أخبار البلد - شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا تصعيدًا جديدًا بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم السبت، فتح تحقيق رسمي حول ما إذا كانت واردات الأخشاب تشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي، وهي خطوة من شأنها زيادة التوترات بين البلدين، خاصة أن كندا تعد المصدر الأكبر للأخشاب إلى الولايات المتحدة.
وأمر ترامب وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك بإجراء التحقيق الذي قد يسفر عن فرض تعرفات جمركية على الواردات الكندية من الأخشاب. ورغم أن البيت الأبيض رفض تحديد الإطار الزمني لهذا التحقيق، إلا أن مصادر رسمية أكدت أن الرئيس وقّع مذكرة تنفيذية لبدء الإجراءات، مرفقة بوثيقة أخرى تهدف إلى زيادة المعروض من الأخشاب في الأسواق الأميركية للحيلولة دون ارتفاع الأسعار.
النزاع حول الأخشاب قديم ولعقود، كانت تجارة الأخشاب نقطة خلافية بين الولايات المتحدة وكندا، إذ عمد كل من البلدين إلى فرض تعرفات جمركية واتخاذ إجراءات حمائية لدعم صناعاتهما المحلية. وتفاقمت هذه النزاعات التجارية في ظل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) وأمام منظمة التجارة العالمية، حيث تبادلت الدولتان الاتهامات بشأن شرعية تلك الإجراءات الحمائية.
وفي عام 2021، زودت كندا الولايات المتحدة بما تصل قيمته إلى 28 مليار دولار من الأخشاب، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف إجمالي واردات الولايات المتحدة من هذه المادة، وفقًا لبيانات لجنة التجارة الدولية الأميركية. وتأتي الصين والبرازيل والمكسيك في المراتب التالية مصدرين للأخشاب للولايات المتحدة، ولكن بفارق كبير عن كندا. وفي المقابل، صدّرت الولايات المتحدة ما تقارب قيمته عشرة مليارات دولار من الأخشاب إلى كندا، إلى جانب 6.5 مليارات دولار إلى المكسيك في العام نفسه.
وتقول جريدة نيويورك تايمز إنه من المتوقع أن يزيد التحقيق الأميركي من حدة الغضب في كندا، حيث بدأ بعض مواطنيها بالفعل في الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الأميركية ردًا على خطط ترامب لفرض تعرفات جمركية على جميع الواردات الكندية، وهي إجراءات مشابهة لتلك التي ينوي فرضها على المكسيك عقوبةً على ما يراه تقصيرًا في منع تدفق المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة.
وكان من بين المبررات التي ساقها البيت الأبيض لهذا التحقيق رغبة الرئيس الأميركي أن تكون صناعة الأخشاب الأميركية مكتفية ذاتيًا نظرًا إلى الموارد الطبيعية المتاحة في البلاد، إلا أن التدفقات الكبيرة للأخشاب المستوردة، خاصة من دول حليفة مثل كندا وألمانيا والبرازيل، قد أضرت بمصانع الأخشاب المحلية، حسب ما قال المستشار التجاري للرئيس بيتر نافارو. وأضاف نافارو أن "السياسات الكارثية المتعلقة بالأخشاب ترفع من تكاليف البناء والإسكان وتؤدي إلى عجز تجاري كبير نتيجة لإغراق السوق الأميركية بالمنتجات الرخيصة".
وفي حين أن فرض تعرفات جمركية على الأخشاب قد يزيد من أسعار المواد المستوردة، فإنه قد يؤثر سلبًا على صناعات أخرى تعتمد عليها، مثل قطاع البناء وصناعة الأثاث والمطابخ. ويواجه التحقيق أيضاً تساؤلات حول مدى ارتباط واردات الأخشاب بالأمن القومي، خاصة أن مثل هذه التحقيقات كانت تُجرى سابقًا على صناعات المعادن مثل الصلب والألومنيوم والنحاس، وهي مواد تُستخدم مباشرة في صناعة الطائرات والسفن والأسلحة العسكرية، بينما يظل دور الأخشاب في هذا الإطار أقل وضوحًا.
وعندما سئل أحد المسؤولين في البيت الأبيض عن مبررات هذا التحقيق، أجاب بأن "الجيش الأميركي يعد أحد أكبر المستهلكين للأخشاب"، وهو ما يعكس رؤية الإدارة الأميركية الحالية لملف الأمن القومي بوصفه مبررًا محتملاً لاتخاذ إجراءات اقتصادية صارمة.
حرب قد تندلع بين الولايات المتحدة وكندا بسبب الأخشاب
