نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين

نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين
أخبار البلد -  
أخبار البلد- لا أسبابسياسية ولا عسكرية ولا ثقافية ونفسية يمكن لها أن تفسر كل هذه الوحشية الإسرائيلية في حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ولا توضح أسباب التواطؤ الأميركي الغربي مع مجرمي الحرب مع تبني رواياتهم الكاذبة والمفبركة، سوى أن هؤلاء لا ينظرون للفلسطينيين وللعرب عموما كبشر ذوي حقوق إنسانية قبل الحقوق الوطنية والسياسية.

هذا السلوك الإسرائيلي ليس جديدا، بل هو متأصل في الفكر والممارسة الصهيونيين منذ إنشاء إسرائيل وعلى امتداد العقود الماضية وحتى الآن. فكر استعلائي بطبيعته، يظن أن اليهود متميزون ومختلفون عن سائر البشر لكونهم شعب الله المختار، ومع أن النظريات الاستعمارية الصهيونية ليست دينية في الأصل، ولكنها اتكأت على انتقاء ما يلائمها من نصوص وقصص توراتية وتلمودية لا حصر لها تنظر إلى الآخرين (الأغيار) ككائنات دون مستوى البشر، خلقها الرب لخدمة اليهود.

ثمة أمثلة كثيرة في الأدبيات القديمة والحديثة عن أفكار الاستعلاء ونزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، من بينها ما كان يردده الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لحركة (شاس) بأن العرب هم كالصراصير والعقارب والديدان التي ينبغي معاملتها كما تعامل هذه الكائنات، أي بالقتل والإبادة، ولذلك فإن النتيجة المنطقية لهذا الفكر هي إباحة ارتكاب الجرائم، فكانت المجازر الصغيرة والكبيرة، الفردية والجماعية دائما أدواتٍ معتمدةً لتنفيذ السياسات والأهداف الإسرائيلية مثل تهجير السكان، أو ردع الخصوم، ومعالجة التحديات الأمنية، أو حتى لتفريغ شحنات الحقد والكراهية التي تنتجها حملات التعبئة والتحريض وغسل الدماغ، لكن كل ذلك كان يبدو هامشيا، أو يجري تصويره وتفسيره بأنه مجرد حوادث متفرقة وثانوية. أما الآن فالجريمة منهجية ومخططة ومكتملة الأركان ومترابطة الفصول، وهذه الجرائم ليست مجرد نتائج جانبية أو عرضية للحرب، بل هي أفعال مقصودة لذاتها.

يمكن العثور يوميا على شهادات إدانة دامغة يطلقها مسؤولون سياسيون وجنرالات، وزراء وأعضاء كنيست، ومحللون سياسيون تستضيفهم ستوديوهات التلفزة والإذاعة الإسرائيلية، على امتداد ساعات الليل والنهار، ونقرأ لهم في الصحف العبرية، وكلهم منخرطون في جوقة واحدة لتبرير الحرب الوحشية، فالوزير جدعون ساعر الذي انضم مؤخرا إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر يدعو إلى جباية ثمن باهظ من الفلسطينيين عبر احتلال جزء مهم من مساحة قطاع غزة، والمعلق العسكري البارز ألون بن دافيد يرى أن بالإمكان إعادة بناء مستوطنات الغلاف وقد أصبحت لها "إطلالات جميلة" على البحر، أما الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند فيرى أن على الجيش الإسرائيلي التسبب بكارثة إنسانية في غزة، وهو يفضل أن تصل الأمور إلى وضع تكون فيه غزة بدون بشر.

يحرص قادة إسرائيل الرئيسيون على اختزال تصريحاتهم وتنميقها ما أمكن، وخصوصا أثناء المؤتمرات الصحفية ولدى زيارات المسؤولين الأجانب. أكثرهم حذرا هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو الخبير في العلاقات العامة، ولكنه لم يجد سوى الكذب وفبركة الأخبار ذخيرة لحملته الدعاوية لتبرير وحشية الحرب التي يشنها على المدنيين من نساء وأطفال في غزة. وقد ذرف دموع التماسيح حين أطلق فِرْيَته بشأن قطع الرؤوس وذبح الأطفال واغتصاب النساء، مقتفيا أثر غوبلز النازي في الدعاية، ومعتمدا على نظرية إعلامية تقوم على أن "الانطباع الأولي" هو الذي يرسخ في ذهن الناس، وليس الحقائق والوقائع المدعومة بالأدلة. هكذا فعلوا عند اغتيال الشهيدة شيرينأبوعاقلة، وكرروا ذلك أكثر من مرة خلال هذه الحرب الإجرامية ومنها ادعاء أن صاروخا أطلقته المقاومة تسبب في مذبحة مستشفى المعمدان، والمصيبة أن الرئيس الأميركي بايدن صدقهم في جميع هذه الحالات، لا بسبب نقص الأدلة، ولكن لأن الإدارة الأميركية تريد تصديق هذه الأكاذيب، وسبق لها أن لفقت ادعاءات مشابهة كما حصل عند الادعاء بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق لتبرير غزوه.

في المقدمات التبريرية والتمهيدية للحرب على غزة، ركز نتنياهو مقولاته بالادعاء أن حركة حماس هي أسوأ من داعش، متجاهلا أن الحركة نشأت في بيئة رفض الاحتلال ومقاومته، بل إن نتنياهو نفسه لطالما برر التسليم بوجود سلطة حماس في غزة، وسمح بتمرير الأموال لها، لكونها بحسب رأيه تسهم في إدامة الانقسام الفلسطيني، وهو ما ينسجم ومصلحة اسرائيل الاستراتيجية.

وزير الدفاع يوآف غالانت كان أكثر وضوحا وصفاقة حين وصف الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية"، لم يأت ذلك في سياق تبادل الشتائم بين زعران في حارة ما، بل لتبرير الجرائم وانتهاك قوانين الحرب، وخرق المعاهدات الدولية، والامتناع عن تطبيق القانون الدولي الإنساني، وجريمة التطهير العرقي والتهجير، وجريمة الإبادة من خلال استهداف المدنيين بقصف البنايات على رؤوس ساكنيها من دون تمييز بينهم وبين المحاربين، وفرض العقوبات الجماعية القاسية بما يشمل قطع الماء والكهرباء ومنع وصول الغذاء والدواء والوقود. خلال المداولات الجارية في وسائل الإعلام الإسرائيلية يكثر استخدام مصطلح "الإبادة" المستقى من أدبيات العهد النازي والذي لم يستخدم منذ الحرب العالمية الثانية إلا بشكل عابر لوصف جرائم الإبادة في رواندا وكمبوديا أثناء حكم الخمير الحمر.

النظرة للفلسطينيين أنهم دون مستوى البشر لا تقتصر على الحرب وخطابها المتطرف، بل نشأت أساسا في حقلي الفكر والسياسة، فحكام إسرائيل لا يرون الفلسطينيين ندّاً لهم، أو شعبا له حقوق وطنية وسياسية، وأقصى ما يمنح لهم هو التسهيلات الاقتصادية أو السلام الاقتصادي كما ورد في صفقة القرن، وتكرر خلال حملة التطبيع مع الدول العربية من دون الفلسطينيين وعلى حسابهم.

الخطأ الإسرائيلي في تجاهل الفلسطيني وتجاوزه ليس مجرد هفوة أخلاقية، ففي كل مرة يجري تجاهله يثبت الفلسطيني أنه العنصر الحاسم في معادلة الصراع وقضية الشرق الأوسط، ولعل هذه النظرة الاستعلائية الاستعمارية التي تحط من قدر الفلسطيني، هي التي حالت دون توقُّع ما يمكن أن يفعل الفلسطيني حين وجه لإسرائيل أقسى لطمة في تاريخها فحطم أسطورة جيشها وأسطورة تفوقها النوعي وكونها قوة عظمى تكنولوجية وعلمية وعسكرية وهي لطمة ستبقى آثارها حاضرة لأجيال وأجيال.
شريط الأخبار المواصفات تتعامل مع 199 ألف بيان جمركي خلال 2024 478 عاملًا بلا عمل جراء اغلاق 14 فندقا في البترا أبو حمزة للإسرائيليين: طالبوا جيشكم بوقف قصف الساعات الأخيرة لتستقبلوا أسراكم أحياء كلبة في تركيا تذهل العالم بنقل جروها إلى الطبيب البيطري بنفسها! (فيديو) مكافحة الفساد تحيل ملف صندوق نهاية الخدمة في "المهندسين الزراعيين" للقضاء تحديد موعد وقف إطلاق النار في غزة الترخيص المتنقل بلواء بني كنانة الأحد صاروخ يمني باتجاه تل أبيب يعلق الملاحة بمطار بن غوريون البنك الاسلامي الاردني يطلق خطة استراتيجية مبتكرة للاعوام (2025-2029) "نحو آفاق جديدة" الاتحاد الأردني لشركات التأمين يوضح حول كتاب متداول: ليس صادرا عن الإتحاد وغير دقيق الاتحاد الأردني لشركات التأمين يوضح حول كتاب متداول: ليس صادرا عن الإتحاد وغير دقيق المحامي شوكت عبيدات شقيق العين هايل عبيدات في ذمة الله «تيك توك» تؤكد عزمها وقف تطبيقها في أميركا يوم غد الصبيحي: قرار يشوّه سوق العمل ويضيّع أموالاً على الخزينة مصري يتزوج اثنتين في ليلة واحدة ويحصل على ثالثة من خبيرة تجميلهما ..(فيديو) الهاتف الذكي عدو نجاح الشباب.. بيل غيتس يكشف عن مخاوفه! من الـ 10 صباحاً وإلى الـ4عصراً.. فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق جنوب المملكة.. (أسماء) أجواء باردة نسبياً في أغلب المناطق حتى الثلاثاء وفيات الأردن اليوم السبت 18/1/2025 مؤشر البورصة يرتفع %1.51 في أسبوع