الدستور الأردني في ذكرى إصداره

الدستور الأردني في ذكرى إصداره
أخبار البلد -   أخبار البلد-
صادف يوم الأحد الماضي الذكرى الواحدة والسبعين لإصدار الدستور الأردني الحالي، والذي صدرت الإرادة الملكية السامية للمغفور له الملك طلال بالموافقة عليه، ونشره في عدد الجريدة الرسمية رقم (1093)، الصادر بتاريخ 8 كانون الثاني عام 1952.

ويعتبر الدستور الحالي ثاني الدساتير الوطنية التي تعاقبت على الدولة الأردنية منذ استقلالها في عام 1946. فهو قد نشأ بأسلوب العقد الذي أبرم بين الحاكم من جهة والشعب من خلال ممثليه من جهة أخرى، حيث توافقت إرادة الحاكم مع الشعب في إصداره وتعديله.

وباعتباره دستورا مكتوبا، فقد اكتسب صفة الجمود في طبيعته؛ بمعنى أن إجراءات تعديله تكون أكثر شدة وصعوبة من إجراءات تعديل القانون العادي، وذلك استنادا لأحكام المادة (126/1) من الدستور، إذ لا بد من موافقة ثلثي أعضاء كل من مجلسي الأعيان وتصديق الملك على تعديله. فموافقة الملك على تعديل الدستور تعتبر تصديقا مطلقا، ذلك على خلاف موافقته على مشاريع القوانين، التي تعد تصديقا توقيفيا وليس نهائيا.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن هناك قيدا زمنيا وموضوعيا على تعديل الدستور الأردني، يتمثل بحظر إجراء أي تغيير على نصوصه وأحكامه المتعلقة بحقوق الملك ووراثته أثناء قيام مدة الوصاية، وذلك بهدف المحافظة على عرش المملكة الأردنية الهاشمية في أسرة الملك عبد الله الأول ابن الحسين، عملا بأحكام المادة (28) من الدستور.

وقد خضع الدستور الأردني منذ إصداره لسلسلة من التعديلات التي كان آخرها في عام 2022، حيث جاءت المراجعة الأخيرة لنصوص الدستور استجابة لمتطلبات التحديث السياسي المتمثل بتطوير آليات العمل النيابي، وإعادة النظر في طريقة تشكيل الحكومات، والتأسيس لمرحلة متقدمة في أسلوب ممارسة السلطة التنفيذية لمهامها ومسؤولياتها.

بالعودة إلى التعديلات السابقة على الدستور الحالي، نجد بأنها قد جاءت في جزء منها استجابة لظروف ومعطيات تاريخية مرت بها الدولة الأردنية وذلك حتى عام 1984، ومن ثم بناء على رغبة وطنية في تطوير الحياة الديمقراطية والبرلمانية وتجويد النصوص التشريعية.

فقد جرى تعديل الدستور في عام 1958 بما يتوافق مع الاتحاد الهاشمي الذي تم بين الأردن والعراق، قبل أن يعاد مراجعة النصوص المضافة في العام ذاته في ضوء انتهاء الاتحاد الذي لم يدم طويلا.

وبعد ذلك، توالت التعديلات الدستورية منذ عام 1960 بهدف التعاطي مع حالة عدم القدرة على إجراء انتخابات تشريعية في مواعيدها الدستورية بسبب ظروف الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في ظل الوحدة بين الضفتين، وإيجاد آلية لملء أي شاغر في مجلس النواب بسبب تعذر إجراء الانتخابات الفرعية في ذلك الوقت. ونتيجة لهذه الظروف، جرى إعطاء الملك الحق الدستوري في تأجيل الانتخاب تأجيلا عاما، وإعادة مجلس النواب المنحل ودعوته للانعقاد إذا استمرت الظروف القاهرة لفترة طويلة.

ومع انتهاء هذه الحقبة الزمنية بصدور قرار فك الارتباط، بدأت التعديلات الدستورية منذ عام 2011 تتجه نحو تجاوز تبعات الماضي لصالح تكريس عناصر النظام النيابي البرلماني الكامل، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات، ومعالجة مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، بالإضافة إلى تعزيز استقلال السلطة القضائية.

وعليه، جاءت التعديلات الدستورية الأكبر نطاقا في عام 2011 استجابة للمطالب الشعبية، حيث خضع الدستور الوطني لمراجعة شاملة بهدف تعزيز الحقوق والحريات الفردية، وإنشاء هيئات دستورية لها صلة مباشرة بصيانتها وتكريسها، والتي تمثلت بالمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب.

وتوالت التعديلات الدستورية في عامي 2014 و2016، والتي جاءت محدودة في نطاقها بالمقارنة بسابقاتها، حيث اقتصرت على مراجعة شروط العضوية في مجلس الوزراء لصالح حظر ازدواج الجنسية، التي تقرر إلغاؤها فيما بعد، وتوسيع مهام الهيئة المستقلة للانتخاب لتشمل إجراء الانتخابات النيابية والبلدية كاختصاص أصيل.

إن المراجعات السابقة لنصوص الدستور الأردني تأتي لتتوافق مع طبيعة الدساتير الوطنية بأنها وثائق حية تهدف إلى تنظيم علاقة الفرد بدولته وسلطاتها الثلاث، والتي هي علاقة متجددة ومتطورة تحكمها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية منها والخارجية.

إلا أن المناسبات العديدة التي خضع فيها الدستور الأردني للمراجعة والتحديث لم تسلبه صفة العراقة والقِدم، فهو اليوم ثاني أقدم دستور في الوطن العربي بعد الدستور اللبناني لعام 1926. فالربيع العربي قد أجبر العديد من الدول العربية على وقف العمل بدساتيرها الوطنية القديمة وإصدار دساتير جديدة، وذلك بسبب عدم قدرة تلك الدساتير على صيانة الحقوق والحريات، فكان الأسلوب الوحيد للتعامل معها، هو إلغاؤها والاستبدال بها وثائق دستورية جديدة.

هذا على خلاف الحال بالنسبة للأردن، الذي أثبت دستوره علو شأنه وقدرته على التأقلم والتكيّف مع التاريخيات والمستحدثات. فهو اليوم يمضي قدما في الاستجابة عملية التحديث، ليكون الركيزة التشريعية التي تستند إليه باقي السلطات في الدولة في العمل والبناء.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com
 
شريط الأخبار جامعة هارفرد تقاضي ترامب "الملكية" تُسيّر رحلة إلى مسقط لحضور مباراة النشامى بأسعار تشجيعية توقيف شخص اعتدى على مياه قناة الملك عبد الله بالأغوار الشمالية أكثر من 9 ملايين رحلة باستخدام بطاقات الإعفاء عبر "باص عمّان" و"الباص السريع" الأمن العام: وفاة خمسيني وإصابة سيدة إثر حادث تدهور على طريق المية الأردن.. استبدال اسم شارع (سيد قطب) إلى (الشهيد عبد الرزاق الدلابيح) آل يعيش وكنعان مصاهرة ونسب... الوزير يعرب القضاة طلب والشيخ مجحم الخريشا أعطى (صور) توقعات بارتفاع حصة الضمان من أرباح الشركات لـ 190 مليون دينار انفجار يهز صنعاء... وفاة أكثر من 40 شخص وإصابة العشرات (فيديو) الحباشنة يحاضر حول عيد الاستقلال في نادي الحصن الثقافي جمعية الفنادق: 63% نسبة إشغال فنادق عمّان فئة 5 نجوم والبحر الميت 47% وفيات الجمعة 23-5-2025 بدء فعاليات الاحتفال بعيد الاستقلال اليوم أولى قوافل الحجاج الأردنيين تغادر اليوم إلى الديار المقدسة أجواء معتدلة في أغلب المناطق الجمعة الحكومة: انخفاض أسعار المحروقات عالميا مؤتمر العقبة العاشر يوفر مساحات واسعة للاجتماعات الثنائية بين المشاركين... صور لقاء في مؤسسة الغذاء والدواء يناقش الصناعة الدوائية القوات المسلحة الأردنية تُجلي طفلين مريضين من غزة 1688 حادثة سيبرانية في الأردن خلال الثلث الأول من 2025