لطالما ارتبط الرقص الشرقي لعقود طويلة بالنساء، كأحد الفنون التعبيرية التقليدية العريقة، إلا أن التحولات الجذرية التي شهدها هذا النوع من الفن في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها تحطيم القوالب النمطية وتقاليد المجتمع من خلال اقتحام الرجال لهذا المجال، أحدثت جدلًا واسعًا.
وعقب انتشار راقصين لبنانيين من الرجال عبر منصات التواصل الاجتماعي، اعتُبرت هذه الظاهرة رحلة نحو تحدي التقاليد المجتمعية، بغرض تدريب الناس على الرقص الشرقي وكسب المال من مهنة لا تزال غير مألوفة تمامًا للرجال في المجتمعات العربية.
رحلة فنية غريبة
وجددت قصة الشاب اللبناني إيليا سعد مع الرقص الشرقي الجدل حول انطلاق ومواصلة هذه الرحلة الفنية الغريبة، التي كسرت القوالب المجتمعية والفنية الثابتة منذ عقود طويلة، من لبنان.
وكان مدرب الرقص اللبناني الشهير بيار حداد، أوضح في حديث سابق لـ "إرم نيوز" في أغسطس/آب 2024، مدى تأثير الثقافة والمجتمع على قرار الرجل ممارسة الرقص الشرقي، وتحديات عمله في هذا المجال، ومدى تقبل المجتمع لرقص الرجال.
وفي تصريحات مرئية للصحافة اللبنانية، أكد مدرب الرقص إيليا سعد أنه لم يغيّر من هويته لدخول مجال الرقص، مشيرًا إلى كونه رجلًا لم يلجأ إلى تقمّص أي صفة أخرى لإيصال رسالته الفنية، على حد قوله.
شغف داخلي
وأضاف: "لديّ شغف داخلي بالرقص الشرقي، بالرغم من التحديات التي أواجهها".
وأشار إلى أن "بداية توجهه نحو الرقص الشرقي كانت في عمر الـ13، من خلال إجراء التمارين بمفرده، دون أن يعرف سبب انجذابه لهذا العالم الفني آنذاك، إلى أن قرر لاحقًا خوض معترك التدريب وتقديم الاستعراضات بانغماس في الموسيقى"، وفق تعبيره.
وأوضح سعد أنه يرقص حاليًا في 14 ناديًا في لبنان، منوّهًا إلى أنه يقدم استعراضات في دول خارج لبنان أيضًا، معبرًا عن امتنانه لوصوله إلى هذا المستوى من الاحترافية والشهرة في مجال الرقص الشرقي.
وذكر أنه لم يكن من السهل عليه كرجل لبناني عربي أن يمتهن تدريب الرقص الشرقي وتقديم الاستعراضات، لافتًا إلى أن المقربين منه نصحوه بعدم دخول هذا المجال، تجنّبًا للتعليقات السلبية والتأثير النفسي، بسبب الأحكام المسبقة على هذا الفن باعتباره حكرًا على النساء، على حد تعبيره.
من المطبخ للمسرح
وأوضح أنه امتهن الطبخ، حيث عمل "شيفًا" في مطار بيروت الدولي لمدة 12 عامًا، قائلًا إن هذه المعلومة لم يكن أحد يعرفها سابقًا، ومؤكدًا أنه ترك مهنة الطبخ والعمل في المطار قبل عامين.
وأكد أن اجتهاده في العمل في مجالين بوقت واحد، وتحقيقه النجاح في كليهما دون الالتفات إلى الآراء والتعليقات السلبية، جعله يشعر بالفخر، إذ ظل يعمل 12 عامًا لنحو 20 ساعة يوميًا بين الطبخ وتدريب الرقص في آنٍ واحد.