اعتقد أن جلالة الملك في زيارته الحالية للعاصمة واشنطن حمل العديد من الملفات المهمة والتي تقرع جرس الخطر أمام الإدارة الأمريكية المتهالكة ، ليست المسالة الآن متوقفة عند مسالة الربيع العربي أو مسالة الوضع الاقتصادي الصعب أو تراجع حجم الدعم الأمريكي للأردن أو عودة حماس وقياداتها للإقامة في الأردن أو موضوع عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات وخارطة طريق أردنية .
أصبحت القضية الآن أن المنطقة برمتها تتواجه مع مفترق طرق خطير جدا يصعِّد المنطقة فإما أن تتأجج المنطقة وتشتعل وقد أخذت صفارات الإنذار تنطلق من هنا وهناك ، وخاصة تفاقم رعونة وصلف الكيان الصهيوني وإقدامه على تنفيذ سلسلة عمليات اغتيال علماء ذرة إيرانيين ، وتعهد إيران برد مزلزل ، فالمارد الإيراني لا يصمت ويعمل على مرغ الأنف الأمريكي بالتراب ، ويهدّد ويتوعد ويحارب على خطوط دفاعه المتقدمة في سوريا ولبنان ومضيق هرمز ، ويستعرض عضلاته وقدراته العسكرية ، ويعلن عن برامجه التسليحية في سباق تسلح محموم واضح ، وتدخل سافر في شؤون المنطقة حيث يقدم نفسه كحامية لجالية المذهب الشيعي في كل العالم وليس المنطقة العربية فقط ، كما ويتصدى لكل محاولات تجفيف التواجد الشيعي الموالي لإيران ، ثم نلاحظ أن دول الاعتدال أصبحت مدفوعة قصرا إلى حافة الطور ، وهي محرجة لأنظمة الموالاة ، وقد تخلت الإدارة الأمريكية عن أنظمتهم المتهالكة وينتظر الدور البقية ، بينما تثبت أنظمة المقاومة وتضع الشوكة في عين العالم المتامرك .
هذا هو واقع ما يجري بعد الوعود التي قطعت للشعوب بالسمن والعسل وعملية سلام تنعش المنطقة ، وقد ذاب الثلج وانكشف ما تحته وذهبت الوعود مع هبوب الريح فذروتها ، ولا نجد سلاما ولا أرضا ولا شعبا على ارض سوى شكليات لا ترق إلى طموح اللاعبين الصبية .
كلّ الصورة المستفزّة والمنفرة والمنفّرة كانت على طاولة الحديث الساخن والبحث بين الملك والرئيس الأمريكي وقد وضع العالم الأمريكي أمام مسؤولياته التاريخية على أن من الواجب على الأمريكيين أن يستوعبوا أن التدخلات من اجل ربيع عربي أمريكي ، ما عادت مجدية ، والربيع العربي المزمع عقده انكشف بالتدخلات السافرة هنا وهناك ، ولذا أسفرت عن مخطط مبيت لشرق أوسط جديد كانت مستمرة تسري خيوطه بليل اظلم ....الملك وضع الراعي الأمريكي الهامل أمام مسؤولياته ووعوده التي قطعها للشعوب والدول وخسر المعتدلون المصطفون مع الأمريكان الرهان ، وربح الجولة كل من راهن على الفشل والكذب والمراوغة وإضاعة الوقت ، واليوم المنطقة قد تتحول إلى فوضى تأكل الأخضر واليابس كما النار في الهشيم ، فالحديث عن ملف الأردن السياسي والاقتصادي مهم لكن تفسده مخططات الربيع المر.