وقالوا في تصريحات إن تقليل المساعدات والدعم الدولي المقدم للاجئين، لن يساعدهم بالعودة لبلادهم، لانعدام الظروف الأمنية والسياسية فيها، مشددين على أن هذا التخفيض، يجب أن يكون مدروسا في إطار إستراتيجية واضحة متفق عليها مع المجتمع الدولي.
ولفتوا الى أن تراجع المساعدات، سيغير من موقف الأردن في استضافته للاجئين، وسيغير من موقف اللاجئين أنفسهم، إذ إنهم سيعملون على الهجرة الى بلد ثالث غير الأردن إن أمكن.
وقالوا إن الدول الاوروبية باتت انتقائية في من توطنهم فيها من اللاجئين، فتختار المتعلمين وأصحاب المهن ممن تستفيد منهم اقتصاديا، وهذا على حساب الأردن الذي تحمل عن المجتمع الدولي الكثير.
وأشار هؤلاء الى أن الأردن وفي الأعوام الـ12 الماضية، تحمل أعباء اللجوء السوري نيابة عن المجتمع الدولي، حتى أصبح ثاني أكبر مستضيف للاجئين في العالم.
وأضافوا بأن تراجع مساعدات اللاجئين السوريين، سيؤثر على أوضاعهم المعيشية والإنسانية، وسينعكس على خدماتهم من الحكومة، ما قد يكون سببا بالبحث عن بدائل، وليس بالضرورة العودة الفعلية، أو الهجرة الى بلد ثالث إن كان بالإمكان.
يقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بـ1.4 مليون سوري، وتشير إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الى أن عدد العائدين لبلدهم منهم بلغ منذ العام 2016 وحتى نهاية الشهر الماضي 67.8 ألف، بينما بلغ عدد العائدين للشهور الثمانية الأولى من العام الحالي 3.212 ألفا.
وتشير دراسات المفوضية الى أن
97 % من اللاجئين السوريين في الأردن، لا ينوون العودة لبلدهم العام المقبل، فغالبيتهم يخططون للبقاء في الأردن حاليا، بينما 86 % منهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم.
وكان اللاجئون السوريون في الأردن ومصر الأعلى نسبة ممن لا ينوون العودة لسورية في الأشهر الـ12 المقبلة
(97 % في الأردن، و95 % في مصر)، يليهم اللاجئون في العراق بـ94 %، ولبنان 91 %.
وبينما أشارت غالبية المستجيبين في دراسة للمفوضية نشرت أخيرا أن اللاجئين في الأردن والعراق ولبنان، يخططون للبقاء في هذه البلدان حاليا، أكد جزء كبير منهم بأنهم يأملون بالانتقال إلى بلد ثالث، من أجل ظروف معيشية أفضل أولا، وللانضمام إلى أفراد أسرهم ممن يعيشون هناك، وللدراسة.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر المدادحة، قال إن استقبال الأردن للاجئين منذ البداية، كان انطلاقا من سياسة الأردن وتحديدا بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، المبنية على مفاهيم القومية والعروبة والإنسانية والسلام.
وأضاف المدادحة، أن الأردن كان يستطيع إغلاق حدوده كما فعلت دول كثيرة، لكن احترامه للإنسانية ولأشقائه العرب ولتعاطف شعبه مع الشعوب العربية، أدى به لاستقبال اللاجئين السوريين، وهي ليست المرة الأولى، فقد كان دائما وتاريخيا المحطة الأولى لأي لاجئ عربي.
وقال إن على الأوروبيين زيادة مساعداتهم للأردن مقابل تحمله أعباء اللجوء عن المجتمع الدولي.
وأكد ضرورة أن تغير الحكومة خطابها مع المجتمع الدولي والدول التي كان لها دور في الحرب بسورية، جراء ما القته هذه الحرب من تبعات اقتصادية على الأردن لاستضافة اللاجئين، خصوصا وأنه بعد أن أصبحت القضية السورية بعدية عن أولويات دول العالم، في ظل مواجهة تبعات الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة، أشار الى أن تقليل المساعدات والدعم الحكومي للاجئين لن يؤدي بهم للتفكير بالعودة، بسبب ظروف بلادهم السياسية والأمنية، وأن هذا التخفيض يجب أن يكون مدروسا وضمن إستراتيجية واضحة متفق عليها مع المجتمع الدولي، بحيث لا تضر بمن لهم الأولوية في الاستفادة من هذه الخدمات، وبما لا يضر بسمعة الأردن وصورته التي استطاع بناءها أمام العالم في موقفه من اللاجئين.
وبين أن التقنين في المساعدات "إن كان مقررا"، لا بد أن يكون ضمن خطة واضحة، في نطاق التواصل مع المجتمع الدولي، حتى لا تؤدي للإضرار باللاجئين الأكثر حاجة للدعم، وفي النتيجة تؤدي لتشجيعهم للعودة الى بلادهم.
أستاذ الاقتصاد بجامعة اليرموك د.قاسم الحموري، قال إن تراجع المساعدات سيغير من موقف الأردن في استضافة اللاجئين، وكذلك من موقف اللاجئين أنفسهم، بحيث أنهم سيعملون على الهجرة الى بلد ثالث غير الأردن.
ولفت الحموري الى أن الدول الاوروبية، باتت انتقائية في من توطنهم من اللاجئين، فتختار المتعلمين وأصحاب المهن ممن تستطيع الاستفادة منهم اقتصاديا، وهذا على حساب الأردن الذي تحمل عن المجتمع الدولي الكثير.
وأضاف بأن جلالة الملك في زياراته وجولاته العالمية، يعرض ما يواجهه الاقتصاد الأردني من ضغوطات جراء استضافة اللاجئين السوريين، الذين باتوا يشكلون نحو ربع المجتمع، وعليه لا بد من استثمار الحكومات في موقف جلالة الملك والبناء عليه، والاستمرار بعرض الضغوطات على المجتمع الدولي لزيادة التزامه نحو الأردن وتلبية متطلبات خطة الاستجابة الأردنية.
وفي الأعوام السبعة الماضية – أي منذ 2015- كان أعلى دعم تلقاه الأردن بشأن اللاجئين السوريين 1.7 مليار دولار في عام 2017، لكن استمر تراجع الدعم في الأعوام الثلاثة التالية وفق خطة الاستجابة للأزمة السورية.
في العام 2015، تلقى الأردن نحو مليار دولار بنسبة تمويل للاحتياجات مقدرة 36 %، وتلقى 1.6 مليار دولار عام 2016 بنسبة تمويل 62 %، وفي 2017 تلقى 1.7 مليار دولار بنسبة تمويل
65 %، وفي 2018 حوالي 1.5 مليار دولار بنسبة 64 %، وفي 2019 تلقى 1.2 مليار دولار بنسبة 50 % من الاحتياجات، وفي 2020 تلقى 1.1 مليار دولار بنسبة
49 %، وعام 2021 تلقى 744 مليون دولار فقط وبنسبة تمويل قدرت بـ30.6 % عن الاحتياجات المقدرة، علما أنه وبالمتوسط فإن حجم الاحتياجات سنويا يقدر بـ2.5 مليار دولار. وفي 2021 وعلى غير العادة لم يتم توجيه أي مساعدات لدعم موازنة الدولة، ضمن خطة الاستجابة. أما العام الماضي فبلغ حجم التمويل 760.3 مليون دولار بنسبة 33.4 % من متطلبات التمويل البالغة 2.2 مليار دولار.
وكان جلالة الملك أكد في خطابه باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 في نيويورك الأسبوع الماضي، أن الأردن جاد في القيام بواجبه تجاه المحتاجين، ويبذل كل ما بوسعه لتأمين حياة كريمة للاجئين.
وقال "يشكل السوريون تحت 18 عاما ما يقرب نصف اللاجئين السوريين الذين نستضيفهم، والبالغ عددهم حوالي 1.4 مليون سوري. وبالنسبة للكثيرين منهم، الأردن هو البلد الوحيد الذي عرفوه على الإطلاق، فقد ولد أكثر من 230 ألف طفل سوري في الأردن منذ عام 2011".
وأضاف "نحن نشاركهم موارد بلدنا الثمينة لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية من طعام وطاقة ومياه، فنجد بلدنا، أحد أكثر الدول شحا في المياه في العالم، يواجه طلبا متزايدا بمستويات غير عادية على هذا المورد الثمين، ونحن نواجه هذه الضغوطات في وقت تضرب فيه أزمة أخرى منطقتنا وهي التغير المناخي، وما يصاحبها من موجات حر مدمرة وجفاف وفيضانات".
وأكد جلالته، أن الأردن ومن أجل مواجهة عبء اللاجئين، حرص بعناية على إدارة موارده المحدودة والدعم الأساسي من المجتمع الدولي، فالـ"المسؤولية في التعامل مع اللاجئين، ما تزال تقع على عاتق الجميع، لأن العالم لا يملك ترف التهرب من مسؤوليته، ليترك خلفه جيلا ضائعا" مؤكدا على أن الأردن تجاوز القدرة على تقديم الخدمات الضرورية للاجئين.
يشار هنا إلى أن المجلس الأعلى للسكان، كان حذر من تبعات استمرار استضافة اللاجئين لأعوام طويلة ما لم تتبع السياسات اللازمة التي تحول اللجوء ليكون جزءا من "الفرصة السكانية"، والتي توقع ذروتها في عام 2040.
وتوقع المجلس في وثيقة سياسات صادرة عنه عام 2017 أن تتضاعف أعداد اللاجئين السوريين في المملكة من 1.2 مليون إلى 2.757 مليون نسمة في العام 2040 وبزيادة نسبتها 130 %، وذلك في حال عدم عودة اللاجئين لبلادهم وثبات نسب النمو السكاني. وبحسب الوثيقة، فإن هذه الفرضية تأتي ضمن 6 فرضيات تتعلق باللاجئين السوريين، وتصفها الوثيقة بـ”التنبيهية”، وهي أن عدد اللاجئين سوف يصل إلى هذا المستوى في حال استقر معدل النمو السكاني للسوريين عند 2.9 % خلال السنوات الـ22 المقبلة و”استمرار الأوضاع الحالية”.
كما توقعت الوثيقة أن يبلغ عدد السوريين في الأردن 2.6 مليون نسمة بعد 20 عاما، وهي الفرضية نفسها التي يطرحها "الأعلى للسكان” ضمن سيناريوهات تحول النمو السكاني في المملكة الى "فرصة سكانية” العام 2040.
وفي سياق الفرضية ذاتها (عدم العودة)، سيكون عدد اللاجئين وفق وثيقة الفرصة السكانية العام 2050 حوالي 3.4 مليون لاجئ. وفي حال كانت هناك عودة طوعية للسوريين بأعداد منتظمة ليصل العدد الى ما كانوا عليه قبل اللجوء، فإن أعداد اللاجئين في 2040 ستصل الى حوالي 740 ألف لاجئ، أما الفرضية الأخرى فتتوقع أن يكون العدد حوالي 767 ألفا. وهناك فرضية تقترح انخفاض أعداد السوريين حتى العام 2030 بنسبة 40 %، وعودة الثلث بين 2030 و2050، وهي تتوقع أن يصل عدد السوريين في 2040 إلى حوالي 615 ألفا، أما الفرضية التي تفترض عودة نصف السوريين قبل 2030 وعودة الثلث خلال 2030 و2050 فتفترض أن يصل عدد السوريين الى 519 ألف لاجئ.
وأخيرا، هناك الفرضية التي تقول بثبات معدل النمو البالغ 1.9 % خلال الفترة بين 2015 و2025 وانخفاضه بين 2025 و2030 وبدء عودتهم بعد 2030 بأعداد منتظمة، إذ تتوقع أن يصل السوريون الى 1.1 مليون لاجئ. وتعرف الفرصة السكانية أنها "فرصة الاستفادة من التغير في التركيبة العمرية للسكان بحيث يكون أعمار ممن هم في سن الإنتاج أكبر من أعمار المعالين من كبار السن والأطفال”، وحدد المجلس الأعلى للسكان ذروة الفرصة السكانية العام 2040، بحيث تكون فيه نسبة السكان في أعمار القوى البشرية (15-64) أعلى قيمة لها، فيما نسبة الإعالة العمرية في أدنى قيمة لها، وهذا يتحقق بشكل أساسي مع تخفيض معدلات الإنجاب الكلي.