من مستحدثات تأثير ظواهر الإرهاب ومخلفات الثورات العربية السارية على مفردات اللغة الأمنية ظهور الحاجة لفصل المصطلحات الأمنية لدى الدول الخائفة، وتخصيصها للدلالة على الانحرافات السلوكية .فبعد أن كان مصطلح الأوضاع الجرمية ومصطلح الأوضاع الأمنية يدلان على ذات المعنى والدلالة أصبح مصطلح الأوضاع الجرمية مخصص للدلالة على الجرائم الجنائية كالسرقات والانحرافات الأخلاقية وغيرها من الممارسات الفردية الشاذة غير المنظمة ،وذلك تمييزا له عن مصطلح الأوضاع الأمنية الذي خصص للدلالة حصرا على الأحداث ذات الطابع الإرهابي او الانحرافات المرافقة للظاهرة الثورية ،
مهد ذلك لتعديلات مربكة على المكونات الأمنية الأساسية في الدول ذات الأنظمة الرخوة التي هزتها نسائم التغيير العربي وبدأت بفقد تماسكها. ولم يتوقف التأثير عند الحدود اللفظية والخطابية ،فانشطرت مؤسسات الحماية الوطنية تبعا لبدعة التغير الاصطلاحي بفعل انعدام الرؤيا وعتمة تسارع الأحداث ،وظهرت الى حيز الوجود تشكيلات عسكرية قمعية بمسميات شرطية مختلفة اشتد ساعدها وطغت على ساحة الأحداث، في حين تراجع الاهتمام بدور الأجهزة الأمنية التقليدية التي تعالج الجريمة وجرى إهمالها فهزلت وضعف أدائها ،وتراجع دورها في المحافظة على الأمن والنظام وحماية الأرواح والأعراض والأموال ،فانتشرت الجريمة وشاع القلق وفقدت الطمأنينة .
في الأردن ثمة إرهاصات تجييش لوسائل معالجة المستجدات الداخلية لا يكمن إخفائها وتم إنشاء قوة الدرك بموجب قانون رقم 4917 لسنة2008 لتهدف حسب منطوق المادة الرابعة إلى (استقرار الأمن والسيطرة على كافة الأوضاع والأعمال التي تمس السلامة العامة والآمن الداخلي بكافة أشكاله) ،ورصد المتابعون تضخما مقلقا بحجم هذه القوة وتوغلها في تفاصيل الحياة المدنية .وما تم الإعلان عنه أثناء إقامة القصعة الصحفية عن تنفيذ ثمانية آلاف مهمة خلال عام واحد قد لا يدل على خير .فالحقيقة المؤكدة هي أن تلك الفعاليات تائهة ولا صلة لها بإجراءات منع الجريمة بعد ان تخلى الدرك عن القيام بدوره بواجب الدوريات والواجبات الأخرى المانعة للجريمة الذي كان يمارسه قبل انفصاله عن الأمن العام .
لان الدرك خرج بالأمس القريب من بين صلب الأمن العام وترائبه، وجرى فصله بناء على توجهات ملكية سامية ،فان أدب قادة الأمن الجم وحيائهم يمنعهم من البوح بفشل التجربة بل ان هناك ايعازات متواصلة بضرورة الصبر وقبول الأوضاع على علاتها والتكيف مع الأزمة،ولطالما سمع همسهم حول تقييم مخرجات التغذية الراجعة عن قيادة العمليات الميدانية برأسين، وازدواجية المهام ،والصراعات الصامتة ،والتأخير المدمر في وصول قوات الدرك او الانسحاب المبكر خاصة في وقائع العنف المجتمعي ،وترددها في الاستجابة لمقتضيات اللحظات الحرجة وهي تصر على ان لها تقديراتها الخاصة وليست رهن إشارة ضباط الشرطة على أي حال ،مما دفع مديرية الأمن العام لاستحداث قوة تدخل سريع مصغرة شبيهه لسد الفراغ الذي تركة غيا ب الدرك لكنها لا تفي بالغرض.
من جانبها تعتبر مديرية الدرك ان الوضع الحالي هو الوضع المثالي الأنسب ولا تقبل النقد بل وتتجاهل الأزمة وتؤكد أن هنالك من يحاول إفشال التجربة .لكن المصلحة الوطنية تتطلب إعادة ارتباط الدرك بالأمن للحفاظ على مبدأ وحدة إصدار الأوامر الميدانية ،والقضاء على تضارب القرارات الأمنية في هذه المرحلة الخطرة ،
بعد خمسة سنوات من التجربة المنقولة توافر ما يكفي لإظهار الحقائق الخفية ،وكشفها أمام المرجعيات العليا المنفتحة التي لا يضيرها إعادة النظر بما يمس امن الوطن ،وهي خير من يدرك ان المسألة ليست مغلقة أو غير قابلة للمراجعة والنقاش ،وان نجاح ألتجربة في بعض الدول لا يعني بالضرورة نجاحها هنا بالنظر للخصوصية واختلاف الظرف. إضافة إلى أن وحدة الدرك لم تكن تواجه مشكلة إبان ارتباطها بمديرية الأمن العام ،ولم يطرأ عليها تغيير ايجابي يذكر، ولا زالت كما كانت علية قبل الانفصال من حيث الكفاءة والاحتراف .fayz.shbikat@yahoo.com
رئيس الشبكة الأردنية للأمن الاجتماعي
مهد ذلك لتعديلات مربكة على المكونات الأمنية الأساسية في الدول ذات الأنظمة الرخوة التي هزتها نسائم التغيير العربي وبدأت بفقد تماسكها. ولم يتوقف التأثير عند الحدود اللفظية والخطابية ،فانشطرت مؤسسات الحماية الوطنية تبعا لبدعة التغير الاصطلاحي بفعل انعدام الرؤيا وعتمة تسارع الأحداث ،وظهرت الى حيز الوجود تشكيلات عسكرية قمعية بمسميات شرطية مختلفة اشتد ساعدها وطغت على ساحة الأحداث، في حين تراجع الاهتمام بدور الأجهزة الأمنية التقليدية التي تعالج الجريمة وجرى إهمالها فهزلت وضعف أدائها ،وتراجع دورها في المحافظة على الأمن والنظام وحماية الأرواح والأعراض والأموال ،فانتشرت الجريمة وشاع القلق وفقدت الطمأنينة .
في الأردن ثمة إرهاصات تجييش لوسائل معالجة المستجدات الداخلية لا يكمن إخفائها وتم إنشاء قوة الدرك بموجب قانون رقم 4917 لسنة2008 لتهدف حسب منطوق المادة الرابعة إلى (استقرار الأمن والسيطرة على كافة الأوضاع والأعمال التي تمس السلامة العامة والآمن الداخلي بكافة أشكاله) ،ورصد المتابعون تضخما مقلقا بحجم هذه القوة وتوغلها في تفاصيل الحياة المدنية .وما تم الإعلان عنه أثناء إقامة القصعة الصحفية عن تنفيذ ثمانية آلاف مهمة خلال عام واحد قد لا يدل على خير .فالحقيقة المؤكدة هي أن تلك الفعاليات تائهة ولا صلة لها بإجراءات منع الجريمة بعد ان تخلى الدرك عن القيام بدوره بواجب الدوريات والواجبات الأخرى المانعة للجريمة الذي كان يمارسه قبل انفصاله عن الأمن العام .
لان الدرك خرج بالأمس القريب من بين صلب الأمن العام وترائبه، وجرى فصله بناء على توجهات ملكية سامية ،فان أدب قادة الأمن الجم وحيائهم يمنعهم من البوح بفشل التجربة بل ان هناك ايعازات متواصلة بضرورة الصبر وقبول الأوضاع على علاتها والتكيف مع الأزمة،ولطالما سمع همسهم حول تقييم مخرجات التغذية الراجعة عن قيادة العمليات الميدانية برأسين، وازدواجية المهام ،والصراعات الصامتة ،والتأخير المدمر في وصول قوات الدرك او الانسحاب المبكر خاصة في وقائع العنف المجتمعي ،وترددها في الاستجابة لمقتضيات اللحظات الحرجة وهي تصر على ان لها تقديراتها الخاصة وليست رهن إشارة ضباط الشرطة على أي حال ،مما دفع مديرية الأمن العام لاستحداث قوة تدخل سريع مصغرة شبيهه لسد الفراغ الذي تركة غيا ب الدرك لكنها لا تفي بالغرض.
من جانبها تعتبر مديرية الدرك ان الوضع الحالي هو الوضع المثالي الأنسب ولا تقبل النقد بل وتتجاهل الأزمة وتؤكد أن هنالك من يحاول إفشال التجربة .لكن المصلحة الوطنية تتطلب إعادة ارتباط الدرك بالأمن للحفاظ على مبدأ وحدة إصدار الأوامر الميدانية ،والقضاء على تضارب القرارات الأمنية في هذه المرحلة الخطرة ،
بعد خمسة سنوات من التجربة المنقولة توافر ما يكفي لإظهار الحقائق الخفية ،وكشفها أمام المرجعيات العليا المنفتحة التي لا يضيرها إعادة النظر بما يمس امن الوطن ،وهي خير من يدرك ان المسألة ليست مغلقة أو غير قابلة للمراجعة والنقاش ،وان نجاح ألتجربة في بعض الدول لا يعني بالضرورة نجاحها هنا بالنظر للخصوصية واختلاف الظرف. إضافة إلى أن وحدة الدرك لم تكن تواجه مشكلة إبان ارتباطها بمديرية الأمن العام ،ولم يطرأ عليها تغيير ايجابي يذكر، ولا زالت كما كانت علية قبل الانفصال من حيث الكفاءة والاحتراف .fayz.shbikat@yahoo.com
رئيس الشبكة الأردنية للأمن الاجتماعي