أعلن مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة أن المنخفض الجوي الأخير أسفر عن 12 وفاة حتى اللحظة، إذ قضى 11 شهيدا -انتشلت جثامينهم فرق الدفاع المدني- نتيجة انهيار عدة بنايات سكنية سبق أن تعرّضت للقصف من الاحتلال الإسرائيلي، وتفاقم انهيارها بفعل الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة.
وأضاف الثوابتة -في تصريحات للجزيرة نت- أن الطفل الرضيع محمد خليل أبو الخير (عمره أسبوعان فقط) توفي نتيجة انخفاض حاد في درجة حرارة الجسم بسبب البرد القارس، رغم إدخاله العناية المركزة قبل يومين.
من جانبه، كشف المدير العام لوزارة الصحة بغزة منير البرش -في تصريحات للجزيرة نت- عن أن مستشفيات القطاع تعاني نقصا حادا في المستلزمات الطبية الأساسية وصلت نسبته إلى 72%، بما في ذلك أدوية الأطفال والمطهرات والإبر، مضيفا أن هذا العجز يعد الأسوأ منذ سنوات. ورغم ذلك، فإنه يؤكد أنهم لا يزالون قادرين على استقبال المرضى وتقديم الخدمات الطبية الممكنة حتى اللحظة.
انجراف 27 ألف خيمة
وأوضح الثوابتة أن المنخفض الجوي القطبي "بيرون" أدّى إلى تعرية الواقع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، وكشف بصورة قاسية مدى هشاشة المخيمات والبنية التحتية، في ظل الدمار الواسع والحصار المستمر، حيث تحوّلت مناطق النزوح القسري ومراكز الإيواء إلى بؤر خطر حقيقي على حياة المدنيين.
وأضاف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي أن المنخفض تسبب في غرق وانجراف أكثر من 27 ألف خيمة، وتضرر كلي أو جزئي لما يزيد على 53 ألفا أخرى، مما أثّر مباشرة على أكثر من ربع مليون نازح يعيشون في ظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الحماية.
وعلى صعيد البنية التحتية، أشار الثوابتة إلى أن المنخفض تسبّب في انجراف مئات الطرق الترابية والمؤقتة، وتعطّل شبكات صرف صحي بدائية، وغرق مداخل مدارس ومراكز إيواء، مما أعاق حركة الإسعاف والدفاع المدني ورفع منسوب المخاطر الصحية والبيئية.
وقدّر الثوابتة الخسائر الأولية المباشرة بنحو 4 ملايين دولار، مؤكدا أن هذه الآثار نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال التي دمّرت البنية التحتية ومنعت إدخال مواد الإيواء والطوارئ، مما يجعل كل منخفض جوي تهديدا وجوديا للمدنيين، ويحوّل الطقس إلى عامل قتل ومعاناة يمكن تفاديها لو رُفعت القيود واحتُرم القانون الدولي الإنساني.
تحذيرات من أمراض
وفي سياق متصل، جددت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تحذيرها من تدهور أوضاع الغزيين، بسبب قلة المساعدات الإغاثية ومستلزمات الإيواء التي تسمح إسرائيل بإدخالها إلى القطاع. وقال عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي للأونروا، في مقابلة مع الجزيرة إن حوالي مليوني فلسطيني يتكدسون في نحو 80 كيلومترا مربعا، في حين تحتل إسرائيل نصف القطاع تقريباً، وينتشر الركام في المساحة المتبقية، في ظل انتشار متزايد للأمراض والأوبئة.
وفي هذه الأثناء، بدأ الدفاع المدني في القطاع انتشال جثامين عشرات الشهداء، بينهم أطفال ونساء، من بين أنقاض مبنى يؤوي نازحين في حي الرمال غربي مدينة غزة، وتتم هذه العمليات المعقدة بما توفَّر من معدات وآليات نجت من شهور الحرب الطويلة.
وإلى جانب تلك الأزمات التي يعيشها القطاع، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ غارات وقصف مدفعي وإطلاق نار مكثفا من الدبابات في مناطق انتشارها بحي التفاح شرقي مدينة غزة.
كما أفاد مراسل الجزيرة بأن مناطق شرقي مدينتي رفح وخان يونس وكذلك شرقي البريج تعرضت لغارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي في مناطق انتشار جيش الاحتلال.
وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بدعم أميركي واستمرت سنتين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا طال 90% من البنى التحتية المدنية.