يسابق المزارعون في أمريكا اللاتينية الزمن لزيادة المساحات المزروعة بالكاكاو والاستفادة من ارتفاع الأسعار، وسط نقص عالمي في الإمدادات. وقال مسؤولون في الصناعة، إن المزارعين في أسواق الإنتاج الرئيسة في الإكوادور والبرازيل وبيرو وكولومبيا يسارعون الخطى للحصول على الشتلات وزيادة المساحة المزروعة بالمحصول.
ومن المتوقع أن يتجاوز مجمل المساحة المزروعة بالكاكاو في الإكوادور 600 ألف هكتار هذا العام، ارتفاعاً من 500 ألف هكتار في العام الماضي، وفقاً لاتحاد مصدري الكاكاو في البلاد.
وعلى الرغم من عدم توافر بيانات عن المزروعات الجديدة في العديد من الدول الأخرى في المنطقة، فإن المشترين يشهدون زيادة في الإنتاج.
وقال بول هاتشينسون، رئيس العمليات التجارية الاستراتيجية في أولام فود إنجريدينتس، وهي واحد من أكبر موردي السلع الأولية في العالم: «ليس الأمر قاصراً على الإكوادور، فلقد شهدنا نمواً ملحوظاً في بيرو وكولومبيا والبرازيل، والجميع يريد المشاركة في زراعة الكاكاو».
وارتفعت العقود الآجلة للكاكاو في نيويورك إلى مستويات قياسية جديدة لتصل إلى 12.191 دولاراً للطن الأسبوع الماضي، ارتفاعاً من أقل من 3 آلاف دولار للطن قبل عام. وتساءل نيكو دبنهام، الرئيس السابق للاستدامة في شركة باري كاليبوت أكبر شركة مصنعة للشوكولاته في العالم: «إذا كنت مزارعاً ورأيت هذه الأسعار، فماذا ستفعل؟ ماذا ستزرع في الأرض؟ لن تزرع البطاطا الحلوة أليس كذلك؟ ستزرع الكاكاو بكل تأكيد».
وجاءت الزيادة الكبيرة في أسعار الكاكاو بسبب أمراض المحاصيل وسوء الأحوال الجوية، ما أدى إلى انخفاض المحاصيل في غربي أفريقيا، ثم انخفاض الإنتاج، مع نمو الطلب على الشوكولاته في الأسواق الناشئة وقيام المستهلكين في الدول الغنية بشراء المزيد من المنتجات الفاخرة.
ويقوم مصنعو الشوكولاته بنقل التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين عن طريق رفع الأسعار، أو تقليص حجم ألواح الشوكولاته أو تغيير الوصفات.
وتوفر غانا وساحل العاج، أكبر منتجين للكاكاو عالمياً، ثلثي استهلاك دول العالم من حبوب الكاكاو، ولكن في كلا البلدين تحدد الحكومة السعر الذي يُدفع للمزارعين لحمايتهم من تقلبات السوق، وهذا يعني أن المزارعين لا يستفيدون بشكل مباشر من ارتفاع أسعار العقود الآجلة، ما يقلل حوافزهم للاستثمار في مزارعهم لتعزيز الغلال.
وفي الوقت نفسه، يستفيد المنتجون في الأسواق الحرة في أمريكا اللاتينية. وقال إدغار زامبرانو، الذي يزرع الكاكاو في أرض مساحتها هكتار واحد في مقاطعة مانابي الساحلية في الإكوادور لإمداد مشروعه الخاصة لتصنيع الشوكولاته، إنه يتم تشجيع المزارعين المحليين على إنتاج المزيد. وقال زامبرانو، الذي يشغل أيضاً منصباً في مجلس إدارة جمعية محلية للمنتجين: «يبقى أكثر من 80% من سعر المحصول مع المنتج، وهذا مهم لأنه يعني أن غالبية الطفرة السعرية تصل إلى المنتج مباشرة».
وقال بول هاتشينسون، إن بعضهم يتخلون عن زراعة محاصيل أخرى، مثل الموز وزيت النخيل، من أجل زراعة الكاكاو. وأضاف: «ما شهدناه في أماكن مثل الإكوادور، وهي الأسرع نمواً هناك، هو طلب غير مسبوق على الشتلات للاستفادة من هذا الارتفاع في أسعار الكاكاو، تُبنى المشاتل بوتيرة متسارعة».
ويستخدم صغار المزارعين في غانا وساحل العاج، الذين يعانون ضائقة مالية، القليل من الأسمدة أو المبيدات الحشرية ولديهم أشجار قديمة، وهي أقل إنتاجاً وأكثر عرضة للأمراض والظروف الجوية السيئة.
وعلى النقيض من ذلك، قال هاتشينسون، إن زراعة الكاكاو في أمريكا اللاتينية عملية صناعية، تستخدم المزارع الكبيرة، التي لديها أساليب ري متطورة ووفرة من المبيدات الحشرية، وبذوراً هجينة مقاومة للأمراض، ولذلك أصبحت الغلال في مستوى مختلف تماماً، ويتمثل الخطر الأبرز في موجة الجرائم التي تغذيها المخدرات في الإكوادور.
وتخوض الحكومة حرباً ضد جماعات الجريمة المنظمة، ولكن النشاط الإجرامي يستهدف إنتاج الكاكاو في الدولة الواقعة في جبال أنديز. وقال زامبرانو: «نعاني كثيراً سرقة الكاكاو في المزارع»، ولكن أيضاً حينما يحصد المزارع محصوله ويأخذه للبيع، فإنه يتعرض ليس فقط لسرقة الحبوب، ولكن يعاني سرقة المركبات أيضاً. ومع ذلك، وفقاً للمحللين، يمكن أن تتفوق الطاقة الإنتاجية للإكوادور قريباً على غانا.
وتقدر أحدث التوقعات من المنظمة الدولية للكاكاو، أن غانا ستنتج نحو 580 ألف طن والإكوادور 430 ألف طن في موسم 2023-2024 الحالي. وقال اتحاد مصدري الكاكاو في الإكوادور، إنه من المتوقع أن ينمو إنتاج الكاكاو في الإكوادور، الذي يتأخر عن بقية المحاصيل الزراعية، لأن النباتات تحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات حتى تؤتي ثمارها، بنسبة 6% هذا العام.
وقال جوناثان باركمان، الرئيس المشارك لقسم الزراعة في شركة ماركس لوساطة السلع الأساسية، إن قلة الاستثمار تعني أن الأمراض والطقس السيئ يمكن أن يقلصا إنتاج غانا بشكل أكبر، بينما يكدس المزارعون الأكوادوريون أرباحهم الأكبر لتعزيز الإنتاج.
وقال فؤاد محمد أبو بكر، رئيس شركة غانا لتسويق الكاكاو، إنه ليس قلقاً على الرغم من أن المزارعين في الإكوادور يحققون مستويات إنتاجية شبه مكتملة، كما قال أبو بكر، إلا أن نظراءهم في غربي أفريقيا ينتجون ما بين 40 و50% فقط من المستوى الأمثل، وهذا يبرز مجالاً كبيراً للنمو.
ومع ذلك، يحذّر المطلعون على الصناعة، من أن هذا الازدهار قد يكون قصير الأجل، وأشار دبنهام إلى الوقت الذي تحتاجه أشجار الكاكاو حتى تؤتي ثمارها، مضيفاً: «بحلول وقت الإنتاج، سيكون الجميع قد زرع الكاكاو، وفجأة سينخفض السعر مرة أخرى». وقال لويس سيمو، مدير سلسلة التوريد لبيرو وكولومبيا والإكوادور في شركة كونفيتيكا لصناعة الحلويات: «يشتري الجميع البضائع ويخزنونها، يعتقد الكثير من الناس بوجود فقاعة سعرية ستنكمش عاجلاً أو آجلاً».