يبدع الروائي الإيطالي الراحل ايتالو كالفينو في تخيّل سبب وجود فقراء وأغنياء، في العالم، عبر قصة له بعنوان "الشاة السوداء".
يروي كالفينو حكاية بلدة لا يسكنها إلا اللصوص، وما أن يحل المساء حتى يغادر كل منهم منزله، ويسطو على أحد المنازل المجاورة، ويعودون جميعاً إلى بيوتهم فجراً محملين بالغنائم ليجدوها قد تعرضت للسرقة هي الأخرى.
وهكذا لم يوجد بينهم خاسر، وأسست التجارة في البلدة على غش يتعذر اجتنابه بين الباعة والمشترين، ولم تكن الحكومة سوى منظمة إجرامية تنهب رعاياها بينما ينشغل الشعب بالاحتيال على حكومتهم لسلب أموالها، وعاش الناس متساوين: ليسوا أغنياء ولا فقراء.
ذات يوم، قدِم رجل أمين للسكن في البلدة، وكان يلازم منزله ليدخن ويقرأ الروايات، ولمّا يأتي اللصوص لسرقته ينصرفون حين يرونه سهراناً، ما اضطرهم إلى توضيح الأمر له، فكل ليلة يقضيها في منزله تعني أن عائلة ما لن تجد ما تقتات عليه في اليوم التالي.
أخذ الرجل الأمين يغادر منزله كل ليلة إلا أنه لم يسرق أحداً، وعندما يعود لمنزله صباحاً يجده قد تعرض للسطو، حتى أصبح معدماً.
أزمة كبرى اندلعت بسبب تركه الآخرين يسرقون كل ما يملك من دون أن ينهب أي منهم، ما ترتب عودة بعضهم إلى منزله فجراً ليجدوه على حاله، وبعد فترة وجيزة أصبح هؤلاء أغنى من الآخرين، وزاد الأمر سوءاً لمن يقصدون بيت الرجل، الذي صار فارغاً، فغدوا أفقر من سواهم.
تزايد عدد الأغنياء مثلما تضاعف الفقراء كذلك، ما دفع حديثي الثراء إلى استئجار بعض الفقراء لكي يسرقوا لحسابهم وأبرمت العقود برواتب شهرية أو نسب مئوية.
بعض الأغنياء أثروا لدرجة لم يعودوا بعدها بحاجة لأن يسرقوا، لكنهم لم يتوقفوا عن النهب خوفاً أن يفقدوا ثرواتهم، وتعاقدوا مع الأكثر فقراً لحراسة ممتلكاتهم، فاستحدثت قوات شرطة وبنيت سجون.
بعد ظهور الرجل ببضعة أعوام، لم يعد الناس في تلك البلدة يتحدثون عن السارقين والمسروقين، بل عن الأغنياء والفقراء، وعن الرجل الأمين الذي مات جوعاً.
يروي كالفينو حكاية بلدة لا يسكنها إلا اللصوص، وما أن يحل المساء حتى يغادر كل منهم منزله، ويسطو على أحد المنازل المجاورة، ويعودون جميعاً إلى بيوتهم فجراً محملين بالغنائم ليجدوها قد تعرضت للسرقة هي الأخرى.
وهكذا لم يوجد بينهم خاسر، وأسست التجارة في البلدة على غش يتعذر اجتنابه بين الباعة والمشترين، ولم تكن الحكومة سوى منظمة إجرامية تنهب رعاياها بينما ينشغل الشعب بالاحتيال على حكومتهم لسلب أموالها، وعاش الناس متساوين: ليسوا أغنياء ولا فقراء.
ذات يوم، قدِم رجل أمين للسكن في البلدة، وكان يلازم منزله ليدخن ويقرأ الروايات، ولمّا يأتي اللصوص لسرقته ينصرفون حين يرونه سهراناً، ما اضطرهم إلى توضيح الأمر له، فكل ليلة يقضيها في منزله تعني أن عائلة ما لن تجد ما تقتات عليه في اليوم التالي.
أخذ الرجل الأمين يغادر منزله كل ليلة إلا أنه لم يسرق أحداً، وعندما يعود لمنزله صباحاً يجده قد تعرض للسطو، حتى أصبح معدماً.
أزمة كبرى اندلعت بسبب تركه الآخرين يسرقون كل ما يملك من دون أن ينهب أي منهم، ما ترتب عودة بعضهم إلى منزله فجراً ليجدوه على حاله، وبعد فترة وجيزة أصبح هؤلاء أغنى من الآخرين، وزاد الأمر سوءاً لمن يقصدون بيت الرجل، الذي صار فارغاً، فغدوا أفقر من سواهم.
تزايد عدد الأغنياء مثلما تضاعف الفقراء كذلك، ما دفع حديثي الثراء إلى استئجار بعض الفقراء لكي يسرقوا لحسابهم وأبرمت العقود برواتب شهرية أو نسب مئوية.
بعض الأغنياء أثروا لدرجة لم يعودوا بعدها بحاجة لأن يسرقوا، لكنهم لم يتوقفوا عن النهب خوفاً أن يفقدوا ثرواتهم، وتعاقدوا مع الأكثر فقراً لحراسة ممتلكاتهم، فاستحدثت قوات شرطة وبنيت سجون.
بعد ظهور الرجل ببضعة أعوام، لم يعد الناس في تلك البلدة يتحدثون عن السارقين والمسروقين، بل عن الأغنياء والفقراء، وعن الرجل الأمين الذي مات جوعاً.