أقام نظام بريتوريا الوحشي في جنوب أفريقيا، الذي أنشئ رسميا في العام 1948، كيانه على الفصل العنصري، واضطهاد الأغلبية غير البيضاء على يد أقلية بيضاء. وأدام النظام سيطرته باستخدام مزيج من التمييز القانوني والعنف والقمع السياسي. وبنفس الطريقة، ينتهج الكيان الصهيوني الذي أنشئ في العام نفسه، سياسات سعت إلى قمع الفلسطينيين بشكل منهجي، ووضعتهم في مرتبة الدرجة الثانية أو أدنى، وحرمتهم من حقوقهم الأساسية إذا كنا نتحدث عن "دولة" يعيش فيها مواطنون متنوعون.
برر كلا النظامين سلوكهما أيديولوجيًا باستعمال أفكار التفوق العنصري والاستحقاق الإلهي. في جنوب أفريقيا، أقيم نظام الفصل العنصري على مفهوم تفوق البيض و"مهمة الرجل الأبيض" وغيرها من مقولات الاستعمار. وفي الكيان، تستدعي الأيديولوجي الصهيونية أفكار "أرض الميعاد" و"الشعب المختار" لتبرير إخضاع الفلسطينيين. وقد لاحظ القس الجنوب-أفريقي ديزموند توتو التماثل بين النظامين، حين قال: "لقد شهدت الإذلال المنهجي الذي يتعرض له الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيون على يد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية. إن إذلالهم مألوف لجميع السود في جنوب أفريقيا الذين تعرضوا للقمع والمضايقة على أيدي قوات الأمن التابعة لحكومة الفصل العنصري".
ثمة نقاط ضعف متأصلة في أنظمة الفصل العنصري، تجعلها طبيعتها غير مستدامة. إنها تعتمد في بقائها على قمع شريحة كبيرة ومهمة من السكان. والقمع يغلب أن يولد المقاومة ويجلب الإدانة الدولية، وفي نهاية المطاف، العزلة. وقد واجه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا مقاومة متزايدة من الداخل، أفضت إلى اضطرابات واسعة النطاق وعصيان مدني. وعلى الصعيد الدولي، جعلت ممارسات جنوب أفريقيا منها دولة منبوذة، تخضع للعقوبات والمقاطعات التي شلت اقتصادها وأضعفت مكانتها السياسية.
تعمل آليات مماثلة في الكيان الصهيوني. فقد أثار احتلال الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات، والتمييز المنهجي ضد الفلسطينيين مقاومة واسعة النطاق، سواء في الأراضي المحتلة أو بين الشتات الفلسطيني. وعلى الصعيد الدولي، أدت تصرفاته الوحشية إلى دعوات متزايدة لدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، في ترديد لصدى الحركة العالمية التي ساهمت في سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وكسبت الدعوات إلى مقاطعة الكيان وعزله زخمًا شعبيًا ورسميًا عالميًا مع الإبادة الجماعية والجرائم التي يرتكبها الآن بوجه سافر في حق الفلسطينيين في فلسطين التاريخية.
بكل وضوح، تحتوي سياسات القمع المنهجي والإبادة الجماعية التي ينتهجها الكيان على نفس العناصر التي قد تهدمه. محليًا، عنى استمرار الاحتلال وتوسيع المستوطنات تآكل إمكانية "حل الدولتين"، وجلب وضع يكون فيه الكيان إما دولة يهودية أو ديمقراطية، وإنما ليس كلاهما. وقد حذر رئيس وزرائه السابق، إيهود باراك، من الاحتمالات الجديدة، حين قال: "إذا واصلنا السيطرة على المنطقة بأكملها من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن حيث يعيش حوالي 13 مليون شخص... إذا سيطر كيان واحد فقط على هذه المنطقة بأكملها، فسيصبح حتمًا إما غير يهودي أو غير ديمقراطي". والخيار واضح: إما دولة لكل مواطنيها، ما يعني تفكيك نظام الفصل العنصري؛ أو دولة قومية يهودية، ما يعني نظام فصل عنصري مكروه ومستهدف بالتفكيك.
إقليميًا، زعزعت طبيعة الكيان الاستبدادية والعدوانية الشرق الأوسط. ومن المؤكد أن سياساته التي عبرت عن نفسها في عديد الصراعات مع المحيط، أكدت عزلته في المنطق. وكما يعرف المراقبون وسكان الإقليم، لا يمكن أن يحجب تطبيع العلاقات مع بعض دول الإقليم الكراهية والرفض المتجذرين بعمق في نفسية الشعوب العربية للكيان وحتمية عزله شعبيًا بمعزل عن أي اقتراحات رسمية.
دوليًا، يزداد التشكيك في شرعية الكيان باطراد. ويعكس التحول الأخير الملحوظ في الرأي العام العالمي، وخاصة في الدول الغربية، وعيًا متزايدًا بالظلم الذي يواجهه الفلسطينيون. ولم تعد مقارنة الكيان بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا مقتصرة على هامش الخطاب السياسي، وإنما أصبحت رواية سائدة. وكان الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، قد أشار صراحة إلى سياسات الكيان في الأراضي المحتلة باعتبارها شكلاً من أشكال الفصل العنصري، حين قال: "لن تنعم إسرائيل أبدًا بالسلام حتى تتخلى عن رغبتها في احتلال الشعب الفلسطيني والسيطرة عليه. إن الطريق إلى السلام يكمن في التخلي عن ممارسات الفصل العنصري".
وليس هناك ما هو أبعد عن السلام من النظام الصهيوني اليميني المتطرف الذي يحكم الكيان الآن. ومن المفارقات أن استمرار قمع الكيان للفلسطينيين لا يؤدي إلى تآكل مكانته الأخلاقية فحسب، بل يهدد أيضًا مستقبله ككيان مشروع. في بعض الأحوال، يطالب كثيرون في مختلف أنحاء العالم، وبصوت عال، بإزالة الكيان من المنطقة بين النهر والبحر. ويطالبون آخرون كثيرون، على الأقل بفكيك نظام الفصل العنصري الذي يقيم المشروع الاستعماري الصهيوني الإقصائي عليه أساساته، واستبداله بنظام ديمقراطي غير قومي يتساوى فيه جميع المقيمين في المنطقة بين النهر والبحر.
لاحظ ريتشارد فولك (مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق المعني بحقوق الإنسان الفلسطيني): "إن واقع الفصل العنصري في الضفة الغربية لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. فإما أن تغير إسرائيل مسارها، أو أن تضطر بقوة المقاومة الدولية والمحلية إلى تفكيك هذا النظام الظالم".
وعبر بيتر بينارت، الصحفي والمعلق السياسي اليهودي الأميركي، عن عاطفة مشابهة، فكتب: "الدولة اليهودية التي تفشل في توفير المساواة لجميع مواطنيها، بمن فيهم العرب، لا يمكنها البقاء في العالم الحديث. إذا استمر قادة إسرائيل في السير على طريق الفصل العنصري، فسوف يتسببون في تحلل الدولة التي يسعون إلى الحفاظ عليها".
تقترح التشابهات بين الكيان ونظام بريتوريا العنصري، والنهايات المتوقعة، وملاحظات الساسة والمراقبين، شيئًا قريبًا من (ربح-ربح)، حيث تؤدي نفس السياسات الوحشية والمكروهة التي ينتهجها الكيان لتثبيت نفسه إلى تفكيكه غير المقصود الذي سيسعد كل محبي الإنسانية والحرية في الكون.
برر كلا النظامين سلوكهما أيديولوجيًا باستعمال أفكار التفوق العنصري والاستحقاق الإلهي. في جنوب أفريقيا، أقيم نظام الفصل العنصري على مفهوم تفوق البيض و"مهمة الرجل الأبيض" وغيرها من مقولات الاستعمار. وفي الكيان، تستدعي الأيديولوجي الصهيونية أفكار "أرض الميعاد" و"الشعب المختار" لتبرير إخضاع الفلسطينيين. وقد لاحظ القس الجنوب-أفريقي ديزموند توتو التماثل بين النظامين، حين قال: "لقد شهدت الإذلال المنهجي الذي يتعرض له الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيون على يد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية. إن إذلالهم مألوف لجميع السود في جنوب أفريقيا الذين تعرضوا للقمع والمضايقة على أيدي قوات الأمن التابعة لحكومة الفصل العنصري".
ثمة نقاط ضعف متأصلة في أنظمة الفصل العنصري، تجعلها طبيعتها غير مستدامة. إنها تعتمد في بقائها على قمع شريحة كبيرة ومهمة من السكان. والقمع يغلب أن يولد المقاومة ويجلب الإدانة الدولية، وفي نهاية المطاف، العزلة. وقد واجه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا مقاومة متزايدة من الداخل، أفضت إلى اضطرابات واسعة النطاق وعصيان مدني. وعلى الصعيد الدولي، جعلت ممارسات جنوب أفريقيا منها دولة منبوذة، تخضع للعقوبات والمقاطعات التي شلت اقتصادها وأضعفت مكانتها السياسية.
تعمل آليات مماثلة في الكيان الصهيوني. فقد أثار احتلال الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات، والتمييز المنهجي ضد الفلسطينيين مقاومة واسعة النطاق، سواء في الأراضي المحتلة أو بين الشتات الفلسطيني. وعلى الصعيد الدولي، أدت تصرفاته الوحشية إلى دعوات متزايدة لدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، في ترديد لصدى الحركة العالمية التي ساهمت في سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وكسبت الدعوات إلى مقاطعة الكيان وعزله زخمًا شعبيًا ورسميًا عالميًا مع الإبادة الجماعية والجرائم التي يرتكبها الآن بوجه سافر في حق الفلسطينيين في فلسطين التاريخية.
بكل وضوح، تحتوي سياسات القمع المنهجي والإبادة الجماعية التي ينتهجها الكيان على نفس العناصر التي قد تهدمه. محليًا، عنى استمرار الاحتلال وتوسيع المستوطنات تآكل إمكانية "حل الدولتين"، وجلب وضع يكون فيه الكيان إما دولة يهودية أو ديمقراطية، وإنما ليس كلاهما. وقد حذر رئيس وزرائه السابق، إيهود باراك، من الاحتمالات الجديدة، حين قال: "إذا واصلنا السيطرة على المنطقة بأكملها من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن حيث يعيش حوالي 13 مليون شخص... إذا سيطر كيان واحد فقط على هذه المنطقة بأكملها، فسيصبح حتمًا إما غير يهودي أو غير ديمقراطي". والخيار واضح: إما دولة لكل مواطنيها، ما يعني تفكيك نظام الفصل العنصري؛ أو دولة قومية يهودية، ما يعني نظام فصل عنصري مكروه ومستهدف بالتفكيك.
إقليميًا، زعزعت طبيعة الكيان الاستبدادية والعدوانية الشرق الأوسط. ومن المؤكد أن سياساته التي عبرت عن نفسها في عديد الصراعات مع المحيط، أكدت عزلته في المنطق. وكما يعرف المراقبون وسكان الإقليم، لا يمكن أن يحجب تطبيع العلاقات مع بعض دول الإقليم الكراهية والرفض المتجذرين بعمق في نفسية الشعوب العربية للكيان وحتمية عزله شعبيًا بمعزل عن أي اقتراحات رسمية.
دوليًا، يزداد التشكيك في شرعية الكيان باطراد. ويعكس التحول الأخير الملحوظ في الرأي العام العالمي، وخاصة في الدول الغربية، وعيًا متزايدًا بالظلم الذي يواجهه الفلسطينيون. ولم تعد مقارنة الكيان بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا مقتصرة على هامش الخطاب السياسي، وإنما أصبحت رواية سائدة. وكان الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، قد أشار صراحة إلى سياسات الكيان في الأراضي المحتلة باعتبارها شكلاً من أشكال الفصل العنصري، حين قال: "لن تنعم إسرائيل أبدًا بالسلام حتى تتخلى عن رغبتها في احتلال الشعب الفلسطيني والسيطرة عليه. إن الطريق إلى السلام يكمن في التخلي عن ممارسات الفصل العنصري".
وليس هناك ما هو أبعد عن السلام من النظام الصهيوني اليميني المتطرف الذي يحكم الكيان الآن. ومن المفارقات أن استمرار قمع الكيان للفلسطينيين لا يؤدي إلى تآكل مكانته الأخلاقية فحسب، بل يهدد أيضًا مستقبله ككيان مشروع. في بعض الأحوال، يطالب كثيرون في مختلف أنحاء العالم، وبصوت عال، بإزالة الكيان من المنطقة بين النهر والبحر. ويطالبون آخرون كثيرون، على الأقل بفكيك نظام الفصل العنصري الذي يقيم المشروع الاستعماري الصهيوني الإقصائي عليه أساساته، واستبداله بنظام ديمقراطي غير قومي يتساوى فيه جميع المقيمين في المنطقة بين النهر والبحر.
لاحظ ريتشارد فولك (مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق المعني بحقوق الإنسان الفلسطيني): "إن واقع الفصل العنصري في الضفة الغربية لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. فإما أن تغير إسرائيل مسارها، أو أن تضطر بقوة المقاومة الدولية والمحلية إلى تفكيك هذا النظام الظالم".
وعبر بيتر بينارت، الصحفي والمعلق السياسي اليهودي الأميركي، عن عاطفة مشابهة، فكتب: "الدولة اليهودية التي تفشل في توفير المساواة لجميع مواطنيها، بمن فيهم العرب، لا يمكنها البقاء في العالم الحديث. إذا استمر قادة إسرائيل في السير على طريق الفصل العنصري، فسوف يتسببون في تحلل الدولة التي يسعون إلى الحفاظ عليها".
تقترح التشابهات بين الكيان ونظام بريتوريا العنصري، والنهايات المتوقعة، وملاحظات الساسة والمراقبين، شيئًا قريبًا من (ربح-ربح)، حيث تؤدي نفس السياسات الوحشية والمكروهة التي ينتهجها الكيان لتثبيت نفسه إلى تفكيكه غير المقصود الذي سيسعد كل محبي الإنسانية والحرية في الكون.