منذ نشأة الكون والإنسان يبحث عن الأمان والإستقرار، ومع تطور التكنولوجيا والتسارع في أحداث الحياة أصبح الوصول لها أكثر تعقيدًا، فازدادت الضغوط الواقعة على الفرد من مواكبة التقدم إلى الظروف المعيشية والحاجات الإنسانية والاجتماعية، مما ينعكس حتمًا على شعور الفرد بالتوتر والقلق والإجهاد وقدرته على مواجهة المواقف المختلفة والذي يعطل من إمكانية التكيف ويجعله قاصرًا عن متابعة حياته بشكل اعتيادي.
اليوم تختلف استجاباتنا كأفراد للضغوط باختلاف أنواعها وتكرارها وقدرتها على استثارة الأجهزة الحيوية في الجسم كزيادة ضربات القلب، ودرجة التنفس، والتعرق، وجفاف الفم، وتحفيز الغدد الصماء، واستثارة الجهاز العصبي المركزي.
مع ذلك فإن الضغط النفسي بحد ذاته لا يعتبر مرضًا، والإحساس به ليس مؤشر ضعف، ولكنه ظاهرة فسيولوجية طبيعية هدفها حث الجسم لتسهيل التأقلم مع المحيط والواقع، سواء أكانت هذه الضغوط إيجابية أم سلبية، حادة أو طويلة المدى أو ضغوطًا ذاتية وضغوط الحياة المعاصرة المتعارف عليها في كافة المجتمعات على اختلافها من ضغوط المواصلات إلى ضغوط العمل والحياة الزوجية والأعباء المالية والاهتمام بالأطفال.
بناء على ما سبق تعد الضغوط النفسية جزءًا أصيلًا من حياة الأفراد على اختلاف الثقافات والمجتمعات، ويبدو أن التأثيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية لها أثر كبير في تغيير نمط حياة الأفراد والإصابة بأمراض متعددة كالسكتة الدماغية، هذا ما أكدته الكثير من الدراسات والأبحاث في أن الضغوط النفسية تؤدي إلى الإجهاد والأمراض الجسمية كارتفاع ضغط الدم، ونسبة السكر في الدم مما يؤول فيما بعد إلى السكتة الدماغية خاصة لدى الأشخاص الذين يمتلكون استجابة الشد تجاه مواقف الضغط عند تعرضهم للمشكلات المختلفة فهم ذوو فرصة أكبر لتطوير حالات مرضية مقارنة بالأشخاص الذين لا يبدون هذه الاستجابة، بمعنى أن الضغط النفسي المتكرر والشديد يزيد من احتمالية التعرض لتدني وصول جريان الدم إلى الدماغ ( السكتة الدماغية ) والتي يتبعها مجموعة من الأعراض لا تقتصر على الصحة الجسدية إنما الصحة النفسية أيضًا ففقدان احساس الفرد بأطرافه والضعف البصري، والصعوبة في الكلام، وفقدان مهارات التواصل، والتشنج، والتعب العام، وصعوبة اللفظ والقراءة والكتابة، لا بد أن يتبعها حالة من القلق والإحباط والحزن والاكتئاب والتقلبات المزاجية، وعدم القدرة على التركيز والتنظيم واتخاذ القرار وتشتت الانتباه، و ظهور سلوكيات أكثر عدوانية.
تظهر هذه الأعراض النفسية جليةً بعد الإصابة بالسكتة الدماغية نتيجة التغيرات التي حدثت في كيمياء الدماغ، والضغط على الأنسجة الدماغية، والإعاقة الجسدية وفقدان الاستقلالية، والحاجة إلى الاعتماد على الآخرين وفقدان مصادر الدخل أو الوظيفة.
نوصي اليوم بضرورة الاهتمام بوضع برامج تأهيلية دامجة تساعد هذه الفئة ليصبحوا نافعين لأنفسهم وأسرهم ، وعمل برامج تثقيفية توعوية وإرشادية لتحسين الصحة العقلية والوظيفية بعد السكتة الدماغية، وتدريب الأسرة على كيفية تقديم الدعم والمساندة في مناخ نفسي اجتماعي إيجابي من خلال تعلم سلوكيات كيفية التعامل مع هؤلاء المرضى تحديدًا.