ذهب الرئيس الاسلامي محمد مرسي الى قبر السادات، تحت عنوان تكريمه بذريعة حرب اكتوبر رمضان المجيدة، وهي الحرب التي شارك بها ايضا مبارك، ولم تكن حكراً على السادات، وهذا يقول ان القصة ليست اكتوبر، بل ذات قبر السادات والرسالة عبر القبر.
كيف يمكن لرئيس برنامجه اسلامي، وقائم على محاربة اسرائيل، وارث حركته وجماعته قائم ايضا، على شعار”خيبر خيبر يايهود جيش محمد سوف يعود” ان يذهب الى قبر السادات الذي جر مصر والعالم العربي الى مصالحة اسرائيل؟!
السادات ايضاً،اول رئيس عربي يزور اسرائيل، ويخطب في الكنيست،ويوقع معاهدة مع اسرائيل، ويفتح الباب لمعاهدات اخرى وقعتها اطراف عربية، وهو بكل المعاني لايمكن التعامل معه من زاوية حرب رمضان فقط، فالانحناءة امام قبرالسادات،كانت رسالة غزل للمنهج الذي اتبعه،وملاطفة سياسية ازاء العدو الذي صالحه،ومحاولة للظهور بصورة رئيس كل المصريين،لا ابن الاسلاميين.
لايمكن ان نصّدق ابداً،ان القصة قصة تكريم رئيس مصري سابق،لانه حارب في رمضان ضد اسرائيل،فهي رسالة ذات وجهين،الاول للجمهور العادي الذي قد يفهمها بهذه السذاجة،والثانية لمن يريد مرسي ايصال رسالة اعمق اليهم،حول تكريم من صالح اسرائيل،فالقبرهنا تم توظيفه لغايات سياسية من اجل بقاء الرئيس.
مبارك حارب في اكتوبر،فلم تشفع حربه ضد اسرائيل له،وهو يتنقل من سجن الى سجن،وتتم اهانته تلفزيونيا،هذا مع الاقرار بأن كلا الرئيسين مبارك والسادات،قمعا الاسلاميين في مصر،ورموهم في السجون،وهتكوا دمهم وحرماتهم وبيوتهم.
انحناءة مرسي عند قبرالسادات،لاتختلف عن رسائل الغزل المبطن والواضح تجاه اسرائيل،من مراسلات مرسي بيريز،الى حشر الفلسطينيين المظلومين في مطارات مصر،بذريعة حادث ارهابي في سيناء،ليس لهم علاقة فيه اصلا،وصولا الى هدم الانفاق،مرورا باحترام الرئيس لمعاهدة السلام مع اسرائيل،الى التنسيق الامني مع العدو حول تواجد القوات المصرية في سيناء،واغلاق المعابر في وجه اهل غزة.
الذي قاله الدكتور موسى ابومرزوق من حركة حماس،حول ذهوله مما فعله مرسي بهدم الانفاق،وانه تفوق على مبارك،يقول الكثير،لان هذا يثبت ان السياسة واحدة،والسلطة واحدة،والحكم واحد،وان تغيرت الشعارات والاثواب التي يتم لبسها من اجل كل مرحلة.
يقال هذا الكلام ليس تشويها لسمعة مرسي،لكنه يقال بحق من ُيطبلون لكل زعيم عربي،ويأخذون الجماهير الى اللاعقل،وهانحن نرى مرسي يقف عند صندوق النقد الدولي طالبا قرضا بخمسة مليارات،والفائدة الربوية لم تعد حراماً،وباتت رسوما لابد من دفعها.
انحناءة مرسي عند قبر السادات،انحناءة امام اسرائيل عملياً،والذي يعتقد غير ذلك،فليحدثنا عن الرابط بين هذه الانحناءة وسلسلة الغزل المتواصلة بطرق مختلفة مع اسرائيل وواشنطن،وغيرهما.
مسكينة هي الجماهير التي مازالت تحب وتكره،ولاتوظف عقلها،وبدلا من تحليل الاداء السياسي للرئيس،يذرفون الدموع تأثرا على مشهد الرئيس وهو قريب من الكعبة،خلال تلاوة القرآن،في عمرة رمضان.
مالنا نحن ووجدانه الشخصي.ماهو اهم السؤال العميق حول فروقات العلاقة مع اسرئيل في مصر بين عهدين،ومالذي اختلف بحق،حتى لايبقى البعض يقول لنا ان اسرائيل خائفة حقا من الربيع العربي،الذي اعاد انتاج الموجود؟!.
الشهيق عند قبرالسادات،والزفيرفي تل ابيب.