نعم اغتالوا السنوار الذي ظل يقاوم حتى اللحظة الأخيرة من حياته، فأسقط السيناريوهات التي روّجوها عنه، لم يكن مختبئا في نفق، لم يستخدم الأسرى دروعا بشرية، لم يختبئ خلف رفاقه، بل كان في المقدمة حرا طليقا، مشتبكا، فإن سقط شهيدا فإن درب المقاومة مستمر، فالمقاومة لا تموت، والاحتلال إلى زوال، والفرج قادم، فأصحاب الحق لا يهزمون، ورايات فلسطين ستبقى خفاقة عالية.
واهم نتنياهو إنْ ظنَّ أنَّه ربح الحرب، وأنَّ الشعب الفلسطيني سيركع بعد قتل السنوار، وأنَّه انتصر عسكريا وسياسيا، ولم يتبقَ سوى أن يرفع الناس في غزة رايات بيضاء، مرحبين بالغزاة.
واهم نتنياهو إنْ ظنَّ أنَّه ربح الحرب، وأنَّ الشعب الفلسطيني سيركع بعد قتل السنوار، وأنَّه انتصر عسكريا وسياسيا، ولم يتبقَ سوى أن يرفع الناس في غزة رايات بيضاء، مرحبين بالغزاة.
هذا لن يحدث، والانكسارات التي تتعرض لها حركات المقاومة، والألم الذي تمر به الشعوب يولّد مزيدا من الصبر، والتصميم، والإرادة، ومهما وقع فإنهم قادرون على النهوض مرة أخرى.
يتابع العالم الآن كيف ستتعامل حركة حماس مع مقتل زعيمها؟، ولا أعتقد أن هذا يكسرها، فقبل وقت قريب اغتالت إسرائيل في طهران، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، وتجاوزت حماس الصدمة، وانتخبت السنوار خليفة له، وستفعل في قادم الأيام ما فعلته سابقا، وستكمل الطريق رغم صعوبة الأوضاع.
النقاش، والسيناريوهات الآن، هل ستختار حماس قائدها من داخل غزة أم ستعود لتنتخب من يقود مسيرتها من الخارج، وهناك من يُحلل، ويرى أن العودة للاختيار من غزة يعني استمرار التصعيد، وأن ملف الرهائن لن يشهد تنازلات، أو انفراجات في القريب.
الذهاب لاختيار رئيس المكتب السياسي من الخارج يعتبره مراقبون خطوة نحو التكيف مع المتغيرات الإقليمية، والدولية، وتحركا وقائيا نحو منع إنهاء حركة حماس، وتعرضها لمزيد من الضغوط خارجيا، وإبقاء مساحات للمناورة السياسية.
ربما تتريث حماس في الإعلان عن قائدها المنتظر، لدراسة المشهد، وجسّ النبض، ولكنها تعلم أن عليها أن تُقرر كيف ستتعاطى مع ملف الأسرى، وهل من أوراق جديدة تقدمها للعالم غير الصمود، والمقاومة؟
إحساس رئيس الحكومة الإسرائيلي، نتنياهو، بالانتصار السياسي والعسكري بعد أن قتل السنوار دون تخطيط منه، وبعد اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، سيزيد من قناعته أن تصعيد المعارك يجلب له أوراق القوة، ولهذا فإن التصعيد في ميدان العمليات هو العنوان، والحديث عن المفاوضات ذر للرماد في العيون.
بعد عام وأكثر على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، فإن الإقليم يشهد تصعيدا أكبر، وكان التوقع أن تتحرك الإدارة الأميركية بجدية وحسم لوقف الحرب قبل الانتخابات، وعلى ما يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي، بايدن، التي تماهت مع نتنياهو أضعف من أن تفرض إرادتها، والكارثة إنْ جاء ترامب ليحكم البيت الأبيض.
رغم كل التحولات التي شهدها العالم منذ بدأ حرب الإبادة، فإن الدرس المستفاد الأهم أن المجتمع الدولي بين عاجز، ومتواطئ، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان لم يُفصّلا لحماية كل الشعوب، وإنما لبعض الشعوب، ومنطق القوة يسحق كل شعارات الأمم المتحدة في السلم ومنع الحرب، وهذا ما فعله، ويفعله نتنياهو على مرآى، ومشاهدة العالم.