اتهام جديد دخل على لغة قيادات الاخوان المسلمين في تقسيم الناس، بأن هناك "كتابا وصحافيين مقربين من المعسكر المعادي للاصلاح"، وهذا المعسكر هو معسكر قوى الشد العكسي، وللتوضيح اكثر، كتّاب التدخل السريع المحسوبين على الدوائر الامنية..
لا بأس، ولكن تعرف تلك القيادات، أن هذا المعسكر، يده ممدودة الى عمق أعماق المعدة الإخوانية، وتعبث بها كما تريد، وعلى هذه الخلفية تأتي الانقسامات والخلافات داخل الإخوان، رضي من رضي وغضب من غضب.
يتوهم بعض المتابعين لعمل جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي، ان هناك توافقا في المواقف بين قيادات الجماعة والحزب، واستشهدوا بذلك عندما خرجت جميع القيادات في صف واحد خلال مؤتمر صحافي، وهذا لا يدل على انسجام ابدا، وانما يدل على مزاودة سياسية مكشوفة.
لاحظوا المزاودة، بالأمس الشيخ حمزة منصور (وهو من عقّال الإخوان) يقول "إن باب الحوار مع الحكومة او اي شخص من اي طرف او جهة لما فيه الصالح العام لا يزال مفتوحا" وانه يرفض المساس بالرموز الوطنية او اي اردني، كما يرفض التجريح...".
كلام منصور (وهو كلام محترم واتمنى ان يتم البناء عليه) يمثل شخصه فقط، لان هناك غيره من القيادات من يرفض الحوار، ويتباهى بذلك، وهناك من خرج التجريح من تحت عباءته، ومن المحسوبين عليه، وبحضوره، وعلى دوار جمال عبدالناصر (الداخلية) تحديدا، ولم يحاول ان يمنع ذلك، او حتى يرفضه ويدينه.
وعلى ذكر دوار الداخلية، أريد أن اذكِّر جماعة 24 آذار تحديدا، وجماعة الاعتصام المفتوح على الدوار، ماذا فعل الاخوان يومها، وما الشيء الذي اهتموا بتجهيزه في ذلك اليوم العصيب، لقد جهزوا يافطة تحمل اسما جديدا لدوار جمال عبدالناصر، وسمّوه دوار الرباط، حتى خرجت يومها اصوات محتجة من القوميين على تغيير الاسم العظيم للدوار.
اذكّر بهذه الحادثة، لأقول التالي: لقد قررت جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي تنظيم "المسيرة الكبرى" وحددت لها موعدا في 28 ايلول الحالي، واختيار هذا الموعد لم يأت عبثا، وليس بريئا، بل لأنه يصادف ذكرى وفاة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، واترك لكم التحليل والتفسير واكتشاف النوايا.
"المسيرة الكبرى" للإخوان، والتي بشر القيادي زكي بني ارشيد انها سوف تزيد على الخمسين ألفا، (وتم معاتبته على ذلك) اصبحت لغما في حضن الإخوان، لهذا سارعت القيادات المعتدلة الى "اصلاح ما يمكن اصلاحه"، فذهبوا لتنسيقية المعارضة لكي تتبنى المسيرة، وتغطيها سياسيا وشعبيا، ولكن ذكاء الاحزاب القومية واليسارية افشل على الإخوان مخططهم، فذهبوا الى الجبهة الوطنية للاصلاح، لكي تتبنى المسيرة، ولأن في الجبهة حكماء ويعرفون نوايا الإخوان، رفضوا مناقشة المسيرة، وطالبوا بتأجيل ذلك إلى اجتماعات اخرى، ففهمت الجماعة ان الامر خرج من يدها، فعادت القصة الى الحضن الإخواني وحده، لهذا قرروا امس تغيير موعد المسيرة، الى الخامس من الشهر المقبل، ولم يتحدثوا عن الرقم المتوقع، وسمحوا لمن يرغب بالمشاركة بحضور المسيرة، التي ستخرج من المسجد الحسيني.
osama.rantesi@alarabalyawm.netرؤية جميع المقالات