فيما تتواصل حملة سياسية, حزبية وإعلامية واسعة, على رئيس الحكومة الفاشية في دولة العدو الصهيوني, بعدما تكشّفت فضيحة التسريبات والتزوير, التي قادها موظفون في مكتب مجرم الحرب/نتنياهو, خرج الأخير عن صمته (وسط صمت لاذ به أيضا «حلفاؤه» في الائتلاف الحكومي), عبر نشره «صورة» عن رسالة وجّهها الى المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.
كان لافتا في رسالة نتنياهو هذه, ليس فقط دعوته الى إجراء تحقيق في «طوفان» التسريبات التي حدثت منذ السابع من أكتوبر 2023, بل خصوصا انه «تجنّب» الإشارة الى فضيحة التسريبات والتزوير التي قام بها موظفون في مكتبه.
وإذ خرجَ زعيم المعارضة يائير لبيد, كما بيني غانتس رئيس حزب «المعسكر الوطني», في مؤتمر صحافي «مُشترك» لأول مرة منذ انتخابات الكنيست الأخيرة (ا/11/2022), اعتبرا فيه ان ما حدثَ, هو «سمسرة بأسرار الدولة لأغراض سياسية ويجب إجراء تحقيق", فإن ما حفلت به رسالة نتنياهو للمستشارة القضائية ــ نشرَ صورة عنها في حسابه على منصة (X). حيث خلتْ من اي إشارة للقضية الأمنية, التي ما تزال أصداؤها تتردد بقوة, في المشهد السياسي والحزبي والأمني والقضائي الصهيوني. ما زاد من الاعتقاد بان نتنياهو يُواجه موقفا صعباً, غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر 2023 (ملحمة طوفان الأقصى). يمكن ان «يُخلخل» تماسك الائتلاف الحاكم, إذا ما تواصلت حملة أهالي الأسرى وأحزاب المعارضة كما وسائل الإعلام عليه. ما بالك إذا ما استغلّت الأحزاب الحريدية/ شاس ويهدوت هاتوراة, الفرصة هذه, لإعلان «مُعارضتها» قرار قيادة جيش العدو ليس فقط (اعتقال) 768 شابا حريدياً, لعدم استجابتهم لدعوة «سابقة» للتجنّد في صفوفه, بل خصوصا بعد صدور قرار اول أمس, بدعوة «7» آلاف شاب حريدي للالتحاق بالجيش.
نتنياهو يحاول خلط الأوراق والهروب إلى الأمام, عبر دعوته المستشارة القضائية للحكومة, بإجراء تحقيق في «طوفان» التسريبات منذ بداية الحرب. قائلا في رسالته لها: «على الرغم من مُطالباتي المُتكررة بالتحقيق في التسريبات، إلا أنه لم يتم فعل أي شيء حيالها». مضيفاً: «بناء على ذلك أتوجّه إليكم, بأن تُصدروا أوامركم فورا بالتحقيق في التسريبات، بما في ذلك التسريبات الخطيرة على وجه الخصوص, التي أُورِدها على نحو مُفصل بعد رسالتي هذه». وقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مكتب نتنياهو, أن الرسالة كانت مصحوبة بـِ«ملحق سِري» يتضمن عدة أمثلة رئيسية للتسريبات الخطيرة.
في السياق ذاته كتب ناحوم برنياع في «يديعوت احرونوت» اول أمس/الاثنين مقالة تحت عنوان: ليست قضية تسريبات فحسب.. بل تضليل وكذب والتسبّب في قتل «المخطوفين» جاء فيها: (زميلنا رونين بيرغمان، كشفَ النقاب عن التلاعب والكذب. تمَ فتح تحقيق، وتدحرج من الجيش إلى «الشاباك». عندما عُلمت الصلة بين المشبوه المركزي ورئيس الوزراء، سارعَ مكتبه لإصدار جملة بيانات. في البداية، كان النفي تاماً: لم يكن أي شيء، وإن كان فلم يكن. بعد ذلك ــ أضافَ برنياع ــ عندما تبيّن أنه كان بل وكان، نُفيت الصلة: الرجل لم يعمل هناك، ولم يعلم نتنياهو بالوثائق إلا من وسائل الإعلام, في المرحلة الثالثة، حين أدركوا أن الجياد فرّت من الإسطبل، إنضموا إلى طلب وسائل الإعلام لإزالة الحصانة. وفي إطار ذلك، بلّوروا خط الدفاع في حربهم على الرواية: يدور الحديث بالإجمال عن تسريب؛ الكل يُسرّب والكل يغضّ النظر, التركيز على المكتب وتسريباته, هو ازدواجية أخلاقية وإنفاذ انتقائي).
اما عاموس هرئيل.. المُحرر العسكري لصحيفة «هآرتس», فكتب اول أمس الاثنين مقالة بعنوان: «هكذا تلاعبَ نتنياهو بالإسرائيليين وعبثَ بهدف رئيسي للحرب». قال فيها: منذ تفجّر القضية ونتنياهو ومُؤيدون ومَن يخدمونه, يُسمعون ادعاء بأن الأمر يتعلق بتطبيق انتقائي تجاهه، الجميع يُسربون، بمن في ذلك خصومه السياسيون وكبار قادة جهاز الأمن، لكنه هو فقط الذي يلاحقونه، ورجاله يُنكلون بهم. الجزء الأول من الادعاء ــ تابعَ هرئيل ــ يبدو صحيحاً, هناك عدد كبير من التسريبات أثناء الحرب، ووسائل الإعلان بالتأكيد لا يجب أن تشتكي من ذلك، ولكن ــ أردفَ الكاتب ــ تحقيق «الشاباك» يرتكز إلى الضرر الذي يُمكن أن يلحق بمصادر حساسة، إلى درجة تعريض هدف مركزي من أهداف الحرب (إعادة المخطوفين) للخطر، وربما تعريض حياة المخطوفين أنفسهم للخطر. في حين أن وسائل الإعلان يجب أن تكون أيضاً قلقة من الاحتمالية المعقولة بأن هذه المعلومات تم تشويهها، وأن هذا الأمر جزء من عملية حرب نفسية موجهة لمواطني إسرائيل. هذا هو لب القضية. جهود الدعاية والخداع التي تُمارس الآن لا يجب أن تُطمس ذلك.