من المرجح أن تعلن الحكومة قريبا اسم رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي بعد أن شغر هذا الموقع لأشهر، تسلم خلالها مدير عام الضمان الاجتماعي معن النسور إدارته بالوكالة.
التسريبات الخارجة من مبنى الضمان تؤكد أن سير العمل في محفظة الأردنيين كان على خير ما يرام خلال تلك الفترة، وكانت الإدارة المؤقتة مؤهلة لحماية مدخرات الأردنيين، من خلال قبول أو رفض استثمارات كانت تعرض عليها بناء على دراسة معمقة تحدد الأثر الاستثماري والمالي والاقتصادي الاجتماعي لأي قرار في آن واحد.
وحتى لحظة كتابة سطور هذا المقال لم يتضح بعد اسم من سيقود ويتحكم بمدخرات الأردنيين ويسيطر على محفظتهم التي تضمن لهم مستقبلهم وشيخوختهم.
بيد أن بورصة الأسماء المتداولة تعكس أن المؤهل الوحيد الذي بحثت عنه الحكومة تمثل بالخبرة والمعرفة بالشأن الاستثماري، فيما أسقطت من الحساب مواصفات أكثر أهمية تعكس مدى الوعي بخطورة المجازفة بأموال هذه المؤسسة.
وأهم صفة يلزم توافرها في رئيس صندوق استثمار أموال الضمان هي قوة الشخصية والقدرة على رفض العروض السخية وغير المجدية بعقد شراكات مع الضمان قد لا تصب في صالح هذه المؤسسة، وتضر بمصالح الناس وتضيع جزءا من "تحويشة" العمر.
ومن يتولى هذا المنصب يجب أن تتوفر فيه مواصفات ومؤهلات خاصة ومحددة تتعدى مجرد المعرفة والدراية بمجال الاستثمار.
فالمطلوب شخص ثقة ويجيد إلى جانب فهم الجانب الاستثماري معرفة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لقرارات الصندوق، لاسيما وأن ملف أموال الضمان شديد الحساسية لدى الأردنيين.
والقلق المتعاظم على المدخرات ينبع من تجارب الماضي التي كشفت ضياع مبالغ طائلة نتيجة القرارات الخاطئة وغير المدروسة.
الحكومة الحالية، وعلى لسان رئيسها سمير الرفاعي، أكدت حرصها على أموال هذه المؤسسة الوطنية؛ حيث أكد الرئيس أن أموال الضمان مصانة كونها مضمونة من الخزينة، مشيرا إلى أن الحكومة لا تؤثر على قرارات الضمان وأنها مؤسسة مستقلة، وستعمل الحكومة لما فيه مصلحة الضمان والمواطن معا.
لا ينكر أحد أن القلق الذي ساور الأردنيين على أموال الضمان لم يكن مسبوقا خلال العامين الماضيين اللذين تبعا الأزمة المالية العالمية التي ألحقت منذ اندلاعها ضررا كبيرا بأموال الكثيرين في البورصة. والقلق الشعبي مبرر، فمن حق الناس دائما وفي أي وقت أن يخشوا على" تحويشة" عمرهم وضمان مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من بعدهم، لاسيما وأن الخوف لدى البعض وصل حد الفزع وعدم الاطمئنان على استمرارية مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تعني كل أردني مهما كبر أو صغر.
بمجرد الاختيار من بين قائمة الأسماء ستتشكل انطباعات عامة حيال الطريقة التي ستدار بها الأموال، خصوصا وأن الشخصية والخلفية والسيرة الذاتية لمن يتولى هذا الموقع تؤثر بلا شك كثيرا في نوعية القرارات التي سيتم اتخاذها.
الأولى بالحكومة أن تعين شخصا معروفا بنزاهته وعلمه ووطنيته وحرصه على المصلحة العامة، وأن لا تخضع قراراته لحسابات الربح والخسارة فقط، وأن يكون مستقلا لا يخضع لأية ضغوط تمارس عليه لتسيير هذه الصفقة أو تلك على حساب الناس وأموالهم.
مخطئ لا محالة من يظن أن إضافة أسماء رنانة لتلك المؤسسة أو الشركة في السيرة الذاتية ستجمل القرار وتجعل الناس يخدعون، فلم يعد تعد تخفى الكيفية التي تدار بها الأمور وما هي معايير تعيين أصحاب الوظائف العليا لدينا.
اختيار شخصية رئيس الصندوق اختبار حقيقي لجدية الحكومة في حماية أموال الضمان، فهل ستجتاز الامتحان؟