قبل توجهه الى نيويورك لتقديم طلب بقبول دولة فلسطين في الامم المتحدة ( غير عضو) في التاسع والعشرين من الشهر الجاري اعلن ابو مازن في رام الله بان الخطوة التالية هي المصالحة بين فتح وحماس . ونأمل ان لا يكون هذا الكلام تحت تأثير صمود غزة وصواريخها التي أرعبت اسرائيل ، فالمصالحة تأخرت كثيرا، ولو ان عباس ذهب الى نيويورك بعدها لكان ذلك افضل من ان يذهب حاملا الوعود بتحقيقها فقط . ويكفي ان نقرأ تصريح المصدر الحكومي في تل أبيب الذي أبدى استغرابه لتوجه الرئيس الفلسطيني الى الامم المتحدة بينما ليس له سلطة على نصف الشعب الفلسطيني .
الرئيس عباس كان قد اعلن في العام الماضي بانه سيقدم طلب العضوية لبلده في الامم المتحدة لكنه تراجع تحت ضغط أوباما وكذلك الكونغرس الذي هدد بوقف المعونات المالية الى السلطة . ومن الخطأ ان يتراجع هذه المرة ومن الخطأ ايضا ان تظل الدول العربية غير مبالية تجاه الموقف الامريكي مثل ان تقرر مد السلطة بالمال الذي يغني عن المال المسموم الذي يقدمه الكونغرس حتى تبقي القضية الفلسطينية في قبضة قادة العدو .
لقد أظهرت المعركة الاخيرة حول غزة بان السلام مع اسرائيل تصنعه الصواريخ وليست الدبلوماسية . وهناك من الدروس المستخلصة ومن المتغيرات في المنطقة ما يكفي لأن تدرك قيادة رام الله بانه آن الأوان للتخلي عن المعادلات السابقة التي كانت تعتقد بان عدم إغضاب عراب عملية السلام ( امريكا) يساعد في تحقيق السلام ، لذلك خضعت السلطة دائماً لضغوط واشنطن في مسألة عضوية فلسطين في الامم المتحدة ، كما انها خضعت للضغوط القائلة بان المصالحة مع حماس عقبة في طريق السلام .
خلال الايام الاخيرة حملت اسرائيل بشدة على الرئيس الفلسطيني لأنه «لم يستنكر ولو لمرة واحدة الاعتداءات الصاروخية في حين يكيل الثناء لقادة حماس « وقد رد نبيل شعث وهو احد قادة فتح بان المصالحة مع حماس ستتم برعاية الرئيس المصري في القاهرة بعد عودة عباس من نيويورك ، ونرجو ان يتحول هذا الحلم الى حقيقة امام الحقائق الناصعة التي ترسخت امام الجميع في السنوات الاخيرة وهي :-
١- ان الخضوع للوعود والضغوط الامريكية بتحقيق السلام لم يصنع غير الحروب الاسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وحصد أرواح الآلاف من المدنيين اضافة الى التدمير الواسع للمدن والمخيمات والبنى التحتية وفوق ذلك الحصار الخانق . ٢- ان الجري خلف وهم صناعة السلام مع عصابة الحكم العنصرية المتطرفة في تل أبيب لم يقم السلام في الضفة الغربية والقدس انما اطلق وحش الاستيطان ومخططات التهويد لالتهام الارض والمقدسات وقلع الشجر والحجر واعتقال الآلاف وتقطيع أوصال الضفة الى كانتونات .
لا بديل امام رام الله وغزة غير تغيير المعادلة القائمة بالوحدة اولا مع التمسك بكل اشكال المقاومة المناسبة لوضع الضفة وحالة غزة ، فإذا تساوت القوة ظهر العدل « . واذا كان على المقاومة ان تحصل على السلاح والصواريخ فليس من اجل المبادرة في شن حرب غير متكافئة يقتل فيها مئات الفلسطينيين وتدمر الاف البيوت مقابل عدد من الإسرائيليين لا يتجاوز اليد الواحدة انما بهدف خلق حالة من توازن الرعب كما هي الحال على حدود لبنان مع اسرائيل . وهذا يقتضي عدم التبجح بالحصول على السلاح من ايران كما يفعل محمود الزهار انما بالعمل على مفاجأة العدو عندما يقوم باعتداءاته كما حدث أخيرا .