وﺗﺒﻨﯿﻪ ﻧهج اﻹﻗﺼﺎء ﻟﻠﻤﻌﺎرﺿﺔ
واﻟﻘﻮى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺛﻮرة "25 ﻳﻨﺎﻳﺮ".
رﻏﻢ اﻟﺒﺮود اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻃﺒﻊ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﮫﺪ ﻣﺮﺳﻲ، إﻻ أن ﺧﻄﻮط اﻻﺗﺼﺎل ﻇﻠﺖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑﯿﻦ
اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھﺮة وﻋﻤﺎن، وﺣﺎوﻟﻮا ﺗﺬﻟﯿﻞ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﻐﺎز اﻟﻤﺼﺮي وﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﺗﺰوﻳﺪ اﻷردن ﺑﺎﻟﻜﻤﯿﺎت اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﮫﺪ ﻣﺒﺎرك؛ ﻻﻋﺘﺒﺎرات
ﻗﺎل اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن إﻧها ﻓﻨﯿﺔ ﺑﺤﺘﺔ، واﻋﺘﺒﺮھﺎ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷردﻧﻲ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ، اﻟهدف ﻣﻨها اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﻷردن ﻟﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ
ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻨﺎزﻻت ﻟﻠﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ.
ﻗﻠﻨﺎ إن زﻳﺎرة اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻘﺎھﺮة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺔ، ﻟﻜﻨها ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﯿﺘها؛ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﻣﻨﯿﺔ
ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﺑﻌﺪ، واﻟﻤﺼﺮﻳﻮن ﻣﻨﻘﺴﻤﻮن ﺑﯿﻦ ﻣﯿﺪاﻧﯿﻦ، واﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻀﺢ ﻣﻌﺎﻟﻤها. ﺗﺠﺎوز اﻟﻤﻠﻚ
ﻛﻞ ھﺬه اﻻﻋﺘﺒﺎرات وﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺎھﺮة، ﻟﯿﺆﻛﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻠﻲ وﺻﺮﻳﺢ دﻋﻤﻪ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ووﻗﻮﻓﻪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ
اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻤﺼﺮي وﻗﻮى اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ وﺷﺎرع ﻋﺮﻳﺾ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟهته ﻣﻊ ﺟﻤﻮع اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺤﺘﺸﺪة ﻓﻲ "راﺑﻌﺔ اﻟﻌﺪوﻳﺔ".
ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎرة ھﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ؟
ﺛﻤﺔ اﻧﻘﺴﺎم واﺿﺢ ﺑهذا اﻟﺸﺄن؛ ﻣﺆﻳﺪو "ﺛﻮرة 30 ﻳﻮﻧﯿﻮ" ھﻨﺎ وﻓﻲ ﻣﺼﺮ، اﻋﺘﺒﺮوا اﻟﺰﻳﺎرة دﻋﻤﺎ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ وﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟهم.
ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ، رأى اﻟﻤﻌﺎرﺿﻮن "ﻟﻼﻧﻘﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ" ﻓﻲ اﻟﺰﻳﺎرة ﺧﻄﻮة ﻣﺘﺴﺮﻋﺔ، ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﻓﻲ
ﻣﺼﺮ، ﻛﻮﻧﮫﺎ اﻧﺘﺼﺎرا ﻟﻄﺮف ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻃﺮف آﺧﺮ.
ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءة اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺻﻄﻔﺎف اﻹﻗﻠﯿﻤﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، وﺗﻨﺒﺊ
ﺑﺘﺤﻮﻻت ﻋﻤﯿﻘﺔ وﻣﺆﻟﻤﺔ ﻣﻊ ﺗﻔﺠﺮ اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺑﺸﺘﻰ ﺗﻼوﻳﻨﮫﺎ اﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ، وﺑﺮوز أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻨﺎﺋﯿﺔ ﺗﮫﺪد
ﺑﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ.
ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﺎﺧﺎت، ﺗﺤﺎول ﻋﺪة دول ﻋﺮﺑﯿﺔ، ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮫﺎ اﻷردن، ﺑﻨﺎء ﺗﺤﺎﻟﻒ ﻋﺮﺑﻲ واﺳﻊ ﻟﺪرء ﺧﻄﺮ اﻣﺘﺪاد اﻟﻔﻮﺿﻰ
إﻟﻰ داﺧﻞ ﺣﺪودھﺎ، وﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﯿﺎﻧﺎت اﻟهشة ﻣﻦ اﻻﻧﺰﻻق ﻓﻲ دواﻣﺔ اﻟﻔﻮﺿﻰ. وﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﺼﺎر ھﺬا
اﻟﺘﯿﺎر أن اﺣﺘﻮاء ﻃﻤﻮح اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ھﺬا اﻟﮫﺪف.
ﻣﻘﺎرﺑﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻤﻐﺎﻣﺮة ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﺒﻌﺾ، ﻷن دواﻣﺔ اﻟﺼﺮاع ﺗﻤﻀﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﺗﻔﻮق ﻗﺪرة "ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت" ﻋﻠﻰ
ﺿﺒﻄها، ﻟﺘﺆﺳﺲ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺳﻤﺘﮫﺎ اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻷﺟﻞ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺮوف.
بقلم: فهد الخيطان