كلما مرّت شائعة على لسان، تلتها أخرى في مجموعة «واتساب»، ثم ثالثة على منشور فيسبوكي لا مصدر له تكبر الفوضى، ويصغر الفرق بين الحقيقة والإدعاء. عند هذه النقطة بالضبط، قرّر مجموعة من طلبة الإعلام في جامعة الخوارزمي أن يتدخلوا: لا بالصمت، بل بصوتٍ واضح يقول بكل ثقة: «لا تهبد!- شارك الحقيقة - مش الاشاعة».
هكذا وُلدت الحملة. فكرة تحوّلت إلى رسالة، ورسالة تطوّرت إلى مشروع إعلامي ميداني، يسعى إلى فلترة المشهد العام من كل ما هو مفبرك أو غير دقيق، وإعادة ترتيب العلاقة بين الناس والمعلومة. من قلب الحدث ومن رحم التعليقات الغريبة، والمشاركات المفخخة.
الحملة اطلقت بإشراف الدكتور مالك العزة، ونهض فريق من الطلبة بشغفهم وأدواتهم، ليكونوا جسرًا يصل المجتمع بمصادر المعلومات الرسمية، ومرآة تعكس الواقع كما هو، بلا تضخيم، بلا تهويل، وبلا «هبد».
فالحقيقة ام الحاجات و «لا تهبد» ليست حملة مؤقتة، بل بداية جديدة لفهم الإعلام كأداة بناء لا هدم، كوسيلة تنوير لا تشويش. والمعلومة الدقيقة لم تعد رفاهية، بل ضرورة تفرضها كثافة ما يُنشر ويُتداول يوميًا.
إنها محاولة صادقة لصناعة وعي جديد، يبدأ من الجامعة ولا ينتهي عند حدودها، يتخطى الحملة ليصير أسلوب تفكير وأسلوب حياة.
لماذا «لا تهبد»؟
بحسب اصحاب الرسالة والمبادرة فالاهمية اليوم هي منبثقة من أن الإعلام ليس مجرد نقل، بل مسؤولية. ولأن الإشاعة حين تمر من شخص لآخر، تترك أثرًا ربما لا يُمحى. ولأن الناس تستحق أن تقرأ الحقيقة، لا نسخًا مهزوزة منها.
وتهدف الحملة إلى تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار، وتشجيع الأفراد على التفكير النقدي، والعودة إلى المصادر المعتمدة قبل مشاركة أي معلومة. بأسلوب بسيط، بلغة قريبة، ومحتوى بصري جذاب، يعيد فريق «لا تهبد» تعريف الخبر الصادق، ويرسم حدودًا واضحة بين الواقع والتزييف.
وللاجابة اكثر على هذا السؤال ، قال مهند حمدان من مؤسسي المبادرة ان التحولات الرقمية المتسارعة، جعلت للمعلومة سلطة تفوق التوقعات، وبات كل فرد يمتلك منصة إعلامية قد تؤثر في الرأي العام بشكل مباشر أو غير مباشر. ومع هذا الواقع، تتزايد الحاجة إلى التمييز بين المعلومة الدقيقة والشائعة المضللة، بين الخبر اليقين والتأويل غير الموثق. من هنا، تنطلق حملة «لا تهبد، شارك الحقيقة» كمبادرة توعوية تدعو الإعلاميين، والمؤثرين، والجهات ذات التأثير المجتمعي إلى المشاركة الفعالة في تعزيز ثقافة التحقق والمسؤولية الإعلامية.
وعن مشاركة اعلاميين في الحملة قال « إن دوركم اليوم لم يعد يقتصر على نقل الأخبار أو التفاعل مع ما يُنشر، بل أصبحتم خط الدفاع الأول في مواجهة التضليل والمعلومات المفبركة. فكل منشور، تغريدة، أو مقطع يتم تداوله دون تدقيق، قد يسهم في زعزعة الثقة، وبث القلق، أو حتى نشر الكراهية. لذلك، توجهت الحملة كل من يملك منبراً أو جمهوراً وطلبت منهم تبني مبدأ «استقصِ قبل أن تنشر»، وطرح السؤالين الجوهريين: من أين أتى هذا الخبر؟ ولماذا يُنشر الآن؟
وأضاف «ان مشاركة اصحاب الرسالة من اعلاميين لهم مصداقيتهم امام الناس في هذه الحملة ليست فقط دعماً لقيم الشفافية والمصداقية، بل هي أيضاً تعبير عن التزام مهني وأخلاقي، يضع مصلحة المجتمع فوق الإثارة الزائفة أو السبق غير الموثق.
وبين حمدان ان الهدف هو ايجاد بيئة إعلامية ناضجة، قائمة على الفهم الواعي، والمعلومة المسؤولة، والمشاركة التي تعزز الحقيقة لا تهدمها.
الأسماء خلف المبادرة
من داخل القاعات وخارجها، اجتمع طلبة الإعلام الذين آمنوا أن الحقيقة لا تُنتظر، بل تُصنع. ومن بينهم: مهند حمدان، عبد الستار الشنيكات، سهى عبوره، منير حماد، ملك شامي، محمد الرجوب، عامر بركة، محمد محيسن، زياد الفار، محمد الكردي، محمد زيتون، أمل الشايب، أكرم كباس، فادي الإسكندراني، محمد صالح، مصطفى مجاهد، نادين دباس، نضال علي، سارة بني هاني، سارة المجالي، ويونس هباهبة.
كل اسمٍ منهم أضاف قطعة في هذا المشروع، سواء عبر كتابة محتوى، أو إعداد تقارير، أو تحرير فيديوهات توعوية، أو ببساطة عبر نشر الوعي داخل محيطه الشخصي.