أخبار البلد -
اخبار البلد
من أهم الحقائق التي أكد عليها الربيع العربي، فشل القبضة الامنية ، والتي تعتبرمن أهم أسباب ثورات الربيع ، فلم يستطع قمع الانظمة وبطشها الذي فاق كل الحدود، ان يسكت الشعوب في طول العالم وعرضه، فثار الشعب الايراني على الشاة ، والروماني على تشاوشسكو ، والاسباني على فرانكو، والتشيلي على بينوشيه...الخ، وها هي الشعوب العربية تفجر الموجة الرابعة للديمقراطية ، لتسقط الطغاة ، ولتثبت من جديد أن ارادة الشعوب أقوى من الجلاوزة والطغاة.
لا يتسع المجال لاستعراض نماذج من التعذيب اللامعقول الذي تعرضت له الشعوب، والذي دفع الشباب العربي الى ارتياد المجهول، للهروب بنفسه وبحياته طلبا للحرية والحياة الكريمة ، فركب قوارب الموت فارا الى اوروبا وأميركا ، وتؤكد اعداد العقول العربية المهاجرة ،حجم الفجيعة ، وحجم الظلم الذي وقع على الانسان العربي.
لقد جسدت كثير من الاعمال الروائية الرائعة الجحيم الذي يعيشه المواطن العربي،”شرق المتوسط” لعبدالرحمن منيف، وصور التعذيب اللامعقول في السجون العربية، ونذكر ان هستيريا الخوف من الشعب التونسي ، دفعت ابن علي الى تسجيل اسماء المصلين في المساجد "حضور وغياب”، على غرار طلبة المدارس، وكان أصعب شيء في الدنيا على المواطن المصري أن يذهب الى مركز الشرطة ، فالداخل مفقود والخارج موجود، وسجلت شهادات كثيرة حول اغتصاب سجناء على يد افراد الشرطة ، وموت بعضهم حتى التعذيب "خالد سعيد” وهو ما فجر الثورة المصرية المجيدة، وقس على ذلك في ليبيا والمغرب وسوريا واليمن والبحرين والعراق والسودان..الخ ،ويكفي قراءة كتاب مليكة اوفقير، لترى قسوة الظلم والسجون في عهد الملك الحسن الثاني في المغرب ،وقد قضت مليكة وامها، والطفل الرضيع الذي وضعته، اكثر من "15”سنة في السجون الصحراوية ، لان والدها الجنرال اوفقير دبر انقلابا ضد الملك .
جرائم القذافي لا تحصى ، وأبشعها اقدامه على قتل أكثر من الف سجين ، في سجن ابي سليم ، ما اسهم في تفجير الثورة ، كما ادت افعاله البشعة، واغتصاب عصاباته للنساء الليبيات خلال الحرب، وخاصة لنساء مصراته ، الى دفع الثورة الى العنف والانتقام منه ، بوضع قضيب حديد في دبره.
هذه الجرائم وغيرها لا تحصى ، تؤكد أن هؤلاء الطغاة ليسوا بامناء على شعوبهم، وقد انتهكوا الحرمات والمقدسات وتعاملوا مع المواطنين باعتبارهم جراذين وحشرات وحشاشين لا يستحقون الحياة..!! كما قال القذافي ، وكررها ابن علي ومبارك وان كانت بصيغ اخرى.
باختصار..... جذر المشكلة ، وأصل الداء والبلاء أن هؤلاء الحكام يعتبرون شعوبهم مجرد رعايا، وليسوا مواطنين ، لهم كامل الحقوق التي يتمتع بها البشر في كافة دول العالم، وان الذي يحكم العلاقة بين الشعب والحاكم ، هو عقد احتماعي قائم على المساواة، وليس عقد اذعان، وهذا يفسر رفض هؤلاء الطغاة الاستجابة لمطالب شعوبهم في الحرية والكرامة وتداول السلطة، على اعتبار ان الوطن مجرد عزبة لهم، والمواطنين مجرد عبيد يعملون في هذه العزبة، وجاءت الثورات العربية لتثبت فشل القبضة الامنية، وفشل الاحتكام للقوة العسكرية ، ولتثبت بان الشعوب أقوى من الطغاة ، كانت وستبقى حتى يرث الله الارض ومن عليها.