ذكر اتحاد الشركات الصغيرة في بريطانيا، أن نحو 370 ألف شركة في البلاد ستواجه خطر خفض العمالة أو الإغلاق عندما يتوقف الدعم الحكومي للطاقة في نهاية الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة بلومبيرج للأنباء عن تينا ماكينزي، رئيس السياسات في الاتحاد، قولها إنه من أجل الوفاء بالنفقات، يتعين على الشركات أن يكون بمقدورها إعادة التفاوض بشأن عقود الطاقة الخاصة بها من أجل خفض أسعار الجملة، لاسيما تلك التي وقعت عقودا ثابتة أثناء فترة سريان الدعم الحكومي للطاقة.
وكان وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت قد أعلن أن الحكومة ستمدد دعم الطاقة للمستهلكين، لكن الدعم المخصص للشركات سيتوقف في نيسان (أبريل) المقبل.
وقالت ماكينزي إن "هذه الأزمة ستمس المستهلكين أيضا لأن الشركات ستضطر إلى رفع الأسعار لمواجهة ارتفاع الفواتير، مما سيؤدي إلى زيادة التضخم".
ورغم الدعم الساري حتى الآن، انهارت عديد من الشركات البريطانية تحت وطأة فواتير الطاقة القياسية. وذكرت رابطة "ميك يو كيه" للمصنعين في وقت سابق هذا العام، أن نحو 13 في المائة من المصنعين سيغطون بالكاد نفقاتهم أو سيغلقون إذا ما توقفت الحكومة عن دعم الطاقة.
إلى ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة في بريطانيا الشهر الماضي على نحو فاق التوقعات، في مؤشر على أن المستهلكين يواصلون الإنفاق رغم ارتفاع معدلات التضخم.
وذكر المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا، أن حجم السلع التي بيعت من خلال المتاجر والمنصات الإلكترونية ارتفع بنسبة 1.2 في المائة في شباط (فبراير) مقارنة بالشهر السابق عليه، فيما كان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراؤهم يتوقعون زيادة طفيفة تبلغ 0.2 في المائة.
وهذا هو الشهر الثاني على التوالي الذي تفوق فيه مبيعات التجزئة توقعات خبراء الاقتصاد، حيث كانت المبيعات سجلت زيادة معدلة بنسبة 0.9 في المائة في كانون الثاني (يناير) الماضي.
وتعطي هذه البيانات انطباعا بأن المستهلكين في بريطانيا يتعاملون مع أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل أفضل من التوقعات، وقد تساعد في دعم قرار بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) الذي اتخذه في وقت سابق هذا الأسبوع برفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس أخرى إلى 4.25 في المائة.
وصرح أندرو بايلي محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني)، أنه سيتم رفع أسعار الفائدة مجددا إذا ما استمرت زيادة الأسعار.
وناشد بايلي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أمس، الشركات والأفراد ضبط الأسعار، بالنظر إلى آفاق تراجع التضخم بصورة حادة ابتداء من الصيف المقبل.
وقال بايلي "إذا ما حاولت كل الأسعار أن تتغلب على التضخم، فسيصل بنا الحال إلى معدلات تضخم أعلى.. رجاء أن تفهموا أنه إذا ما ترسخ التضخم، فسيتعين رفع أسعار الفائدة مرة أخرى".
وأضاف بايلي "ارتفاع التضخم في الحقيقة لا يعود بالفائدة على أحد، فهو يضر الأفراد، ولا سيما الأقل امتلاكا للثروة في المجتمع".
وارتفع التضخم في بريطانيا بشكل غير متوقع الشهر الماضي بعد سلسلة من التراجعات خلال الفترة الماضية. ويهدف بنك إنجلترا إلى أن ينخفض التضخم إلى 2 في المائة، ويتوقع الوصول إلى هذه النسبة مطلع العام المقبل.
وقال بايلي إن انخفاض أسعار الطاقة بشكل حاد سيؤدي إلى تراجع التضخم خلال الشهور المقبلة، لكنه استطرد أنه ينبغي أن يرى بنك إنجلترا أن هذه التراجعات ظهرت في البيانات الرسمية وأن ضغوط الأسعار تنحسر.
إلى ذلك، ضيقت هيئة مكافحة الاحتكار في المملكة المتحدة من نطاق تحقيقها في صفقة بقيمة 69 مليار دولار لشركة مايكروسوفت مع شركة أكتيفيجن بليزارد لتبديد مخاوفها بشأن توريد أجهزة الألعاب الإلكترونية.
وذكرت هيئة "المنافسة والأسواق" البريطانية أمس، في بيان أنها حصلت على "قدر كبير" من الأدلة الجديدة وحدثت نتائجها المؤقتة، لتظهر أن الاتفاق لم يسفر عن تضييق المنافسة، فيما يتعلق بأجهزة الألعاب الإلكترونية في المملكة المتحدة.
ولم تتغير مخاوف هيئة المنافسة والأسواق في سوق الألعاب السحابية. وسجلت أسهم شركة أكتيفيجن بليزارد ارتفاعا بنسبة 5.2 في المائة في تعاملات ما قبل افتتاح الأسواق المالية أمس.
من جهة أخرى، أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي رسميا أمس اتفاقا لمرحلة ما بعد "بريكست" حول تعديل بروتوكول أيرلندا الشمالية بعدما وافق عليه المشرعون من الطرفين رغم تمرد في صفوف حزب رئيس الوزراء ريشي سوناك.
وخلال اجتماع لجنة مشتركة في لندن، وقع جيمس كليفرلي وزير الخارجية البريطاني وماروس سيفكوفيتش نائب رئيسة المفوضية الأوروبية "إطار وندسور" بعدما صادق المشرعون البريطانيون بأغلبية ساحقة الأربعاء على جزء مهم من الاتفاق.
ومن شأن إقرار الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه لأكثر من عام أن يعيد إطلاق العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي في ظل التوتر الذي هيمن عليها بعد "بريكست" حول مسألة العلاقات التجارية مع شمال أيرلندا.
كما يمهد الاتفاق لاستئناف الحياة السياسية في المقاطعة، بعدما شل الحزب الوحدوي الديمقراطي السلطة التنفيذية إثر معارضته للترتيبات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد "بريكست".
وقال سيفكوفيتش لـ"الفرنسية" بعيد توقيع الاتفاق في لندن "أرى ذلك بمنزلة فتح صفحة جديدة"، مضيفا أن الطرفين "سيعطيان دفعا إيجابيا جديدا للعلاقة".
وقال "أعتقد أن ذلك سيفتح مسارات جديدة في مجالات سياسية واقتصادية لمزيد من التعاون".
ويسمح الاتفاق بحرية مرور البضائع الآتية من باقي أنحاء المملكة المتحدة إلى أيرلندا الشمالية وغير المتجهة إلى أيرلندا وبالتالي إلى السوق الأوروبية الموحدة.
كما يحد من إشراف محكمة العدل الأوروبية على الترتيبات دون إلغائه بالكامل. ويمنح مشرعو المقاطعة حق فيتو فعليا على تطبيق أي قوانين جديدة للاتحاد الأوروبي من خلال البند المعروف بـ"مكابح ستورمونت".
ولا تزال أيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة بسبب الحاجة للحفاظ على حدود مفتوحة مع أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، في إطار اتفاق السلام عام 1998.
ومع خروج باقي مقاطعات المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي الذي تسبب بمشكلات بشأن كيفية حماية السوق الموحدة للسلع المتجهة عبر بحر أيرلندا، أصبح احتمال توحيد أيرلندا أكبر بحسب الوحدويين.
وإن كان الاتفاق أقر رسميا، فهو لم يحصل على دعم الحزب الوحدوي الديمقراطي، أكبر الأحزاب المؤيدة للمملكة المتحدة في أيرلندا الشمالية.