أخبار البلد -
قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إن المعلومات الواردة من واشنطن تشير إلى أن البيت الأبيض يستعد لاستضافة قمة ثلاثية تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نهاية الشهر الحالي، مؤكدًا ما تمثله هذه الخطوة من شروع عملي في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع غزة ما بعد الحرب. وأوضح في تصريحٍ " الإلكترونية أن الدبلوماسية الأمريكية تتحرك بشكل مكثف في المنطقة خلال الأيام الأخيرة، في محاولة لتهيئة الظروف السياسية والأمنية لما وصفه بـ"المخطط الأكبر"، مشيرًا إلى أن تقارير أمريكية صادرة قبل دقائق تحدثت عن وضع اللمسات الأخيرة على هذا اللقاء الذي سيبحث ترتيبات مصيرية تخص مستقبل القطاع. وبيّن النظامي أن الرئيس الأمريكي كان قد لمح سابقًا في قمة شرم الشيخ إلى دور مصري محوري، حين خاطب السيسي قائلًا: "ربما تكون يا سيادة الرئيس عضوًا في مجلس السلام في قادم الأيام"، لافتًا إلى أن هذا التصريح يعكس تصورًا أمريكيًا لدور إقليمي جديد يجري التخطيط له خلف الكواليس. ونوّه إلى أن تل أبيب أعلنت قبل يومين فتح معبر رفح من جهة واحدة نحو مصر، بما يسمح بخروج من يرغب من سكان غزة، معتبرًا أن هذه الخطوة تفتح بابًا لأسئلة خطيرة حول مستقبل ديموغرافيا القطاع، في ظل استمرار الهجرة الطوعية عبر معبري رفح وإيرز، رغم التعتيم الإعلامي على حجمها وأبعادها.
ا وأضاف أن حركة حماس أبدت استعدادها - قبل ساعات - لتجميع أسلحتها ووضعها تحت إشراف جهات محايدة، وهو ما وصفه النظامي بأنه "تطور غير مسبوق، يحمل دلالات سياسية وأمنية تعكس حجم الضغوط والحسابات الداخلية والخارجية".
ونبّه النظامي إلى أن إسرائيل، على لسان رئيس أركانها، تحدثت عن تحديد الحدود مع غزة وفق ما يسمى بـ"الخط الأصفر"، الذي رسمته القوات الإسرائيلية ميدانيًا ويفصل مناطق انتشارها عن بقية القطاع، مشيرًا إلى أن هذا يعني أن إسرائيل تسيطر على نحو 60% من مساحة غزة، فيما تبقى المناطق الأخرى تحت سيطرة مجموعات متعددة، بعضها يتبع الحركة، وأخرى تقاتلها بدعم ميداني من الجيش الإسرائيلي. وذكر أن غالبية سكان القطاع يعيشون خارج مناطق السيطرة الإسرائيلية المباشرة، فيما تستمر تحركات الهجرة اليومية بشكل هادئ، لافتًا إلى أن هذه المعطيات "تؤكد ما تمر به الخارطة السكانية للقطاع من تغيير تدريجي غير معلن". وأضاف أن مصادر صحفية أمريكية أعلنت قبل ساعات إعفاء توني بلير من عضوية "مجلس السلام لغزة" الذي أُعلن عنه في البيت الأبيض برئاسة ترمب، دون الكشف عن الأسباب، مرجحًا - وفق النظامي - أن يكون ذلك نتيجة تدخل دولة خليجية كبرى تحظى بعلاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية، خاصة بعد اجتماع قيادات خليجية أمس وتوقيع اتفاقيات أمنية ودفاعية مشتركة.
وأوضح أن مبعوث الرئيس الأمريكي أجرى خلال الأيام الأخيرة جولة في عدد من العواصم العربية بهدف استكمال ترتيبات المرحلة الثانية في غزة، إضافة إلى ملفات أخرى تتم مناقشتها بعيدًا عن الإعلام. واستطرد النظامي قائلًا إن نتنياهو أعرب قبل ساعات عن تحفظات واضحة على ما يخطط له ترمب بشأن غزة، وهو ما يعكس وجود تباينات بين الرؤية الأمريكية والإسرائيلية حول ما بعد الحرب، رغم التنسيق القائم بين الطرفين. واختتم النظامي بالقول إن "الدبلوماسية الأمريكية تنشط الآن بشكل غير مسبوق لترتيب مستقبل غزة، في وقت تبقى فيه ملفات أخرى أكبر قيد الطبخ السياسي"، مضيفًا أن ملامح هذه الترتيبات ستبدأ بالظهور بعد تاريخ 20 من الشهر الحالي، وسط مشهد إقليمي يغلي، واستعدادات إسرائيلية متواصلة للحرب، يتضح ذلك من خلال رفع ميزانية وزارة الدفاع إلى أعلى مستوى في تاريخها، واستمرار الجسر الجوي الضخم الذي يمد إسرائيل بالسلاح والذخائر أسبوعيًا.
تقرير خطير... ما يُطبخ لغزّة أخطر مما يُعلن