الطقس بارد جدا في لبنان, فالثلوج تغطي قمم وسفوح جباله مثل عِمّة شيخ حكيم, ولكن طلة "الحكيم" الاخر او غير الحكيم سمير جعجع على شاشة التلفزيون ليطلق تهديداته والتلويح بالفتنة في لبنان, رافقتها رياح ساخنة وصلت من واشنطن تحمل اخبارا سيئة تعيد لبنان الى المربع الاول وتدخله دائرة التوتر او في متاهة نعرف كيف بدأت ولا نعرف كيف وأين تنتهي..
فالقضية اللبنانية الان تتسارع في تطوراتها نحو ما يكرهه اللبنانيون لانها تتجه نحو حافة الهاوية, اذا لم ينجح الحكماء والزعماء في وقف التدهور الامني المخيف والمرعب الذي يتوقعه المتابعون والمراقبون وكل اللبنانيين.
ففي الوقت الذي غادر رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن كنا نتوقع ان تدفعه الادارة الامريكية نحو التصعيد بدفعه الى التمسك بالمحكمة الدولية, وهو الموقف الذي انهى التفاهم السعودي - السوري - وترك الابواب مفتوحة امام اسوأ الاحتمالات.
وبالتزامن مع لقاء الحريري واوباما قدم وزراء المعارضة استقالتهم, ومعهم وزير اخر محسوب على رئيس الجمهورية في المحاصصة هو عدنان السيد حسين, وبذلك سقطت حكومة الحريري, حيث كانت ضربة قاضية فاجأت الرئيس الحريري في توقيتها..
وحين نشاهد الفوضى التي تعم المدن التونسية نخشى على لبنان ايضا لان اللبنانيين عاشوا لحظات الفوضى الملتهبة وعرفوا معنى انعدام الامن والاستقرار لاكثر من جولة واكثر من مرة واكثر من سنة.
وفي الليلة التي سقطت فيها حكومة الحريري عاد القلق الى الشارع اللبناني مع انتهاء التفاهم والتوافق, حيث تخندق كل فريق في معسكره وتمسك بمطالبه, خصوصا بعد انتهاء التفاهم السعودي السوري ووقف جهود التسوية المشتركة والتدخل الامريكي- الفرنسي والضغط من اجل اجهاض التسوية وقطع الحوار ورفض اي حل خارج حدود المحكمة وقراراتها, وهذا الموقف يدخل لبنان في لعبة الامم, بحيث ستكون التطورات اكبر من لبنان الداخل بحيث يشمل التوتر دول الاقليم, لان فتح الجبهة الداخلية اللبنانية يعني فتح باب جهنم على مستوى الاقليم والمنطقة لان اصرار الولايات المتحدة على تصعيد الموقف والتلويح بدعم امن واستقرار واستقلال لبنان يعني ان دائرة الاشتباك ستمتد الى ساحات اقليمية اخرى.
لذلك نأمل ان يدرك الرئيس سعد الحريري خطورة اللعبة الامريكية واعادة فتح الحوار من اجل التوصل الى حالة من التفاهم تجنب لبنان كل مكروه, ولو كان على حساب مشاعره الخاصة والعائلية...
كما نأمل في حال فشل المسعى السوري - السعودي ان يتم فتح خط اخر الى عاصمة عربية اخرى وقد تكون الدوحة, لجمع شمل الفرقاء في لبنان في حوار حقيقي وصريح من اجل مصلحة لبنان واللبنانيين برعاية قطرية ودعم سوري - سعودي, اذا كانت واشنطن قد قطعت الطريق بين دمشق والرياض مرحليا...