دفاعاً عن الوطن

دفاعاً عن الوطن
أخبار البلد -  

أخبار البلد - تكرم عليّ نفر من خيرة أبناء الوطن برسائل حملت بثاً إذاعياً يتعلق بالمياه الجوفية الأردنية في وادي عربة ومعالجة أمورها في معاهدة السلام التي أبرمت في تشرين الأول عام 1994 وصدرت قانوناً بإرادة ملكية في 12 تشرين الثاني من نفس العام بعد أن وافق عليها مجلس الأمة بشقية النوّاب والأعيان.

ولمست من المتحاورين في البث الإذاعي ما ألقى باللائمة على المفاوض الأردني لأمر ظنوه خطأ أو تقصيراً ارتكبه ذلك المفاوض، وهو كاتب هذه السطور، وبدا الأمر وكأن التفاوض مع العدو بين 1991 و 1994 كان شأناً شخصياً بحتاً. وغاب عن بال المتحاورين أن كل لقاء تم بين من اختارهم مجلس الوزراء ليمثلوا الأردن وبين نظرائهم الإسرائيليين حصل بقرار مستقل لكل لقاء من مجلس الوزراء يطلب إليهم أو إلى نفر منهم إجراء ذلك اللقاء.

ثم كانت نهاية المفاوضات صباح يوم 17 تشرين أول 1994 حين وقع مسودة الاتفاقية وزير الخارجية لكل طرف، ثم عرضت نصوص المعاهدة على مجلس الوزراء وتمت مناقشتها مع من مثل الجانب الأردني في الشأن موضوع النقاش، وكان لكاتب هذه السطور أن تشرف بحضور اجتماع مجلس الوزراء لشرح ما يخصه من نتائج التفاوض التي تم توثيقها في مسودة المعاهدة، واستناداً إلى موافقة مجلس الوزراء تم التوقيع على المعاهدة يوم 26 تشرين الثاني 1994 في وادي عربة من قبل رئيس الوزراء لكل طرف، وشهد على ذلك رئيس الولايات المتحدة الأميركية بيل كلنتون.

وأرسلت الحكومة تلك المعاهدة إلى مجلس النواب وتمت مناقشتها ووافق عليها 54 من 80 نائباً وتغيّب نائب واحد وعارضها 25 نائباً ثم وافق عليها مجلس الأعيان بأغلبية ساحقة ومعارضة عضو واحد من 40 عضواً في ذلك المجلس. وصدرت المعاهدة بعد ذلك قانوناً بإرادة ملكية سامية يوم 12 تشرين الثاني من نفس العام.

أسوق هذه الخطوات لأبيّن أن مواد المعاهدة ومواد ملاحقها الخمسة كانت محل تمحيص ونقاش من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية في الدولة وصدرت قانوناً كما ينص على ذلك الدستور. ونسمع اليوم وبعد 29 سنة ونيف من صدور القانون نخبة ترى غير الذي رأيناه واحتوته المعاهدة حين كان الواحد منا أصغر من سنه الحالي بثلاثة عقود. وحسبي اليوم أن أؤكد أن ما ذهبوا اليه من ملامة إنما هو من باب الخطأ الفادح. ومن باب «جد لأخيك عذراً» فقد جهدت ووجدت عذراً لإخوتي، وهو أنهم اجتزأوا المفاهيم وبنود الاتفاق ما جعل الأمر ملتبساً عليهم.

وأحمد الله أن كتب لي عمراً كي أبين الحقيقة التي كانت ستذهب دون تبيانها لو كان قدر الله لي عمراً أقصر، فلقد سبقنا إلى الدار الباقية فرسانٌ هم من خيرة فرسان الوطن أدركوا المكاسب الأردنية في ثنايا المعاهدة. وأعني بهم دولة الدكتور عبدالسلام المجالي ودولة الدكتور فايز الطراونة وعطوفة اللواء تحسين شردم رحمهم الله جميعاً وجعل الجنة مأواهم.

فقد سارع الاحتلال الإسرائيلي التدريجي لوادي عربة منذ ما بعد عدوانه عام 1967 إلى حفر أبار في الأراضي الأردنية المحتلة لاستغلال المياه الجوفية في أغراض الزراعة المروية في تلك الأراضي وفي تربية الأحياء البحرية. ويخلط بعضها بمياه عذبة حسب متطلبات المزروعات التي غطى بها زهاء ثلاثة آلاف دونم. وكان أمر ذلك الاحتلال في التفاوض سبباً في انهيار المفاوضات أكثر من مرة.

طلب المفاوض الإسرائيلي يوم 16 أيلول 1994 في بيت جبرائيل على شاطئ بحيرة طبريا الجنوبي أن يتم تعديل الحدود في وادي عربة بإزاحتها شرقاً كيما تصبح الأبار سالفة الذكر ضمن أراضي إسرائيل وواجه اقتراحهم رفضاً أردنياً قاطعاً. ثم عللوا طلبهم بتبادل بين الطرفين للأراضي يقدمها الأردن في وادي عربة مقابل مياه تقدمها إسرائيل في شمال وادي الأردن، وكان الرد الأردني الرفض القاطع أيضاً.

عمل المفاوض الأردني، كاتب هذه السطور، على إعداد الملحق رقم 2 الخاص بالمياه يومي السبت والأحد 1-2/ 10/ 1994 بعد أن تمت الإشارة إلى ملحق كهذا في المادة رقم 6 من المعاهدة التي انتهي من الاتفاق على ثماني مواد منها بحلول يوم 27/ 9/ 1994. ونوقشت مسودة الملحق من قبل حقوقيين دوليين أحدهما استرالي وثانيهما ألماني يشاركهم مفاوضان اثنان أردنيان، وتم وضع المسودة في صيغتها النهائية. وسلمها المفاوض الأ{دني لنظيره الإسرائيلي في إيلات قبيل ظهر يوم الثلاثاء 11/ 10/ 1994. ولم تحتوِ المسودة بالطبع أي تبادل للأراضي والمياه كما اقترحت إسرائيل.

بدأ التفاوض على نصوص ملحق المياه مساء الخميس 13/ 10/ 1994 لتنهار عند بدئها أول المساء، واستؤنفت المفاوضات في اليوم التالي لتنهار مجدداً، كل ذلك بسبب إصرار المفاوضيْن الإسرائيلييْن على الاحتفاظ بالأراضي الأردنية في وادي عربة وسيطرتها على الأبار فيها. ولعب المرحوم الدكتور أحمد إبراهيم منكو دوراً ذكياً أعاد بموجبه المفاوضات المنهارة. واستمر التفاوض على ملحق المياه المقترح أردنياً مذذاك وطوال الليل 16-17/10/ 1994 حتى انتهى صبيحة يوم الإثنين لينتقل مفاوض المياه إلى مجموعة عمل الحدود ويحقق إنجازاً رئيسياً آخر هناك، وسجل المفاوض يومها أقصى عدد من الساعات مرت دون أن يذوق للنوم طعماً بسبب عناده وتصلبه في حماية حقوق الوطن.

كانت النتيجة أن سمح الأردن لإسرائيل أن تستعمل ما سقفه 10 ملايين متر مكعب سنوياً من مياه وادي عربة (المادة IV- 3 من الملحق رقم 2 – المياه)، وإعادة كافة الأراضي الأردنية المحتلة بما فيها الآبار إلى السيادة الأردنية على أن توثق ببيانات حفرها لدى السلطات الأردنية المختصة، وتخضع شؤونها للقانون الأردني فيما يتعلق بحفر «بئر بدل بئر». ذلك مقابل أن تعطي إسرائيل للأردن عشرة ملايين متر مكعب سنوياً في شمالي وادي الأردن، تكون من محطة تحلية تقيمها إسرائيل لتحلية مياه الينابيع المالحة في جهتها. وإلى أن تقام تلك المحطة لترفد الأردن بالمياه المذكورة وكذلك 50 مليون متر مكعب من المياه الإضافية سنوياً تقوم إسرائيل بتزويد الأردن بالملايين العشرة من بحيرة طبريا وبنصف المياه الإضافية أي 25 مليون متر مكعب سنوياً ترتفع إلى 50 مليون لدى تشغيل محطة التحلية. وما هفوة المتحاورين على الأثير مؤخراً إلا سهوهم عن ذكر ما تقدمه إسرائيل للأردن من مياه عذبة بواقع 10 ملايين متر مكعب سنوياً (المادة 2d I-من الملحق رقم 2 – المياه).

وبمقارنة نوعية ما تستعمله إسرائيل من مياه وادي عربة الجوفية بنوعية ما تزوّد الأردن به مقابل ذلك من بحيرة طبريا، نجد أن الغلبة في ذلك للأردن الذي يحتاج إلى المياه العذبة في ربعه الشمالي الغربي حيث جمهرة سكانه، ولا يستعمل مياهاً ذات ملوحة مرتفعة تزداد بجريانها الجوفي من طبقتها الجوفية في جبال الشراة إلى وسط وادي عربة حيث الأبار موضوع حديثنا.

وجدير بالذكر أن مرجعية مفاوضات السلام، كي ننعش الذاكرة لنا جميعاً، كانت قراري مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و338 لسنة 1973. وما لموضوعنا أعلاه أي ذكر في أي من القرارين! والباقي عندكم!

وأملي، بل رجائي، من الإخوة المهتمين أن يثيروا تساؤلاتهم حول المعاهدة في أقرب وقت وقبل أن تتدانى منيتي، إذ قد بلغت من الكبر عتيّا، كي يكون بالإمكان تزويدهم بالحقائق والتفسيرات التي ليس لها مقصد إلا المقصد الذي لتحقيقه قبلنا بالتفاوض، وهو خدمة الوطن والدفاع عن مصالحة بتكليف من السلطات الدستورية المستقلة فيه ورقابة منها. ولا ننسى أن الإخوة الفلسطينيين اختاروا سلوك مسار مستقل بعد اتفاقاتهم مع الأسرائيليين في أوسلو عام 1993.

أشكر كل أفراد النخبة التي جلبت لانتباهي لما جرى حول الموضوع وأخص منهم معالي العين الدكتور صالح ارشيدات وزير المياه الأسبق، ومعالي الدكتور فايز الخصاونة وزير الزراعة الأسبق، وأصحاب العطوفة الباشا عدنان الجندي مدير المخابرات الأسبق والباشا سلامة القطارنة مدير مخابرات عمان الأسبق، والدكتور ماهر حجازين مدير عام سلطة المصادر الطبيعية الأسبق، والدكتور دريد محاسنة أمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق، والدكتور إبراهيم قراعين الأستاذ في الجامعة الأردنية والزميل المهندس نبيل جورج مرار والصديق الصحفي جورج حواتمه أدامهم الله ولا أراهم أي نكران لكل جميل قدموه بأمانة وإخلاص في خدمة الملك والوطن.

 
شريط الأخبار توصيات بارتداء ملابس دافئة... حالة الطقس ليوم الجمعة نتنياهو يخشى إصدار مذكرات اعتقال بحقه ويطلب المساعدة من بريطانيا وألمانيا سطو مسلح على "بنك فلسطين" في رام الله الحكومة تطرح عطاءين لشراء 240 ألف طن قمح وشعير كاميرات تتبع إلكتروني لرصد المخالفات الصفدي يوجه رسالة حادة لنظيره الإيراني حول الإساءات لمواقف الأردن طرد 4 إسرائيليين من فندق في تنزانيا بسبب كلمة "فلسطين حرة" (صور) وزير المالية من واشنطن يتحدث عن قدرة الحكومة الاقتصادية 15 مليون قدم مكعب إنتاج بئر 59 في حقل الريشة الغازي مندوب الاحتلال بالأمم المتحدة يهاجم مجلس الأمن عشية التصويت على عضوية فلسطين: هذا مجلس إرهاب الشمع الأحمر لمحال قصابة تلاعبت بالأختام والذبح 11 مركزا مسجلا على منصة الكفالات الإلزامية تكفل أكثر من 12 ألف سيارة وزير الخارجية أمام مجلس الأمن: إسرائيل دمرت غزة وشردت ثلثي أهلها محافظ العاصمة يقرر الإفراج عن موقوفين إداريا رغم تحذيرات دولية.. الجيش الإسرائيلي: نحن ذاهبون إلى رفح مهيدات يلتقي ائتلاف مربي الأبقار 18مليون دينار التوزيعات النقدية لشركة توليد الكهرباء المركزية مخططات مقيتة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني.. بيان أردني شديد اللهجة ضد الانتهاكات الاسرائيلية في الأقصى وزير الأوقاف محمد الخلايلة: إلى ما يُدعى بوزير الأمن القومي الإسرائيلي "تطوير المناهج" يوضح حول إعداد كتب الصف الحادي عشر الدراسية