"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ

الأمريكي القبيح واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
أخبار البلد -  


سبعة وستون عاماً مضت على رواية "الأمريكي القبيح" التي كتبها كل من (ويليام يوليوس ليدر) و( يوجيني بورديك) في ذروة الحرب الباردة، والموجة المكارثية التي كمّمت الأفواه، ونشرت الرعب داخل الولايات المتحدة الأمريكية. الرواية سياسية بامتياز، ذلك أن مؤلفيها كانا منشغلين بالسياسة والعمل الدبلوماسي، وفي هذه الرواية الاستثنائية في زمانها ولا تزال، يتهم المؤلفان الساسة الأمريكيين بما فيهم السفراء بالذات، بالتكبر والجهل واحتقار الشعوب، وعدم فهمها أو التعاطف معها، وأن السياسة الأمريكية عموما تقدم صورة مشوهة عن الشعب الأمريكي الطيب والمتواضع – حسب الرواية طبعاً. أكثر من ذلك، فإن المؤلفين يعزوان ثورات الشعوب ضد أمريكا وكراهيتهم لها بسبب الجشع والطمع والغباء الذي يبديه السياسيون الأمريكيون تجاه هؤلاء. نشر هذا الكلام في العام 1958 ولكنه حتى هذه اللحظة لا يزال صحيحاً إلى حد بعيد، إن لم يكن قد تعمق وازداد وظهر بشكل أكثر قبحاً وبشاعة.


فقد رأينا سفير الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق يحمل فأسا؛ ليهدم جداراً تحت المسجد الأقصى، ورأينا وزراء أمريكيين ينفذون السياسات الإسرائيلية، ويزورون الحقائق ويشعلون الحرائق، ورأينا الدعم والتغطية والتمويل بالذخائر والمواقف والسرديات الإعلامية، وسمعنا التهديدات العلنية لمحكمة الجنايات الدولية، والتأييد الأعمى لإغلاق الأونروا؛ لتجويع ملايين الفلسطينيين وإفقارهم. لقد عرفنا معنى وطعم السياسة الأمريكية على جلودنا وفي حقولنا وعلى جدران منازلنا التي تهدمت وسويت بالأرض.


أما الرئيس ترامب فهو ذروة ذلك كله، فقد فتح النار على جميع الجهات تقريباً، فهو يريد من دول الخليج العربي أن تستثمر في بلاده بأكثر من 600 مليار دولار، وهو طلب يشبه الأمر أو أمر يشبه التهديد، وهو يطلب من إيران وقف برنامجها النووي، وإلا فإن إسرائيل جاهزة، وقد زودت بقنابل تزيد عن 200 رطل كافية لتفجير كل نفق تحت الأرض. ولا يكتفي ترامب بذلك، بل يهدد دول البريكس بعدم التفكير أو الإقدام على صك عملة جديدة للتعامل، وإلا فإنه سينهك اقتصاد المجموعة بضرائب تصل إلى 25 بالمئة، كما يريد الاستيلاء على جزيرة غرينلاند وقناة بنما وكندا، كما يريد أن ينظف أعداءه في الداخل الأمريكي عن طريق الإطاحة بالجهاز البيروقراطي، الذي يشكل حكومة موازية في الظل لها تأثير كبير على القرار الأمريكي، كما يريد الاستثمار في كارتلات الصناعة المستقبلية ضارباً بعرض الحائط الطبقة الوسطى والعمالية، وكأنه رئيس للأغنياء البيض فقط. ولا يكتفي بذلك، بل أنه وقع قرارات تخرج أمريكا من اتفاقيات دولية هامة مثل المناخ وغيرها، بمعنى آخر، فإن ترامب الذي يريد أن ينكفىء إلى الداخل من أجل الرفاهية والرخاء، ولا يكون ذلك إلا باستعداء الاخرين، وفرض الضرائب عليهم وإجبارهم على تقديم أموالهم دون مقابل. سياسة ترامب تقوم فعليا على مبدأ مونرو، وهو مبدأ استعماري يبيح لأمريكا أن تفعل كل ما يحلو لها من أجل مصالحها ونفوذها في كل منطقة في العالم، وخصوصا الأمريكيتين. ولكن ترامب لا يكتفي بهذا المبدأ بل يوسعه ليصل نفوذه إلى المريخ، نعم إلى المريخ، ذلك أن برنامج الفضاء الذي يُعِدّ له يفوق ما اقترحه الرئيس السابق ريغان، البرنامج الحالي يهدف، فيما يهدف، كما قال ترامب إلى الحد من التهديد الروسي والصيني، ولهذا فإن هذا البرنامج قد يصل إلى استعمار المريخ بحثاً عن القوة والنفوذ وربما الثروات، لا أحد يعرف. هذا جنون عظمة وغطرسة رأينا مثلها، إذ أن كل حاكم يتحدث عن النجوم يكون قد وصل إلى مرحلة متقدمة من الانفصال عن الواقع تماماً. فالإمبراطوريات التي تطمح لملامسة النجوم عادة ما تقع في حفر عميقة بلا قاع ولا نهاية.


أما فيما يتعلق بنا، نحن الشعب الفلسطيني، نحن الشعب الضعيف والمنسي، والذي يعادينا جبابرة العالم من سياسيين وصناعيين وإعلاميين وقانونيين، فإن ترامب يعتقد بقوة أنه يستطيع حل الصراع مع إسرائيل بتهجيرنا واستبدال دولتنا بامتيازات اقتصادية، وإجهاض أحلامنا بالحرية والكرامة والاستقلال، وتحويلنا إلى مجرد رعايا غير معرفين تحت كل كوكب. ترامب في مقترحاته يبدو ساذجاً إلى حد بعيد، وبالقدر الذي تدعونا هذه السذاجة إلى الضحك، بالقدر الذي تدعونا فيه إلى البكاء، إذ أن هذه السطحية تنم عن استسلام كامل للرؤية الاستعمارية الإسرائيلية التي ترى في التهجير حلاً حقيقيا للصراع الدائر منذ أكثر من مئة عام.


قبح السياسة الأمريكية وبشاعتها وسطحيتها تبلغ ذروتها في الكلام عن الفلسطينيين، باعتبارهم جماعة من الرّحل أو المستهلكين أو المستأجرين الذين يمكن لهم أن ينتقلوا من سوق إلى سوق، لمجرد أن السوق انخفض أو أن الخدمة في الفندق اختلفت. نحن لسنا "المستهلكين" حسب ثقافة الأمركة، ولا مجرد مستأجرين لعقار متهالك، بل نحن الفلسطينيون.. نحب هذه الأرض.. نحبها دون براهين، نحبها مثل ما نحب أمنا دون وثائق ولا أوراق.


أخيراً، إذا ما اعتقد ترامب أنه يستطيع إجبار الإقليم على قبول عرضه القبيح، فإن ذلك سيؤدي عاجلاً أو آجلا إلى هدم وإنهاء العلاقة مع إسرائيل، ببساطة: التهجير سيفجر التطبيع، وبهذا المفهوم فإن الأردن ومصر اللتين تشكلان التيار العريض للاعتدال العربي، والتسويات التاريخية، قد تجدان نفسيهما أمام خيارين كلاهما مر، ولكن أحدهما يضمن الكرامة والاستقلال والندية.

شريط الأخبار الأردن ودول عربية وإسلامية قلقون من تصريحات إسرائيلية بشأن معبر رفح الزراعة : مهرجان الزيتون الوطني خالٍ من غش الزيت.. ونثمّن جهود الأمن العام بتنظيم الحركة المرورية بدء حفل قرعة كأس العالم 2026 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة