أخبار البلد -
بفضل مشاهد سخيفة لا ترقى في العرف الفني لأن تسمى فيلما، عاد أسامة بن لادن ليحتل مكانا مرموقا في أرقى ضواحي عمان (عبدون)، وهتف له المحتجون أمس من أمام السفارة الأمريكية على الفيلم الذي أساء للرسول العظيم، "اسمع اسمع يا اوباما أمتنا كلها اسامة".
لستُ من عشاق نظرية المؤامرة، ولا من المروجين لها، لكن ما حدث في اليومين الماضيين، وما زال يحدث في العديد من العواصم الإسلامية، جزء من لعبة الانتخابات، لكن بالوسائل القذرة.
فبعد أن تخلصنا من إطلالات بن لادن الكثيرة، خاصة في المناسبات التي تحددها الإدارات الأمريكية، ها هو خليفته في التنظيم والزعامة ايمن الظواهري يقوم بالمهمات نفسها.
هل تذكرون إطلالة لابن لادن قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة،
عندما طالب "بمقاطعة الدولار الأمريكي لتحرير البشرية من الرقّ "، و تدخّل بشؤون البيئة وحمّل جميع الدول الصناعية، ولا سيما الكبرى، مسؤولية أزمة الاحتباس الحراري" وندد بإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لعدم توقيعها بروتوكول كيوتو الخاص بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري". يومها اشتغل ابن لادن مفتاحا انتخابيا لحملة اوباما التي هزم فيها جورج بوش.
الآن ماذا يحدث؟ ففي الذكرى الـ11 لتفجيرات 11 سبتمبر هذا العام، وبعد أن غيّر الشعب الأمريكي دفة القيادة من الجمهوريين إلى الديمقراطيين، لأربع سنوات ، ووضعوا على مقود الإدارة زعيما أمريكيا جديدا في كل شيء، في اللون والكاريزما والسلوك، تريد الإدارة أن تجد دعائم لاستمرار إدارتها للسنوات الأربع المقبلة، واكثر ما يثير حماس الناخب الأمريكي الحديث عن محاربة الإرهاب، فبوساطة هذا الشعار جلس بوش على قلوبنا ثمانية سنوات، والآن يفعل اوباما الطريقة ذاتها، حتى لو كان الثمن التضحية بسفير أمريكي ليس له ذنب.
نجم باراك أوباما لم يعد ساطعا مثلما كان في بداية عهده، واكثر من يعرف ذلك الولايات المتحدة الأمريكية ، التي انتخبت قبل أربع سنوات أوباما الأسود من أب مسلم، حامل شعار التغيير، لأن المصالح الأمريكية تضررت في حقبة الرئيس السابق الذي خضع لسيطرة "المحافظون الجدد " فقد لحق بالسياسة الأمريكية إخفاقات كثيرة لا تعد ولا تحصى، واستقبلت جثامين كثيرة لجنود دفعوا فواتير جنون الإرهاب وجنون السياسة.
وعلى الرغم من انقضاء 11 عاما على تفجيرات سبتمبر فلا تزال "غزوة نيويورك " كما يسميها تنظيم القاعدة حبلى بالمفاجآت والتحليلات، خاصة التي تؤمن بعقلية المؤامرة، ولا تزال السيناريوهات تخرج علينا بين الفينة والأخرى، تحلل ما جرى، وترسم خطوطا لجهات مستفيدة من التغيير الذي أصاب العالم بعد 11 سبتمبر.
أغرب هذه التحليلات تبرئة تنظيم القاعدة من هذه الهجمات، رغم أن قائد التنظيم الذي بقي منزويا من يومها بين صخور أفغانستان وباكستان، خرج إلى الملأ معلنا الانتصار الكبير وبالأسماء المشاركة.
ستبقى الأسئلة معلقة في رقبة الزمن، وستبقى طلات أسامة بن لادن التي حرمنا منها في الأشهر الأخيرة بعد أن اصطاده المارينز الأمريكي في الباكستان، وطلات خليفته في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الكثيرة، خبرا تتناقله الفضائيات، ومحاولة إثبات أن القاعدة لم تغب عن المشهد، ويحرص الظواهري من بين جحور أفغانستان على أن يطل على العالم في كل مناسبة، ليؤكد أنه لا يزال موجودا، ويحارب " الشر ."على الرغم من أن العقلية المؤامراتية تصر على أنه يجلس مثلما كان بن لادن، في حجرة في مبنى المخابرات الأميركية ويصور الأشرطة من هناك.