أخبار البلد -
اخبار البلد
بالنظر إلى الازمة المالية العميقة, هناك إجراءات ضرورية لم يعد ممكنا تأجليها, وعلى رأسها التعديلات على القانون المؤقت الحالي, النيوليبرالي, لضريبة الدخل والمبيعات. وهو مطلب رئيسي للحركة الوطنية الاجتماعية التي ترى أن الاداة الضريبية, هي أداة جوهرية في سياق سياسة اجتماعية لسدّ العجز في الموازنة العامة, وإعادة توزيع الثروة على المستوى الوطني.
يبدو لي أن القرار السياسي بهذا الاتجاه قد تبلور فعلا; إذ أدرجه رئيس الوزراء, فايز الطراونه, في رده على كتاب التكليف الملكي, كما صدرت عن مجلس النواب, إشارات مشجعة حول نية المجلس إقرار زيادات وإن تكن محدودة على الضريبة على أرباح قطاعات البنوك والتعدين والاتصالات. ومن جهتنا, فإننا نؤيد تعديلات أوسع وأعمق بحيث يتم وقف جميع التسهيلات والاعفاءات الممنوحة لكل القطاعات; ذلك أن التجربة بينت أن التسهيلات الضريبية لا تشكل حافزا للإستثمار, ولكنها تمثل هدية مجانية للرأسماليين الذين لن يستثمروا قرشا واحدا إذا لم يتيقنوا من تحقيق أرباح مجزية.
من المهم الان التوصل إلى نظام ضريبي متكامل ومتوافق مع الدستور, أي مبني على التصاعدية. وهو ما يقتضي (1) ترتيب سلّم ضريبي على أرباح الشركات يبدأ من الزراعة فالصناعة فالتجارة فالخدمات ... الخ وصولا إلى البنوك, (2) وترتيب سلّم ضريبي على دخل الافراد, بصورة جريئة, من 5 إلى 50 بالمئة بالنسبة للدخل الذي يزيد على 24 ألفا في العام, ذلك أن عشرات الالاف من كبار الاطباء والمهندسين والمحامين والمحاسبين والمهنيين والتجار والوسطاء و"المستثمرين" في البورصة وتجار العقارات ... الخ يحصدون دخلا بمئات الالاف, بل والملايين, سنويا, من دون أن يسددوا لا حقوق الخزينة ولا حقوق المجتمع. ولا بد أن يدرك هؤلاء, أخيرا, أنهم لا يعيشون في فندق في منطقة حرة, بل في وطن وفي دولة.
من غير المعقول ولا المقبول أن يحقق المضاربون في السوق المالية والعقارية, أرباحا متراكمة خيالية من دون أن يكونوا ملزمين بدفع أي تكليف ضريبي. وما يُقال عن تلافي التكرار الضريبي بين أرباح الشركات وأرباح المساهمين, مجرّد خرافة, فالاولى أرباح والثانية دخل فردي ينبغي أن يخضع للضريبة أيضا. وبالنسبة للأرباح الناجمة عن ارتفاع أسعار الاراضي والعقارات, فهي لم تهبط من السماء, بل نجمت عمّا تبذله الخزينة من أموال في إنشاء وتحسين وصيانة البنى التحتية والخدمات, وكذلك, في الانفاق على الامن والامن الاجتماعي. وينبغي إيجاد آلية اضافة إلى رسوم الطابو لتحصيل حقوق الخزينة من الربح العقاري.
ولا يكتمل النظام الضريبي الدستوري الا بترتيب سلّم تصاعدي للضريبة العامة على المبيعات, يبدأ من صفر على سلع سلة الغذاء ويرتفع صعودا على السلع الاخرى الكمالية من الاغذية الفاخرة حتى السيارات ذات الدفع الرباعي حتى مواد البناء الفاخرة ... الخ
إذا كان النظام الاقتصادي القائم يمنح البرجوازيين الحق في الربح, والحق في الانفاق الترفي, فإن من حق الخزينة والمجتمع أن يأخذا حصتيهما كاملة في الحالتين.
فليكن نظاما ضريبيا متشددا إلى الحد القصى; وسيجد الدعم السياسي من الحركة الوطنية والحراك الشعبي, أما المعترضون فليشربوا من مياه بحر العقبة شاطئ تالابيه!.