أي أن المقدس الأعظم يهودياً هو شبه جزيرة سيناء حيث التقى موسى هناك بيهوى على قمة جبل سيناء أو طور سيناء وتسلّم منه الوصايا العشر وجميع الشرائع اليهودية. ولذلك تبقى عين اسرائيل على سيناء مفتوحة ما استطاعت إليها سبيلا، فَنَفس اليهود طويل انعكاساً لتاريخهم الطويل، ولذلك فإنهم يتنازلون مؤقتاً عنها، لأن الأحداث والتطورات السياسية أدت إلى إرجاعها لمصر، لكنهم سرعان ما يستولون عليها إن استطاعوا، أو إذا حدث ما يستدعي ذلك. وعليه يجب على مصر مركزة قوات فيها قادرة على حمايتها، لكن مصر - حسب اتفاقية كامب 1979 - لا تستطيع تحريك قواتها فيها إلا بإذن من اسرائيل. إن يد مصر القوية مغلولة باتفاقية كامب ديفيد وليس سهلاً إلغائها، فالظروف المحلية والإقليمية والدولية لا تسمح بذلك.
ولتكون على بينة من صحة ما ذكرت عن قدسية سيناء أورد لك فما يلي النصوص التوراتية التي تؤكد ذلك.
"وفي تمام الشهر الثالث من خروج بني اسرائيل من أرض مصر وصلوا إلى برية سيناء... فصعد موسى للمثول أمام الله. فناداه الرب من الجبل : " هكذا تقول لآل يعقوب، وتخبر شعب اسرائيل: لقد عاينتم بأنفسكم ما أجريته على مصر، وكيف حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلي. لذلك أن أطعتم عهدي، تكونوا لي مِلكاً خاصاً من بين جميع الشعوب، لأن لي كل الأرض. وتكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة. هذا هو الكلام الذي تخاطب به بني اسرائيل" (سفر الخروج : الإصحاح التاسع عشر: الآيات 1-6)
"وبعد أن انحدر موسى من الجبل إلى الشعب قدسهم وغسلوا ثيابهم، وقال للشعب: " كونوا متأهبين لليوم الثالث، وامتنعوا عن معاشرة نسائكم". وفي صباح اليوم الثالث حدثت رعود وبروق، ودوى صوت بوق قوي جداً، فارتعد كل الشعب الذي في المخيم، فأخرج موسى الشعب من المخيم للقاء الله، فوقفوا عند سفح الجبل. وكان جبل سيناء كله مغطى بدخان، لأن الرب نزل عليه في هيئة نار. وتصاعد دخانه كدخان الأتون، واهتز الجبل كله بعنف ، وازداد دوي البوق أكثر بينما كان موسى يتكلم، والرب يجيبه برعد" (سفر الخروج الإصحاح التاسع عشر: الآيات 14-19).
" ونزل الرب على قمة جبل سيناء، ونادى موسى ليصعد إلى قمة الجبل، فصعد إليه، فقال له الرب: "انزل وحذر الشعب لئلا يقتحموا الجبل ليروني فيهلك منهم كثيرون. وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلي لئلا أبطش بهم". فقال موسى للرب: "لا يقدر الشعب أن يصعد إلى جبل سيناء، لأنك أنت قد حذرتنا قائلا: "أقم حدوداً حول الجبل وقدّسه" فأجاب الرب: "انزل واصعد بأخيك هارون معك، أما الكهنة والشعب فلا يقتحموا طريقهم ليصعدوا إلي لئلا أبطش بهم". فانحدر موسى إلى الشعب وانذرهم" (سفر الخروج : الإصحاح التاسع عشر الآيات 20 – 25)
"ثم نطق الله بجميع هذه الأقوال" أي الوصايا العشر والتي تلقاها موسى من الرب على قمة جبل سيناء (سفر الخروج: الأصحاح العشرون: الآية: 1).
ولما كان الأمر كذلك فإن جبل سينا هو الأقدس دينياً عند اليهود وليس القدس وإن كانت مكان الهيكل، وعاصمة يهوذا التي تكونت من قبيلتين من أل 12 قبيلة، وعشرة منها في السامرة/ نابلس/ شكيم. والدليل الآخر على قدسية سيناء كثرة السياحة الدينية اليهودية الإسرائيلية إليها.
" وأما موسى فكان يرعى غنم حميه يثرون كاهن مديان فقاد الغنم إلى ما وراء الطرف الأقصى من الصحراء حتى جاء إلى حوريب جبل الله. وهناك تجلى له ملاك الرب بلهيب نار وسط عليقة، فنظر موسى "وإذا بالعليقة تشتعل دون أن تحترق. فقال موسى: "أميل الآن لأستطلع هذا الأمر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة؟" وعندما رأى الرب أن موسى قد دنا ليستطلع الأمر، ناداه من وسط العليقة، قائلا: "موسى"، فقال : "ها أنا"، فقال: " لا تقترب إلى هنا. اخلع حذاءك من رجيلك، لأن المكان الذي أنت واقف عليه مقدس".
ثم قال " انا هو إله أبيك ، إله ابراهيم ، وإله اسحق واله يعقوب ، عندئذ غطى موسى وجهه خوفاً من أن يرى الله فيموت (سفر الخروج الإصحاح الثالث: الآيات 1-6).
على الرغم من قيمة موسى العليا عند يهوى إلا أنه منعه من دخول ارض كنعان، هو وأخاه هارون متهماً إياهما بخيانته: "وقال الرب لموسى في نفس ذلك اليوم. اصعد الى سلسلة جبال عباريم حيث جبل نبو الذي في أرض مؤاب مقابل أريحا، وشاهد أرض كنعان التي أنا واهبها ملكاً لبني إسرائيل. ومت في الجبل الذي تصعد إليه، والحق بقومك كما مات هارون أخوك في جبل هور ولحق بقومه، لأنكما لم تثقا بي في حضور الإسرائيليين... إذ لم تقدساني بين الشعب. لذلك فإنك تشهد الأرض عن بعد، ولكن لن تدخل إلى الأرض التي أهبها لبني اسرائيل" (سفر التثنية: الإصحاح الثاني والثلاثون: الآيات: 48-52).