انقلب مزاج المرشحين لخوض الانتخابات النيابية،فمن حملاتهم السابقة التي كانت تعد بتحرير فلسطين،والغاء معاهدة وادي عربة،وتحرير الاندلس،وتأمين بيت لكل مواطن،ووظيفة اضافية،باتت الشعارات هزيلة جدا الى الدرجة التي لاتشعر فيها ان هناك مرشحا يريد ان يقول شيئا معتبرا.
هي لعنة الشعارات السابقة التي بالغ اصحابها في اطلاقها من اجل صيد الاصوات،ولان وعي الناس بات مرتفعا،واللعبة ذاتها باتت مكشوفة،هرب اغلب المرشحين الى شعارات لاتقول شيئا،سوى العموميات دون ان يتورطوا في أي تعهد للناس.
فوق ذلك غابت الشعارات ذات الصفة القومية والدينية،فلاتجد شعارا عن الربيع العربي،ولا عن قضية السوريين،ولا عن فلسطين،ولاعن تطبيق الشريعة،ولا عن تنظيف البلد من الفساد الاخلاقي ولاغير ذلك من شعارات،وكل مانراه صورا مفلترة للمرشحين تخفي عيوب الوجه بسبب العمر،وبضع كلمات ميتة في اغلبها ولا تقول شيئا.
الافلاس في الشعارات عنوان للمرحلة،وما يؤسف ايضا تلك الممارسات التي نراها ضد المرشحين ذاتهم،اذ يتم ارسال مجموعات لتمزيق يافطات لمرشحين اخرين،او رش صور لمرشحين باللون الاسود،او خرق صورة المرشح بالحجارة بحيث يبدو مشوها في سياق التعبير المبكر عن الموقف من هذا المرشح او ذاك،والطريف ان كل مرشح يشك بالاخر،فيما قد يبدو الفاعل طرفا ثالثا في حالات كثيرة.
حملات المرشحين تفتقد في حالات كثيرة الى الابداع في الفكرة والتصميم والشعار،والميل الى العادية بات واضحا،وهذا جزء من حالة اللاحماسة التي تطغى على الاجواء في كل شيء،ولولا مقرات المرشحين وصورهم المنثورة في كل مكان،لما شعر احد بوجود انتخابات،وهذا يؤشر من جهة اخرى على ان نسبة التصويت قد لاتكون مرتفعة،وبحاجة الى اجراءات واسعة من اجل حث الناخبين على تجاوز هذا الانجماد ،وحالة الافلاس التي تطغى على مجمل الاجواء ماقبل الانتخابات.
المرشح ايضا ضحية ايضا للاجواء العامة،فهو يخاف من المبالغة في شعاراته وبرامجه،ولايعرف كيف يقدم نفسه بصورة عاقلة دون ان يختصر كل الحملة في صورته وتحتها جملة تقول ..هذا انا،فالخسائر العامة جراء اداء البرلمانات السابقة ضرب قدرة المرشحين ايضا على رفع السقف،وتقديم برامج عامة مثلما ضرب قدرة الناخبين على التصديق والتجاوب.
اخطر مانواجهه في هذه الانتخابات عدم قدرتنا حتى الان على التخلص من ارث واشباح التجارب النيابية السابقة.