أخبار البلد ــ ما يزال رواد الأعمال الأردنيون يواجهون صعوبات إدارية ومالية كبيرة لبدء أعمالهم التجارية، فرغم تأسيس منظومة لريادة الأعمال تتألف من القطاعين التقني والمالي الحكومي وقطاع المساعدة الائتمانية الخاص، إلا أن التحديات الفنية والائتمانية التي يواجهها الأفراد الراغبون في فتح مشاريعهم التجارية وتنميتها كبيرة، خصوصاً بما يتعلق بالمشاريع والمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تصطدم بعقبات مالية، وإدارية، وغيرها.
وفق هذا السياق؛ وللوقوف على التحديات التي تواجه تأسيس المشاريع الريادية الصغيرة والمتوسطة في الأردن واقتراح حلول تسهم في استدامتها وتطويرها بما يسهم في رفد الاقتصاد الأردني، أطلقت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) من خلال منتدى التنمية البشرية والاقتصادية (هدف) مذكرة سياسات تضمنت توصيات تسهم في دعم الرياديين ومساهمتهم في النمو الاقتصادي في الأردن.
ففيما أشارت المذكرة على تشجيع الحكومة الأردنية على تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة عن طريق تحديد الحد الأدنى لرأس المال بالدينار الأردني كوسيلة لحماية سبل المعيشة للشركاء المعنيين، إلا أنها بينت بعض التحديات فيما يتعلق باللوائح الحالية وتطبيقها، مما يؤكد على حقيقة أن غالبية الشباب الذين يحاولون بدء عمل تجاري (ما يصل إلى 51%) في الأردن، وفقاً لتقرير أصدرته اليونيسيف، يخفقون في ذلك، و42% يباشرون في تأسيس مشاريعهم فعلاً لكنهم يفشلون في الحفاظ عليها.
وعلاوة على ذلك، وكما يتضح من الاستطلاع الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال/ تقرير الأردن الوطني لعام 2019/2020، فإن أقلية فقط من الأردنيين (37%) يعتقدون أنه من السهل بدء عمل تجاري في الأردن، بينما يقر ثلثاهما تقريباً (62.1 %) بأنهم لن يبدأوا مشروعهم التجاري خشية أن يفشل.
ولفتت المذكرة إلى تحديات أخرى تواجه الريادين في المملكة؛ كالتأخيرات خلال مرحلتي الموافقة المسبقة والتسجيل، وصعوبة الحصول على رخصة المهن، وارتفاع تكاليف تصاريح العمل، وأيضاً تكلفة اشتراكات الضمان الاجتماعي، إضافة إلى عدم القدرة على الحصول على التمويل حيث تحجم البنوك بشكل عام عن تقديم الدعم وتكبد المخاطر الإضافية المنطوية على تأسيس المشاريع، فلا يزال الرياديون يواجهون صعوبات كبيرة للحصول على الدعم المالي للبدء بأعمالهم التجارية (وتطويرها). وغالباً ما يكون الأقارب والأصدقاء مصدر التمويل الرئيسي خلال المراحل المبكرة من تطوير العمل التجاري أو المشروع.
كما أكدت المذكرة على ضرورة خلق بيئة أكثر مواءمة للريادة من خلال تسهيل عمليات التسجيل وإجراءاتها، ومواصلة الجهود لرفع وعي رواد الأعمال الطموحين بعالم المشاريع، وكذلك بذل المزيد من الجهود لتعريف بمهارات الريادة وإدارة المشاريع، وصولاً إلى تحقيق توزيع جغرافي أكثر تكافؤاً لحاضنات ومسرعات الأعمال الريادية.
وأوصت المذكرة بأهمية تكثيف الجهود لتمكين الرياديين الشباب، وخاصة الرياديات، من الحصول على التمويل، والاعتراف بخصوصية الأعمال التجارية المدارة منزلياً، ودعم مؤسسات الريادة الاجتماعية، إلى جانب توفير حزم اشتراكات مجزأة في الضمان الاجتماعي لأصحاب المشاريع الريادية الصغيرة.
فيما نبهت المذكرة على أن ريادة الأعمال تشكل "أداة ضد البطالة ومحركاً للنمو الاقتصادي وفرص العمل"، نادت الحكومة بضرورة أن تعيد تقييم التشريعات الخاصة بإنشاء الشركات، وإقامة شراكات استراتيجية محلية وإقليمية وعالمية لتعزيز بيئة الأعمال في المملكة، وكذلك، الاعتراف بالمشاريع ومؤسسات الريادة الاجتماعية ودورها في تعزيز التنمية البشرية ورفد الاقتصاد وبيئة الاستثمار.
ختاماً، تأتي هذه المذكرة للتأكيد على أهمية وضع برنامج تنفيذي تتساند فيه جهود القطاعين الخاص والرسمي بالتعاون مع المجتمع المدني لترجمة رؤية التحديث الاقتصادي والعمل على تنظيم سوق العمل لا قوننته وتحديد نموه، بل العمل على تشجيع البيئة الاستثمارية من خلال توفير التمويل، وتخفيض الضرائب، والحد من الإجراءات البيروقراطية بما يسهم في استدامة الشركات الصغيرة والمتوسطة والحد من البطالة.