لم يجامل ابو سامي الحياة لحظة واحدة, ولم يجامل العمر أيضاً, فبقي طوال سنوات عمره التي تجاوزت التسعين, شامخا, محافظا على قامة لا تقبل الانحناء, وأناقة كانت مجال غيرة عند كل اصدقائه, ووسامة بعينين ملونتين قدحا من جبال الخليل.
ولم يجامل شيخ المناضلين في اي موقف, وإن اتسمت مواقفه في لحظات معينة بالحدة, إلا انها كانت البوصلة الحقيقية لكل موقف وطني, وبقي حتى سنوات عمره الاخيرة حارسا للذاكرة الوطنية, وحاميا للمشروع الوطني الفلسطيني, الذي لم يسلخه لحظة عن المشروع الوطني الاردني, لهذا استحق بالأمس وهو محمولا على اكتاف مشيعيه, ان يلف جثمانه بالكوفيتين البيضاء والحمراء, وهو الذي لم يعترف يوما بمخرجات سايسكس بيكو, ولا حتى بشريان نهر الاردن الذي يفصل الضفتين, فكان دائما وفيا للمشروع الوطني العربي, وهو ابن البعث الذي انضم اليه بعد عام واحد من نكبة فلسطين.
ابو غربية الذي أمضى معظم حياته في القدس. اشترك في مراحل النضال الفلسطيني المسلح جميعها خصوصا ثورة (1936-1939) وحرب (1947-1949), حيث كان أحد قادة جيش الجهاد المقدس وخاض معارك كثيرة منها معركة القسطل التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني, كما جرح عدة مرات, ودخل السجون والمعتقلات.
الذين عاشوا مرحلة الخمسينيات الذهبية للحركة الوطنية الاردنية, يعرفون جيدا, من هو بهجت أبو غربية, حيث كان يقود سرا النضال الوطني لحزب البعث, بعد ان انتخب عضواً في القيادة القطرية (1951-1959).
والذين عاشوا فترة الستينيات والنهوض الوطني للمشروع القومي العربي يعرفون جيدا لمسات أبي سامي ودوره الأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية مع الرئيس الراحل أحمد الشقيري ودوره أيضا في تأسيس جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية, الذي من خلالهما انتُخِب عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة ثلاث مرات قبل أن يتخلى عن عضوية اللجنة التنفيذية, والمؤسسات الفلسطينة الاخرى احتجاجا على قبول المنظمة قرار مجلس الأمن 242 والاعتراف بدولة العدو, وبعد أن شعر ان هناك من يحاول اللعب في بوصلتها الوطنية, واتجاهاتها التي كان لا يعترف بها إلا نحو فلسطين, مثلما قالها الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب يوما والذي يصارع السرطان هذه الايام...
بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة..
حطموها على رؤوس اصحابها...
والذين لم يتعرفوا على شيخ المناضلين في فترة الاحكام العرفية, لا يعرفون ان مطبعة التوفيق التي كان يملكها, واستمر فيها شريكا لاخر ايام حياته, كانت ملجأ الاحزاب الممنوعة والقوى الوطنية في طباعة المنشورات, كما كانت في ايام اخرى المخبأ الآمن للمطاردين من هؤلاء الحزبيين, والذاكرة تعرف الكثير من الحكايات التي رواها اصحابها, عن دور ابو غربية وشجاعته في تلك المرحلة.
كان شيخ المناضلين ذاكرة وطنية جمعية حقيقية للمشروع الوطني الفلسطيني, وتجسيدا لهذا صدر له عام 1993 القسم الأول من مذكراته "في خضم النضال العربي الفلسطيني" وفي عام 2004 صدر له الجزء الثاني من مذكراته "من النكبة إلى الانتفاضة.
لم يرض شيخ المناضلين ان يودع الحياة إلا في يوم جمعة, انسجاما مع نسمات الربيع العربي, وجمعه المباركة, التي ايقظت العرب بعد اربعين عاما من السبات الشتوي, ولم يرض الغياب إلا في يوم ماطر, حتى يكون تراب مدينة سحاب بردا وسلاما على روحه.
ابو سامي, سنديانة عربية تهوي, بعد أن صمد في حراسة المشروع الوطني طِوال 96 عاما, عليك الرحمة وعلينا أيضا وما بَدّلت تبديلا.
ولم يجامل شيخ المناضلين في اي موقف, وإن اتسمت مواقفه في لحظات معينة بالحدة, إلا انها كانت البوصلة الحقيقية لكل موقف وطني, وبقي حتى سنوات عمره الاخيرة حارسا للذاكرة الوطنية, وحاميا للمشروع الوطني الفلسطيني, الذي لم يسلخه لحظة عن المشروع الوطني الاردني, لهذا استحق بالأمس وهو محمولا على اكتاف مشيعيه, ان يلف جثمانه بالكوفيتين البيضاء والحمراء, وهو الذي لم يعترف يوما بمخرجات سايسكس بيكو, ولا حتى بشريان نهر الاردن الذي يفصل الضفتين, فكان دائما وفيا للمشروع الوطني العربي, وهو ابن البعث الذي انضم اليه بعد عام واحد من نكبة فلسطين.
ابو غربية الذي أمضى معظم حياته في القدس. اشترك في مراحل النضال الفلسطيني المسلح جميعها خصوصا ثورة (1936-1939) وحرب (1947-1949), حيث كان أحد قادة جيش الجهاد المقدس وخاض معارك كثيرة منها معركة القسطل التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني, كما جرح عدة مرات, ودخل السجون والمعتقلات.
الذين عاشوا مرحلة الخمسينيات الذهبية للحركة الوطنية الاردنية, يعرفون جيدا, من هو بهجت أبو غربية, حيث كان يقود سرا النضال الوطني لحزب البعث, بعد ان انتخب عضواً في القيادة القطرية (1951-1959).
والذين عاشوا فترة الستينيات والنهوض الوطني للمشروع القومي العربي يعرفون جيدا لمسات أبي سامي ودوره الأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية مع الرئيس الراحل أحمد الشقيري ودوره أيضا في تأسيس جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية, الذي من خلالهما انتُخِب عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة ثلاث مرات قبل أن يتخلى عن عضوية اللجنة التنفيذية, والمؤسسات الفلسطينة الاخرى احتجاجا على قبول المنظمة قرار مجلس الأمن 242 والاعتراف بدولة العدو, وبعد أن شعر ان هناك من يحاول اللعب في بوصلتها الوطنية, واتجاهاتها التي كان لا يعترف بها إلا نحو فلسطين, مثلما قالها الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب يوما والذي يصارع السرطان هذه الايام...
بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة..
حطموها على رؤوس اصحابها...
والذين لم يتعرفوا على شيخ المناضلين في فترة الاحكام العرفية, لا يعرفون ان مطبعة التوفيق التي كان يملكها, واستمر فيها شريكا لاخر ايام حياته, كانت ملجأ الاحزاب الممنوعة والقوى الوطنية في طباعة المنشورات, كما كانت في ايام اخرى المخبأ الآمن للمطاردين من هؤلاء الحزبيين, والذاكرة تعرف الكثير من الحكايات التي رواها اصحابها, عن دور ابو غربية وشجاعته في تلك المرحلة.
كان شيخ المناضلين ذاكرة وطنية جمعية حقيقية للمشروع الوطني الفلسطيني, وتجسيدا لهذا صدر له عام 1993 القسم الأول من مذكراته "في خضم النضال العربي الفلسطيني" وفي عام 2004 صدر له الجزء الثاني من مذكراته "من النكبة إلى الانتفاضة.
لم يرض شيخ المناضلين ان يودع الحياة إلا في يوم جمعة, انسجاما مع نسمات الربيع العربي, وجمعه المباركة, التي ايقظت العرب بعد اربعين عاما من السبات الشتوي, ولم يرض الغياب إلا في يوم ماطر, حتى يكون تراب مدينة سحاب بردا وسلاما على روحه.
ابو سامي, سنديانة عربية تهوي, بعد أن صمد في حراسة المشروع الوطني طِوال 96 عاما, عليك الرحمة وعلينا أيضا وما بَدّلت تبديلا.