كتب أسامه الراميني
قبل أيام أصدر مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية قراراً "مفاجئاً" صادماً ومباغتاً "كالجلطة" وبدون سابق انذار او تمهيد يقضي بفرض كفالة مالية اضافية على شركات الخدمات المالية المرخصة للتعامل كوسيط مالي لحساب الغير في البورصات الاجنبية والتي تتعامل بالعقود مقابل الفروقات وبالمناسبة هذا النوع من الشركات موجود في السوق الاردني وعدد الشركات التي تتعامل به أكثر من 20 شركة.
ووفقاً للقرار الصادم الغريب في مضمونه وتداعياته وآثاره او حتى توقيته اشترط وكحد أدنى لهذا النوع من الشركات مقابل منحه تجديد رخصة تقديم كفالات كحد أدنى بـ 2 مليون دينار مطالباً تلك الشركات بضرورة تنفيذ "الأمر العسكري" بالحال ضمن مهلة زمنية لا تتجاوز شهر تقريباً من صدور القرار تنتهي بتاريخ 28 شباط القادم بمعنى ان الشركات التي لا تقوم بعمل كفالات مالية ضمن المهلة والفترة المحددة لن تحصل على تجديد لرخصتها ، الأمر الذي أثار بلبلة وزوبعة لم تنتهِ ولن تنتهي أبداً بسبب هذا القرار.
هذا القرار نزل "بالبراشوت" وكأنه "أمر دفاع" وعلى كل الشركات ان تنصاع لتنفيذه وتنفيذ مضمونه تحت طائلة المسؤولية والعقاب وللأسف فإن قرار خطير وكبير بهذا الحجم كان يحتاج إلى " تشاركية"وشورى وتنسيق وحوار مطول او حتى عرضه على الجميع واللجان المعنية أو حتى فتح حوار مع نقابة شركات البورصة بإعتبارها المظلة والخيمة لهذه الشركات ، وللاسف أكثر أن هيئة الأوراق المالية بعد أن أجهزت وأنهت قرارها قامت بتوجيه الدعوة للحوار في منطق "أعوج غريب" ومتناقض مع سياسة "التشاركية والحوارية" مع القطاع الخاص مما يتعارض مع نهج الحكومة التي تنادي بالتشاركية.
ولا نعلم لماذا تحاور الهيئة الشركات بعد خراب مالطا" وبعد أن أنهت مراسم العرس بالكامل وهي تعلم أهمية إجراء الإتصالات والإستشارات والدراسات مع أصحاب العلاقة والخبرة والإختصاص ، فالتباحث والتشاور مهم للهيئة ووسيلة ديمقراطية عدا عن كونها إدارية لإتخاذ قرار صائب معالج بكل صوره وأبعاده بإعتبار أن أي قرار واقعي قابل للتحقيق والتنفيذ يحتاج لدراسات كافية واستشارات فنية مع أصحاب الإختصاص حتى لا نقع بالمطب مثل كل مرة .
هيئة الاوراق المالية تعلم أكثر من غيرها ان إصدار كفالة مالية قيمتها مليونا دينار تمثل 70% من رأس مال الشركة البالغ 3 مليون دينار يشكل تعب وعبء ثقيل وخطير لا يمكن حمله أو تنفيذه لأسباب أهمها أن تلك الشركات غير قادرة على الحصول على كفالات مالية من البنوك إلا بتأمينات نقدية بنسبة 100% وحتى الحصول على هذه الكفالات يرتب مصاريف بنكية عالية لا تستطيع الشركة تحمله أو حتى مجاراته في ظل ظروف إقتصادية صعبة جداً هذا عدا عن أن وضع 70% من رأسمال الشركة كتأمينات نقدية مقابل إصدار هذه الكفالة سيقتل نسبة السيولة التي تحتاجها الشركة من أجل تسيير أعمالها أو دفع أرصدة العملاء ، ولا نعلم ماهو الدافع من وراء ذلك والهيئة تعلم أن حسابات العملاء منفصلة عن حسابات الشركة وهي تخضع للرقابة أولاً بأول .
مؤخراً تم وضع أسس لترخيص المنصات الإلكترونية التي تتيح للمواطنين شراء العملات الإفتراضية وسيتم ترخيص تلك المنصات ومراقبتها من قبل هيئة الأوراق المالية ضمن ضوابط وأسس وقبلها بأيام جرى تشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل تكون سبباً لوضع الأردن على خارطة الإبتكار العالمية لأهمية القطاع الرقمي وأهمية المستقبل ولكن وللأسف تقوم هيئة الاوراق المالية بإصدار قرار يخدم الشركات الكبرى القادرة على دفع كفالات مالية حتى اكثر من المليونيّ وستبقى الشركت الأردنية بلا ظهر او حماية لأنها ستخرج من السوق إلى غير رجعة .
وأخيراً أسأل هيئة الأوراق المالية ومجلس مفوضيها ورئيسها عن أهمية هذا القرار وتوقيته ودلالته والخطورة الناجمة عنه والآثار التدميرية الذي سيطيح بهذا القطاع بالوقت الذي اشبعنا الفضاء ونحن نتحدث عن ضرورة المشاركة في صنع القرار .