ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﺼﺤﯿﻔﺔ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻣﺆﺧﺮا؛ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻒ ﻣﺮﺣﻠﻲ ﻗﺪ ﻳﺆدي إﻟﻰ إﻏﻼق اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ أو إﻋﺎدة ﺗﺪوﻳﺮ ﻣﻠﻜﯿﺘﮫﺎ
ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب واﺳﻌﺎ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺷﺮوط اﻟﻨﻤﻮذج اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺤﻠﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪا، وﻓﻲ
اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم؛ ﻓﻲ ﺿﻮء ﺣﺠﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻋﻠﻰ
ﺣﺴﺎب اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أﻋﺎق إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﯿﺪ ﻧﻤﻮ ﻗﻄﺎع أﻋﻤﺎل إﻋﻼﻣﻲ ﻣﺴﺘﺪام، ﻳﺼﻮن اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ
وﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮدة.
ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﻣﻠﻒ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻣﺤﻠﯿﺎ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﯿﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪرھﺎ اﻷﺣﺰاب واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ،
واﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﮫﺎ ﻗﺎدة رأي ووﺳﺎﺋﻞ إﻋﻼم، ﺗﺬھﺐ ﺑﺎﺗﺠﺎه ﺗﺴﯿﯿﺲ اﻟﻘﻀﯿﺔ وإھﻤﺎل اﻟﺒﻌﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي،
وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻘﻄﺎع.
ﻟﻘﺪ ﻗﺪﻣﺖ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮرھﺎ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻷھﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﮫﻨﻲ،
وﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﺮﻗﺎﺑﯿﺔ ﻟﻺﻋﻼم؛ إذ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻔﺎت اﻟﻤﮫﻤﺔ، وﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻘﺎرئ
اﻷردﻧﻲ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻷﺣﺪاث ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻐﻄﯿﺎت اﻟﻤﻌﻤﻘﺔ. وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ؛ ﺳﻮاء
اﻟﺮﺳﻤﻲ (ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ) أو ﻣﻦ ﻗﻮى ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ أﺧﺮى، ﺣﺮم اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ واﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻓﯿﮫﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر
اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻤﮫﻨﻲ اﻟﺬي ﺣﻘﻘﺘﻪ. وھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗُﺮﺟِﻢ ﻋﻤﻠﯿﺎ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺘﻌﺪدة، ﻣﻨﮫﺎ ﺗﺒﺪل ﻣﻠﻜﯿﺔ
"اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" اﻟﻤﺘﻜﺮر، واﻟﻀﻐﻮط اﻟﺘﻲ ﻣﻮرﺳﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎب وﺻﺤﻔﯿﯿﻦ دﻓﻌﺖ إﻟﻰ ﻣﻐﺎدرﺗﮫﻢ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ، ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ
ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻣﻤﻨﮫﺠﺔ
ﻟﻺﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﯿﻔﺔ.
اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻓﻲ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻳﻜﻮن ﻓﻲ أن ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺼﺤﯿﻔﺘﮫﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺒﻨﺎء ﻧﻤﻮذج
ﻣﮫﻨﻲ ﻣﺴﺘﻘﻞ وﻣﻨﺎﻓﺲ، ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﻧﻤﻮذج اﻗﺘﺼﺎدي ﻧﺎﺟﺢ. وھﺬا اﻟﺪرس اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﺗﺪرﻛﻪ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ:
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﺒﻌﯿﺪ، ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻓﯿﺮ ﺑﯿﺌﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ آﻣﻨﺔ وﻣﻌﺎﻓﺎة، ﺗﻤﻨﻊ
اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﯿﺔ، وﺗﻤﻨﻊ اﻻﺣﺘﻜﺎر، وﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ ﻧﻤﻮ ﻗﻄﺎع أﻋﻤﺎل إﻋﻼﻣﻲ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ واﻟﺠﻮدة واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ. ﺣﯿﻨﮫﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻘﯿﻤﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﻀﺎﻓﺔ أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﯿﺮ.
ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2007، ﺗﺠﺎوز ﺣﺠﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﺎع اﻹﻋﻼم 16 ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر، ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺠﻢ اﻹﻋﻼﻧﺎت
اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2.5 ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر؛ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺮﻗﻤﯿﻦ ھﻮ ﺣﺠﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم
اﻟﺬي ﺗﻮﻇﻔﻪ اﻟﺪول واﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻣﺼﺎﻟﺤﮫﺎ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ. وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ، ﺳﻨﺠﺪ أن
ھﺬه اﻷرﻗﺎم ﺗﻐﯿﺮت ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﻌﺪ "اﻟﺮﺑﯿﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺎدﻣﯿﻦ اﻟﺠﺪد، وﺣﺠﻢ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺿﺨﻪ ﻣﻦ
أﻣﻮال ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل وﻣﺎ ﺗﺜﺒﺘﻪ اﻷﺣﺪاث ﺑﺸﺄن ﻗﻮة وﺗﺄﺛﯿﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث
اﻟﺠﺎرﻳﺔ، وﺗﺤﺪﻳﺪا ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﯿﺮ، ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻳﻌﺪ أﺣﺪ أﻛﺒﺮ ﻣﻌﻮﻗﺎت ﻧﻤﻮ ﻗﻄﺎع أﻋﻤﺎل إﻋﻼﻣﻲ
ﺣﻘﯿﻘﻲ، ﺳﯿﻜﻮن إﺣﺪى ﺿﻤﺎﻧﺎت اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ إذا ﻣﺎ وﺟﺪ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ﺗﻘﺪر ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺠﻮدة.
اﻟﯿﻮم، ﺗﺒﺪو أﻣﺎم اﻷردن ﻓﺮﺻﺔ ذھﺒﯿﺔ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﻗﻄﺎع أﻋﻤﺎل إﻋﻼﻣﻲ ﻧﺎﺟﺢ. وھﺬه اﻟﻔﺮﺻﺔ ذات أﺑﻌﺎد اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
وﺳﯿﺎﺳﯿﺔ، ﺗﻈﮫﺮ واﺿﺤﺔ ﻣﻊ ﺗﺮاﺟﻊ ﻧﻤﺎذج إﻋﻼﻣﯿﺔ -وﻇﻔﺖ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ وﺳُﻮّﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﻮﻧﮫﺎ ﻧﻤﺎذج ﻧﺎﺟﺤﺔ- ﻣﻊ
اﻹدراك اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﻟﻺﻋﻼم اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ اﻟﺬي ﺗﺜﺒﺘﻪ ﻓﺮﺿﯿﺔ إﻋﻼم ﻣﺎ ﺑﻌﺪ "اﻟﺮﺑﯿﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ": ﻃﻠﺐ ﻛﺒﯿﺮ وﺛﻘﺔ
أﻗﻞ.