الناقل الوطني.. الكلفة المتوقعة للمياه

الناقل الوطني.. الكلفة المتوقعة للمياه
جواد عباسي
أخبار البلد -  
في مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل مياه البحر الأحمر بكمية 300 مليون متر مكعب سنويا وقعت الحكومة "عقدا مبدئيا" في 12 كانون الثاني 2025 مع تحالف المستثمرين بقيادة شركتي ميريديام وسويز ويجري العمل حاليا على استكمال الاتفاق على 15 ملحقا خلال 60 يوما، وتتضمن تعديلات فنية ومالية لضمان جاهزية التنفيذ. وبحسب تصريحات لمدير وحدة إدارة مشروع الناقل الوطني بوزارة المياه والري، السيد صدام خليفات لقناة المملكة فإن الكلفة المتوقعة للمشروع تقدر بـ4 مليارات دينار، وحتى تاريخه، جرى تأمين 816 مليون دولار كمساهمة وزارة المياه والري.
ويشمل التمويل منحا من الولايات المتحدة (300 مليون دولار)، وقرضا من مؤسسة التمويل الأميركية (DFC) بقيمة مليار دولار، إضافة إلى منح من الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، وهولندا، وإيطاليا، وفرنسا.
وبحسب تصريحات رسمية حكومية فإن تحديد سعر المتر المكعب من المياه ما يزال قيد الدراسة، إذ يعتمد على متغيرات تشمل كلفة التشغيل والصيانة، والبنية التحتية، ومن المتوقع أن تحدد مرحلة الغلق المالي التكلفة النهائية للمشروع، مع استمرار المفاوضات لتأمين مزيد من المنح لتخفيف الأعباء المالية.
أحاول في هذا المقال تقدير كلفة متر المياه المكعب في الناقل الوطني. نستطيع مثلا توقع الكلفة عبر حساب كلفة التمويل بهذه الفرضيات: من الأربعة مليارات دينار لنفترض مليارا كاملا منحا ومساعدات. ويتبقى ثلاثة مليارات دينار أردني منها مليار دينار تمويل من الحكومة طبعا ستأتي من ديون جديدة على الحكومة ومليارا دينار من المطور نفترض نصفهم ديون ونصفهم رأسمال.
كلفة الدين الحكومي الأردني تعادل سعر الفائدة على السندات الحكومية الدولارية وهي حاليا حوالي 7 % سنويا.
ولنفرض نفس النسبة للمستثمر: 7 % على مليار من الديون ونفترض نسبة عائد على رأسمال المستثمر 15 % وهو مليار دينار.
وعليه سيكون المعدل المرجح لكلفة التمويل WACC حوالي 11 %، أي أن المستثمر سيطلب إيرادا صافيا بعد كل الكلف التشغيلية بالحد الأدنى 220 مليون دينار ليكون المشروع مجديا له، يضاف إليه 70 مليونا سنويا كلفة الدين الحكومية على المليار من الحكومة وعليه تكون الكلفة 290 مليون دينار سنويا بدون حساب الكلف التشغيلية السنوية. أي 96 قرشا لكل متر مكعب قبل الكلف التشغيلية من طاقة ورواتب وغيرها.
ممكن كذلك المقارنة مع خط الديسي: هذا الخط الذي ينقل 100 مليون متر مكعب سنويا من حوض الديسي وبدون محطة تحلية كان قد كلف حوالي 800 مليون دينار لإنشائه أي أن الكلفة الرأسمالية لقدرة الخط هي 8 دنانير لكل متر مكعب سعة.
وتدفع الحكومة للمشغل حوالي 90 قرشا لكل متر مكعب من المياه عبر خط الديسي.
في الناقل الوطني تتوقع الحكومة كلفة اجمالية 4 مليارات دينار لتحلية ونقل 300 مليون متر مكعب سنويا، أي أن الكلفة الرأسمالية حوالي 13 دينارا لكل متر مكعب سعة، ولأن المشروع فيه نظام تحلية المياه فإن الكلفة التشغيلية ستكون أعلى من كلف الديسي بسبب الحاجة لطاقة أكبر.
بالمقارنة مع الديسي فإن الكلفة الرأسمالية لكل متر مكعب من السعة السنوية أعلى بحوالي 60 % وعليه لربما تكون كلفة المتر المكعب من الناقل الوطني أعلى من الديسي بهذه النسبة بحيث تكون كلفة المتر المكعب بين 140 الى 150 قرشا لكل متر مكعب شاملا كل الكلف التسغيلية. أي أكثر من 400 مليون دينار سنويا.
يذكر أن المشروع لم يتقدم له الا ائتلاف شركات واحد بينما عزفت شركات عديدة عن التقدم له بسبب الشرط الحكومي أن يكون مشروع التحلية وخط النقل مشروعا واحدا متكاملا. فيما ردت بعض الشركات المهتمة بأن الأفضل أن يتم على مشروعين منفصلين: مشروع التحلية ليستقطب الشركات ذات الخبرة العالية بمشاريع التحلية ومشروع النقل للشركات ذات الخبرة العالية بمشاريع نقل المياه بدون إجبار الشركات على التقدم لمشاريع لا خبرة كبيرة لهم فيها.
من المهم للغاية أن تعلم الحكومة كلفة مياه الناقل الوطني وأن تفصح عنها قبل التوقيع النهائي للمشروع ليتم مناقشته وطنيا، ولأننا ما نزال "على البر" أدعو إلى التدبر والتفكير مليا بهذه النقاط التالية:
- ضمان المنافسة مهم لتقليل الكلفة. ووجود متقدم واحد فقط للمشروع وعدم تقديم باقي الشركات المدعوة لعروض يدعو إلى إعادة هيكلة العطاء بحيث يتقدم له أكثر من شركة لضمان القيمة والسعر الأمثل، وربما هنا يجب فصل المشروع إلى مشروعين: تحلية ونقل لضمان تقدم العديد من الشركات لهما، وكذلك لا ضير من بحث أن يكون مشروع النقل بالذات مشروعا حكوميا لا مشروع BOT بحيث يكون ملكا للحكومة منذ البداية وهذا سيوفر بعضا من الكلفة، فهو عمليا محطات ضح ومواسير ولا توجد به تقنيات تحتاج خبرات عالية مثل محطات التحلية.
- فاقد المياه في الأردن يبلغ النصف تماما، وعلى فرض أن الحكومة استطاعت أن تخفف فاقد المياه إلى 25 % مع بدء ضخ مياه مشروع الناقل الوطني هذا يعني أن المشروع سينتج 300 مليون متر مكعب سنويا بكلفة تقارب 400 مليون دينار سنويا ولن تتم فوترة إلا حوالي 225 مليون متر مكعب سنويا بسبب الفاقد. ولهذا سيصير لزاما على الحكومة تسعير متر المياه من الناقل الوطني بأكثر من 170 قرشا لكل متر مكعب. أو تسعيره بمعدل ما يدفعه الأردنيون حاليا للمياه (70 قرشا للمتر) مما يعني تحصيل 160 مليون دينار ثمنا للمياه وزيادة ديون سلطة المياه 140 مليون دينار سنويا.
- من منظور النمو والتحفيز الاقتصادي فإن مشروعا كبيرا كالناقل الوطني سيحفز النمو الاقنصادي اثناء فترة البناء كونه سيخلق فرص عمل ويشغل العديد من شركات المقاولات ويزيد الطلب على المواد الانشائية، لكن بعد تشغيله فإن الكلفة العالية للمياه ستكون مثبطة للنمو كونها ستزيد من كلفة فاتورة المياه على الأردنيين وبالتالي تقلل من صرفهم في نواح أخرى من الاقتصاد بالإضافة إلى زيادة الديون الحكومية لدعم كلفة المياه ان ارادت الحكومة عدم تسعير المياه بالكلفة الحقيقية.
الكلفة على أربعة مليارات من الدنانير عالية جدا، وسيأتي من يقول ما البديل؟ وردي دوما هو التفكير خارج صندوق هيكل الاقتصاد السياسي الأردني الذي يفضل الهروب إلى الأمام ويتفادى الحلول الجذرية والتي تشمل عددا من الإجراءات المتزامنة منها على سبيل المثال لا الحصر:
- النظر لواقع القطاع الزراعي والتوقف عن دعم التصدير للزراعات المروية التي لا يوجد فيها أي قيمة اقتصادية مضافة بل على العكس تؤثر سلبا على نمو الاقتصاد الأردني. ووقف الحوافز والحمايات التي تشجع على استخدام مياه الري في غير الزراعات الأساسية للامن الغذائي الأردني.
- الضرب بيد من حديد على كل سرقات المياه من الخطوط الرئيسية وتنسيق كشفها عبر جهد امني ممنهج حيث تشكل السرقات 70 % من الفاقد، ونذكر هنا أن تقارير شركة مياهنا الرسمية تقول إن مياه الشرب المسروقة في محافظات عمان والزرقاء والبلقاء ومادبا وحدها تصل إلى 100 مليون متر مكعب سنويا. أي ان ما يسرق في أربع محافظات هو بمقدار طاقة خط الديسي كاملا!
- بلدنا بلد ماطر وتقع معظم مساكنه في مناطق الهطول المطري. وبلدياتنا لا تفعل شيئا في موضوع الحصاد المطري وتكتفي بالتنبيه على وضع مزاريب مياه المطر لتصرف في الشارع بدلا من مخالفة ربطها على المجاري، لذلك فإن تمويل مبادرات وطنية لتحويل مزاريب المطر إلى تنكات تجميع مياه للمطر تستخدم أولا بأول للشطف وغسيل السيارات وتنظيف المراحيض ستجعل من كل المدن الأردنية خزانات هائلة لمياه المطر، ففي أي موسم مطري في عمان أو إربد مثلا ينزل على كل 100 متر مربع من الاسطح ما معدله 40 مترا مكعبا من المياه، يمكن حصاد جزء كبير منها بكل سهولة وبكلفة لا تتعدى كلفة تحويل مزراب المطر إلى تنكات بلاستيكية حول البناية أو في مواقف التسوية بحيث تخف فيضانات الشوارع وفيضانات أنظمة الصرف الصحي وتزيد الرقعة الخضراء وبدون صرف طاقة كبيرة للتحلية والضخ، تقديرا فإن منازل الأردن قد تحصد أكثر من 50 مليون متر مكعب سنويا من مياه المطر بدون أي كلف تشغيلية سنوية.
أخيرا اتمنى أن تكون كل الفرضيات أعلاه خاطئة وان نتفاجأ بكلفة مياه مشروع الناقل الوطني اقل من 70 قرشا للمتر المكعب، هذا سيكون مثاليا للأردن ويجعل المشروع كله فوائد للأردن.
شريط الأخبار أب يقتل أطفاله الثلاثة بسبب خلافات أسرية الحكومة تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة انحسار تدريجي للحرارة.. وتحذيرات من الغبار الحوثيون يعلنون عن خيارات تصعيدية جديدة ردا على ما يجري في غزة من حرب إبادة وتجويع ماجد غوشة: تعديلات نظام الأبنية خطوة في الاتجاه الصحيح وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في المناطق خارج التنظيم مجلس نقابة الصحفيين يعلن بدء دراسة جدوى لإنشاء شركة للدعاية والإعلان الموافقة على تحويل "الوطنية العربية للتعدين" لشركة مساهمة عامة هام من "الترخيص والمركبات" حول قرار لوحات السيارات الحكومية الخطيب: قرار تخصيص عوائد بيع الأرقام المميزة لصندوق الطالب سيزيد أعداد الطلبة المشمولين نظام جديد يضبط تطبيقات النقل الذكية في الأردن قريبًا 18 ألف جندي إسرائيلي مصاب منذ 7 أكتوبر... و100 ألف بحلول 2028 مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 13 في عمليات للمقاومة برفح وخان يونس هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد الأردن 45 عالميًا والثاني عربيا في مؤشر التعقيد الاقتصادي تجارة عمان: توجه لإطلاق سلسلة فعاليات خاصة بالمغتربين الأردنيين 535 مليون دولار أرباح "البنك العربي" في نصف 2025 88 شهيدًا و374 إصابة بمجازر إسرائيلية في قطاع غزة خلال 24 ساعة الاحتلال يقرر ابعاد خطيب الاقصى أمانة عمان تباشر بالمرحلة الثالثة من مشروع تطوير منطقة المحطة الافتتاح الرسمي للمرحلة الأولى من مشروع النقل بين عمان والمحافظات لخطي السلط والكرك الخميس