أخبار البلد -
لا تخضع حسابات إسرائيل، وعلماء الإستراتيجيا فيها لترهات وعواطف بعض النخب العربية، خاصة الذين يولولون محذرين من خطر الإسلاميين على «مدنية» الدولة العربية، التي لم تكن أصلا مدنية في وقت من الأوقات، بل كانت على الدوام دولة استبدادية، بلا حقوق ولا واجبات ولا قوانين، وحتى الدساتير الجميلة التي تمتعت بها بعض الدول العربية، لم تكن غير «دروس في الإنشاء» الجميل لا اكثر، فالحكم في أيدي حكومات سرية، تمسك بزمام كل شيء، وتتغذى على دماء الشعب الغلبان!
هبة الربيع العربي التي يسخر منها البعض، وينخر في جسدها كلما أتيحت له الفرصة، أصابت إسرائيل بما يشبه الهستيريا الأمنية غير المسبوقة، فإسرائيل اليوم تنام وتصحو على وقع ما يجري في ميدان التحرير في قلب القاهرة، وبقية ميادين التحرير العربية، والشواهد كثيرة، والتصريحات التي تفلت بين حين وآخر من قادة ومفكري العدو الصهيوني، تثبت ان الربيع العربية اصاب الكيان الغاصب بحساسية تمنعه من النوم.. بل إن هذا الكيان حزم أمتعته وبدأ يستعد للحرب القادمة، بعد طول اطمئنان للسبات العميق التي كانت تغط فيه أمة العرب، وخطوط تماسها مع الكيان!
للمرة الأولى منذ أعوام سحيقة، نقرأ أن جيش الاحتلال الاسرائيلي أدخل عبور نهر الأردن إلى الجهة الشرقية منه، ضمن أهدافه استعداداً للسيناريوهات المقبلة، الأكثر سوءا بالنسبة له، فيما ينشغل بعضنا هنا بالأصول والمنابت، رغم أننا كلنا في ميزان العدو سواء: أعداء إلى الأبد، تقول الأخبار أنها «المرة الاولى التي يقوم فيها الجيش الصهيوني بالتدريب على محاكاة سيناريو مواجهات مع الاردن - الجبهة التي يعتبرها الاسرائيليون الاكثر هدوءا واطمئناناً - واستخدام مختلف المعدات الحربية وبينها صواريخ مضادة للدبابات». وبحسب الأخبار فإن «التدريبات في نهر الاردن تجري في ساعات الليل ايضا وقد اعد الجيش كمية من الجسور لاستخدامها عند عبور النهر، بعضها بطول عشرات الامتار كما تم التدريب على قوارب مطاطية وحبال وعبور مدرعات» وهي تدريبات يعتبرها جيش العدو نادرة!
التدريب على اجتياز «الشريعة» كان جزءا من تدريب كبير، ترافق مع مناورة للجبهة الداخلية الأكبر في تاريخها والمسماة (نقطة تحول 5) في سياق ما يسميه جيش الاحتلال تدريبات «الحرب المتدحرجة» التي وصفت بأنها الأوسع من حيث الفترة التي استغرقتها ومتطلباتها الخاصة، وهم – وفق تصريحاتهم- لا يستبعدون – في السياق- سيطرة مصادر معادية على مخازن السلاح الكيميائي في سوريا، ويعززون الجهوزية لسيناريو يتضمن استخدام سلاح غير تقليدي. وسقوط صواريخ على كيانهم، ولهذا شملت التدريبات تأهيل 86 مجموعة مراقبة في خدمة الاحتياط سيتم نشرهم أثناء الحرب «المفترضة» في أرجاء البلاد ليبلغوا عن الأماكن الدقيقة لسقوط الصواريخ!
وعلى وقع هذه التدريبات نقرأ تحذير الجنرال عاموس جلعاد - رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الحرب ‹الصهيونية› - من أن سقوط نظام بشار الأسد سيترتب عليه حدوث كارثة تقضي على ‹تل ابيب›، نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا. ووفق إذاعة جيش العدو، يقول جلعاد إن الفكر المعلن الذي تنتهجه جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا يهدف إلى تصفية ومحو دولة ‹الكيان الصهيوني›، وإقامة إمبراطورية إسلامية تسيطر على منطقة الشرق الأوسط. ويؤكد الجنرال جلعاد أن ‹تل ابيب› شعرت بالأخطار التي تواجهها من عدة جهات، خاصة في مصر، لهذا قررت أن تحسن علاقاتها مع تركيا، وتتحاشى القطيعة الدبلوماسية معها، حتى لا تضطر تل أبيب إلى محاربة المسلمين في عدة جبهات مفتوحة ستؤدي في النهاية إلى خسارتها بالتأكيد!
قد يكون للإسلاميين استبدادهم، وفق أصحاب نظرية «شيطنتهم» ولكنه الاستبداد الوحيد القادر على تفكيك ليس الكيان الصهيوني فحسب، بل منظومة الاستبداد الذي ربض على صدور الناس عقودا طويلة، وكان خير «صديق» لعدونا، وحارسا امينا لمصالحه وأمنه!