لا نحتاج للتعمق كثيراً في كتاب Return To Mecca للكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2012، الغلاف بحد ذاته قصة، ويحتوي على صورة للحرم المكي تتوسطه الكعبة ويعلوه رمز التفليين اليهودي ( رمز اليهودية ).
الكتاب يدعوا إلى احلال النفوذ اليهودي محل الوجود الإسلامي في مكة والمدينة! والى اعادة رسم حدود جديدة لإسرائيل انطلاقاً من مبدأ استعادة أرضي بني إسرائيل (أرض الميعاد) باعتبارها جغرافيا داخلة ضمن حدود مملكة داود! وجزءاً لا يتجزأ من إسرائيل الكبرى الممنوحة من من الرب لبني إسرائيل كما ذكرت التوارة في سفر (يشعوبن نون)! وهي الوطن التاريخيّ لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغيير.
يقول مؤلف الكتاب: علينا غزو جزيرة العرب واحتلال الحجاز وتبوك! وهدم الكعبة والتي هي أهم لنا من هدم الأقصى وبناء الهيكل! ولنا الحق في إرث جدنا أبراهيم.
قد يُصاب البعض بالذهول؛ ما أكتبه ليس من نسج الخيال! فما نخاف منه هو ان نجد أنفسنا أمام تهديد عام موجود في كل مكان! بعد ان أصبحت غالبية الأنظمة العربية في حضن إسرائيل! فما كان صعباً بات الان ممكناً! ولا إستحالة لأي شيء، خصوصاً بعد ما تشابكت الجغرافيا مع السياسة بفضل مواقف الكثير من العرب الذين يتسابقون فيما بينهم لإثبات ولائهم لإسرائيل بطرق عدة.
الليالي من الزمان حُبلى تَلِدنَ كل عجيب وتستحق المراقبة وسط خنوع عربي لم يشهده التاريخ إلا في زمن البرابرة والتتار، وكل عربي يشاهد بأم عينيه سقوط احجار وطنه العربي! ويرى تصدع جدرانه الآيلة للسقوط.
بشكل عام يعيش العالم العربي هذه الأيام نشاطاً واسعاً في سوق بيع الأوطان! وينتقل من كارثة الى أخرى! كأنه خارج مزارع الموز، ولا نعلم من هي الدولة العربية التي تلو سوريا على اجندة المشروع الصهيوني!
إذعان واستسلام، أمة عربية منقسمة داخلياً ومهزومة نفسياً، وتحوُّلٌ سياسي عربي يمكن ان نطلق عليه عصر الرِّدة العربية! ومخاضات ستنتهي بظهور مولود جديد ستتغير معه تركيبة المنطقة وشكلها.
مولاة إسرائيل أصبحَ يتم الجهر بها علناً! واللعب بات على المكشوف ومن بابه الواسع، ومطالبة إسرائيل بخيبر ومناطق قينُقاع وبني النضير وبني قُريضة ليست نكتة، وهذا ما نبّه له مُبكراً المفكر العربي (عبدالوهاب المسيري) في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قال: قد نصل الى مرحلة يصبح فيها الإنسان العربي صهيونياً وظيفياً! يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها الصهيوني الأصلي!
بالتأكيد الطريق الى مكة بات مفتوحاً أمام اسرائيل! وكتاب العودة الى مكة يمثّل تطوراً لافتاً للأحلام الاسرائيلية في استعادة أرض الميعاد التي تحدثت عنها نصوص التوراة كما يقولون.
من منكم يتذكر العبارات التي قالتها رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة العرب عام 1967: إني أشم رائحة بلادي في الحجاز! وهي وطني الذي علي أن أستعيده! وبعهدها بسنوات طويلة جاء نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) وقال: طموحنا السياسي والجغرافي لا حدود له! وحدود دولتنا ليست فلسطين؛ بل تمتد إلى الأردن وحتى خيبر في السعودية! والى حيث توجد دباباتنا وأقدام جنودنا.
أضحكني فيديو تم نشره قبل حوالي أربع سنوات تقريباً للإعلامي الإسرائيلي طيب الذكر (إيدي كوهين) الذي تحدى فيه الحكام العرب جميعاً في أن يتجرأ احداً منهم على سحب سفرائهم من واشنطن اعتراضاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب وقتها بنقل سفارة أمريكا الى القدس!! والمضحك فيما قاله أنه سيعلن إسلامه أن حدث ذلك!!
دعوني أعود الى سؤال قديم: ما الفرق بين رؤية الرئيس القذافي قبل ثلاثين عاما ورؤية كل حكام العرب ؟ وإذا كان القذافي مجنوناً كما يقولون؟ فمن العاقل فينا! ومن المجنون؟
الكارثة قادمة! والحديث هنا بلا حرج، ولا نملك من أمرنا شيئاً! والمطلوب أن نُجيب على سؤال قديم لنزار قباني: متى يعلنون وفاة العرب؟ الجواب؛ الآن حان وفاة العرب!
فهل يفطن من يهمهم الأمر خطورة المنزلق؟