محمد نبيل
* 40% من الوظائف الـ 90 ألف التي أعلنت الحكومة توفيرها سابقاً تخص العمالة الأجنبية.. ونريد أدلة وبراهين وليس تصريحات
* ترتيبنا ما زال ضعيفاً رغم تحسنه بحسب "موديز".. والنظرة المستقبلية تراجعت الى مستقرة بدلاً من ايجابية
* أرقام رؤية التحديث الاقتصادي لم تتحقق بعد.. ومشاريع الحكومة لم تبصر النور
* استمرار الحكومة على نفس نمطها سيؤدي الى ارتفاع معدل الدين وسيصل الى درجة اعاقة التنمية
* القاعدة الذهبية تمنع الاستدانة إلا من أجل انشاء المشاريع.. وحكومتنا تقترض من أجل سداد الرواتب والنفقات الجارية
* لم نشاهد تشجيعاً من الحكومة للصناعات المحلية لتكون منافسة الى الأبد في السوق.. ولم نلاحظ أي تحسن في الشارع الأردني
* متوسط الدخل الحالي للفرد أقل من متوسط الدخل عام 1985.. والحكومة أضعفت قانون المنافسة بدلأ من تعديله
* سكة الحجاز والناقل الوطني من أفضل المشاريع التي يمكن انشاؤها في الأردن والتي ستحيي التنمية المحلية
* الحلول الاقتصادية مقترحة من 15 سنة سابقة لكننا لا نتحرك ولا نمتلك ذاكرة مؤسسية
قال وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الأسبق والخبير الاقتصادي الدكتور يوسف منصور، أن تحسن الترتيب الائتماني للأردن بحسب تصنيف وكالة "موديز" شيء ايجابي، لكن ترتيبنا ما زال ضعيفاً، والنظرة المستقبلية في الأردن تغيرت من تصنيف ايجابي الى تصنيف مستقر وهذا أمر يجب الانتباه له، كما أن توقعات البنك الأوروبي لمعدل نمو في عام 2025 كان متواضعا بنسبة 0.2,6%، حيث أن معدل النمو ونسبة البطالة مهمة جداً، ويجب أن لا تراوح نسبة التضخم 2%، وأن لا تراوح نسبة البطالة 22%، مشيراً الى أن رؤية التحديث الاقتصادي مبنية على النمو وعلى البطالة، حيث أن معدلات النمو يجب ان تكون 6% على الأقل، اضافةً الى توفير 100 ألف وظيفة بالسنة، وهذه الأرقام لم تتحقق لغاية الان، رغم وجود وعود بمشاريع كبيرة، مثل قناة البحرين التي كان من الممكن أن نصنع منها نهراً ونبني حوله فنادق واستراحات ومشاريع أخرى، لكننا لم نفكر خارج الصندوق.
وبين في حوار شامل مع "أخبار البلد"، أننا نحتاج الى معدل نمو يرافقه تخفيض في نسبة البطالة، بحيث يشمل نموا بالسكن والصناعة والخدمات ونوعية العمل والانتاجية وانفاقِ على الجامعات أيضاً، محذرا من الاستمرار بنفس النمط الذي تعمل به الحكومة والذي سيؤدي الى ارتفاع معدل الدين الى درجة اعاقة التنمية، لأن الحكومة تقوم بالاستدانة من أجل سد الدين.
وأوضح أن مؤشر الدين العام مضر جداً، لأن سداد دفعات الدين عندما يكون خارجيا، فكأننا نسرب المال الى الخارج، وبما أنه لا يوجد نمو، تقوم الحكومة بالاستدانة لسد الدين الخارجي، أما بالنسبة لسداد الدين الداخلي، فلا يعود بالفائدة على الأردن، لأن نسبة الملكية الأجنبية للبنوك كبيرة، وأرباح البنوك تذهب الى الخارج ولا نستفيد من الفوائد، وهذا قصر نظر يضعف حجم الاقتصاد الأردني.
ونوه منصور الى أن مشكلتنا ليست في حجم الدين رغم ضخامته ورغم تصرفاتنا الخاطئة، لكن هنالك قاعدة ذهبية بالاقتصاد وهي عدم الاستدانة من أجل سداد بدل رواتب ونفقات جارية وهذه هي مشكلتنا الرئيسية، مشدداً على أننا يجب أن نستدين من أجل انشاء مشاريع وتحسين البنية التحتية، والاستثمار بمستقبل أبنائنا وأحفادنا، وهذا من شأنه أن يعزز التنمية لكن هذا الأمر وللأسف غير متوفر في الأردن، مشيراً الى أن رئيس الحكومة بشر الخصاونة صرح في وقت سابق، أنهم وفروا 90 الف وظيفة، والحقيقة أن 40% منها تعود للعمالة الأجنبية، داعيا الحكومة الى تقديم البراهين قبل التصريحات، والى الانفاق من أجل الابتكار وانشاء المشاريع، وعدم الانفاق لسد الرواتب، وتوفير اقتصاد خاص حيوي بحيث يتحول المواطنون للعمل في القطاع الخاص.
وعن رأيه بالاداء الاقتصادي لحكومة بشر الخصاونة وماذا فعلت لخدمة الاقتصاد، قال أن تصرفات حكومة الخصاونة لم تأتِ بما هو ايجابي لغاية الان كما شاهدنا بحملة المقاطعة الشعبية على سبيل المثال، حيث أننا لم نشاهد تشجيعاً من الحكومة للصناعات المحلية لتكون منافسة الى الأبد في السوق، بل شاهدنا تصريحات تحذر من المقاطعة، وهذه تعتبر مشاركة سلبية ودور انتقادي لتصرفات الشارع الأردني، ولا تقود لشيء ايجابي، مضيفاً أن أكبر فشل كان في قانون المنافسة والذي يعتبر من أفضل القوانين، وكانت تنقص الحكومة الخبرة في تعديل هذا القانون وقامت باضعافه، كما أننا لم نر أي شيء في الشارع الأردني يجعلنا نلاحظ أي تحسن وسط نسبة البطالة الكبيرة والصادمة التي يعيشها الشباب.
وأضاف أن العجز في الميزان التجاري انخفض لأن المواطن لم يعد يملك المال للايستيراد، ولم ينخفض بسبب ارتفاع الانتاج المحلي، مستشهداً بالحكومة البريطانية التي سقطت عندما وصلت نسبة البطالة الى 10%، وفي الربيع العربي في تونس الذي بدأ من هناك على بطالة بنسبة 15%، ونحن في الأردن بلغت نسبة بطالتنا 22% ونقول أن اقتصادنا قوي وهذا الأمر غير صحيح أبدا، خاصة أننا نصدر 10% من السكان الى خارج الأردن، لأن الحوافز وفرص العمل أكثر، كما أننا لسنا بقائمة الدول المخترعة، ولم نأسس أي شركة مساهمة عامة منذ عام 2008، بل أن هناك شركات تتجه الى التصفية، مشيراً الى قرارات السوق المالي سابقا والتي كان يجب أن يتم محاسبة المسؤولين عنها، والى متوسط الدخل الحالي الذي يعتبر أقل من متوسط الدخل عام 1985، والذي لم نستطع على مدى 40 سنة من رفعه.
وعن الحلول المقترحة، شدد منصور على ضرورة البدأ بمشاريع كبيرة معتبراُ أنه الحل الأفضل والأمثل، طارحاً على سبيل المثال مشروع لتطوير سكة الحديد وخط الحجاز الذي كان يصل الى اسطنيول ومنها الى فرنسا، خاصةً أننا بلد بمساحة صغيرة، حيث سيغطي هذا المشروع كل الاردن بكلفة 3 مليار تقريبا،عن طريق الدخول في شراكات مع الضمان الاجتماعي مثلا ومع الاخرين، منوهاً أن هذا المشروع من شأنه احياء التنمية المحلية بشكل كبير جداً، وسيجلب أضعاف تكلفته، مستشهداً بمحافظة معان التي كانت عبارة عن ميناء بري سايقا أثناء وجود خط سكة الحجاز قبل تفجيره، داعياً أيضا الى انشاء مشروع الناقل الوطني خاصةً لامتلاكنا المقومات والقوانين المناسبة لذلك، محذراً من مواصلة ارسال أفضل شبابنا وعقولنا الى دول الخليج والى الخارج، الذي شبهها كزراعة شجرة كاملة وخلعها من جذورها واعطائها الى دولة اخرى، في حيث أنه يجب علينا اعطاء منتج الشجرة وهي الثمرة وليس الشجرة كاملة.
وختم منصور حديثه بقوله أنه ليس متفائلاً وليس متشائماً أيضاً، لأنه ينتظر الحكومة للبدأ بانشاء 3 مشاريع على أقل تقدير، وبعدها سيتفاءل وسيشكر من سيبدأ بها، مؤكداً على أن قرارنا سهل لكنه صعب بنفس الوقت ولا ندري لماذا، وعلى أننا شعب جبار وقادر ويستطيع صنع المعجزات، لكن الاقتصاد لا يتحسن، على الرغم من أن الحلول مقترحة من 15 سنة سابقة، لكننا لا نتحرك ولا يوجد لدينا ذاكرة مؤسسية.