وصلت «همروجة/أُكذوبة» الرصيف الأميركي العائِم/ الموصوف «رصيف بايدن", إلى نهايتها المحتومة, ليس فقط بعد الفشل الكبير الذي حصدته, والتبريرات المفتعلة التي ساقتها دوائر البنتاغون الأميركي, عن تعطله بسببب الأحوال الجوية وارتفاع موج البحر, بل خصوصاً في التواطؤ الأميركي المُعلن مع شريكها الفاشي, في حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير والتعطيش, التي يشنها الطرفان الأميركي والصهيوني, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة, المُهددة «رسمياً/صهيونياً» بالضمّ الكامل لكيان الدولة العنصرية الإستعمارية.
كثيرون يتذكرون إعلان الرئيس الأميركي.. بزهو وتفاخر مُصطنع ومُزيّف, في السابع من آذار الماضي, (أي بعد «أربعة» أشهر على بدء حرب الإبادة الجماعية الصهيو أميركية), «مبادرته», إقامة رصيف عائِم بالقرب من ساحل مدينة غزة, بهدف «تسريع» إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المنكوب. مُدشناً في واقع الحال مرحلة قاسية ولئيمة من التواطؤ مع حكومة وجيش الاحتلال, عبر «صمته المُدويّ» على جريمة إغلاق المعابر البريّة كافة, ناهيك عن أربع «فيتوات» أميركية لإفشال مشروعات قرارات لوقف النار في مجلس الأمن, فيما «عدّاد» الشهداء والمصابين والذين هم تحت أنقاض البنايات المدمرة على رؤوسهم، يتسارع ويدخل خانة الأرقام الخماسية (أي عشرات الآلاف).
منذ ذلك الحين وبعدما زفّ لنا البنتاغون الأميركي, خبراً يقول: إن العمل في الرصيف العائم سيستغرق العمل لإنجازه نحواً من «شهرين», بدأت المنظمات الإغاثة الدولية تحذّرُ من مجاعة أخذت تضرب أهالي مدن وبلدات, وخصوصاً مخيمات شمال قطاع غزة, بعد أن واصل جيش الاحتلال منع دخول المساعدات تحت أي مسمى وذريعة كانت, ترافق ذلك مع تدمير المشافي ومحطات الكهرباء وتحلية المياه, ومحطات الوقود والأسواق الشعبية ومخازن «الأونروا», وتواصل في الوقت نفسه الصمت الأميركي, إزاء مخاطر المجاعة التي واصلت إنتشارها في نواحي القطاع المُحاصر. الواقع تحت قصف الطائرات الحربية ومدافع الدبابات ونيران البحربة الصهيونية, (وكلها صناعة أميركية عبر صفقات مُليارية مَجانية). يزيد من ثقتها بنفسها, تواجد حاملات الطائرات والغواصات والمدمرات والبوارج وعناصر المارينز والإستخبارات الأميركية.
طبعاً تجاهلت إدارة بايدن الإحتجاجات المحمولة على استغراب وشكوك, والدعوات للتخلي عن فكرة الرصيف العائم, الذي لن ينهض بمهمة تسريع أو حتى توفير الحد الأدنى من المساعدات لمدينة غزة وشمالها, ما بالك كامل القطاع, فضلاً عن لفت المنظمات الإنسانية, كما وسائل الإعلام الأميركية والعالمية, أنظار ساكن البيت الأبيض إلى أن هناك «ميناء قائم وجاهز", هو ميناء «أسدود» الذي لا يبعد سوى أميالاً بحرية معدودة عن سواحل غزة, يمكن الإستعانة به, لكن إدارة بايدن أشاحت نظرها عن تلك «النصائح", لأن نيّاتها المُضمّرة كما المُعلنة بمراوغة.. ليست «صافية».
إلى أن تم الإعلان عن «إكتمال» بناء رصيف بايدن العائم في منتصف شهر آيار الماضي, لم يلبث بعد «أسبوع واحد» فقط, أن تعطل وخرج من الخدمة بذريعة سوء الأحوال الجوية وارتفاع موج البحر, ما استدعى «سحبه» إلى ميناء «اسدود» القريب لحمايته «وإصلاحه», ولم يكن قد وفّر إلا القليل بل القليل جداً من المساعدات, ناهيك عن ارتفاع منسوب الشكاوى الأميركية عن «مخاطر أمنية» تُواجه العاملين في الرصيف الأكذوبة, علماً أن البنتاغون كان أعلنَ أن حماية للرصيف وطواقمه والشاحنات التي تنقل المساعدات, سيُوفرها جيش العدو الصهيوني.
دعونا لا نذهب بعيدا فالتفاصيل باتت معروفة, والتواطؤ الأميركي في إحكام الحصار على قطاع غزة, ومنع قوافل الإغاثة من عبور المعابر البرية, لم يعد مجرد تكهنات او خاضع للتشكيك, ما يفرض علينا الذهاب مباشرة إلى «التورّط بل المشاركة» الأميركية المباشرة, في مجزرة «مخيم النصيرات», حيث حصدت آلة القتل الصهيوأميركية أرواح «ألف» من مدنيِّي المخيم المنكوب بين شهيد ومصاب, من أجل «تحرير» اربعة أسرى صهاينة. إنطلقت القوات المُهاجمة من الرصيف الأميركي العائم, ولم تنجح إدارة بايدن ولا مُتحدث القيادة المركزية الأميركية (سِنتكوم), في تمرير أكذوبة «نفي» المشارَكة الأميركية, لأنهم ساقوا بارتباك, مُبررات وذرائع متهافتة لم تُقنع أحداً, منها أن القوات الصهيونية التي أغارت على مخيم النصيرات كانت بـ«الصدفة» قريبة من الرصيف العائم, ولم يخجل متحدث «سنتكوم» من نشر بيان يقول بصلف ووقاحة: إن"مرفق الرصيف الإنساني، بما في ذلك معداته وأفراده، لم يتم استخدامهم في عملية إنقاذ الرهائن في غزة. لقد استخدم الإسرائيليون المنطقة الواقعة جنوب المرفق لإعادة الرهائن بأمان إلى إسرائيل. وأي ادعاء بخلاف ذلك فهو زائف». مضيفاً/ البيان أنه «تم إنشاء الرصيف المؤقت على ساحل غزة لغرض واحد معين، وهو المساعدة في نقل المساعدات الإضافية المنقذة للحياة التي تشتد الحاجة إليها في قطاع غزة» وفق زعمه.