اخبار البلد -
استوقفني ما أعلنته وزارة الاستثمار مشكورة، مؤخراً عن أرقام تعكس نمو حجم الاستثمارات خلال النصف الأول من عام 2022 وعدد المشاريع المستفيدة من القانون الحالي للاستثمار، وحجم العمالة المتوقع تشغيلها وتوزيعها ما بين أجنبي ومحلي وما بين موقعها خارج المناطق التنموية. وداخلها وتوزيعها قطاعيا وحسب الجدول المبين.
من الملاحظات التي يمكن ابداؤها على هذه الأرقام، أن هذه تمثل طلبات تقدم بها أصحاب المشاريع ،لأخذ اعفاءات جمركية من الرسوم الجمركية أو من ضريبة المبيعات لموجودات ثابتة، قد تكون في طريقها للتركيب أو الانشاء، أو قد تحتاج لوقت. وقد تكون قيمتها تقريبية أو تزيد عن القيمة الحقيقية لهذه الموجودات.
فكنا نتمنى على الوزارة، نشر أرقام فعلية عن نسبة الاستثمار الحقيقي المنفذ على أرض الواقع مقابل ما تم تسجيله في طلبات المستثمرين المقدمة للوزارة أو الهيئة خلال آخر خمس سنوات مثلا، وهذا كذلك ينطبق على عدد فرص العمل الفعلية التي تم استحداثها.
أما الملاحظة الثانية والمهمة هي أن نسبة الاستثمارات المحلية التي تم تقديمها للوزارة خلال النصف الأول بلغت 74.2 % مقابل أقل من 26 % استثمارات أجنبية، وهذا يؤكد أهمية أن تراعي الحكومة في تسهيلاتها ودعمها المستثمر المحلي وأن تضعه في أعلى سلم أولوياتها.
وأما في ما يتعلق بالمواقع الجغرافية لهذه الاستثمارات، فالملاحظة الصادمة أن أكثر من 94.3 % منها هي خارج المناطق التنموية، أي أننا لم نوفق كقطاع عام أو خاص في توجيه دفة هذه الاستثمارات نحو مناطق خارج المدن الثلاث الكبرى في الأردن، وهذا يؤثر سلبا في تعزيز التنمية الشاملة في كل مناطق المملكة، وهذا باعتقادي يجب بأن ينظر له على أنه خلل كبير، ويرسخ التفاوت غير العادل والمتوازن في جذب الاستثمارات نحو المناطق الأقل حظا وعدم القدرة على خلق فرص عمل كافية في المحافظات البعيدة عن العاصمة.
وأما الملاحظة الأخيرة والتي اعتقد أن على الجميع أن يقر بها وهي أن حصة الأسد في الاستثمارات الجديدة هي للقطاع الصناعي وبنسبة 60 %، وهذا يؤكد أن أي سياسة اقتصادية أو برنامج تحفيز اقتصادي يجب أن يكون على رأس أولوياته تحفيز القطاع الصناعي.
ما أود أن أخلص إليه، أن الوزارة حاولت تقديم موجز عن هيكلية الاستثمارات الجديدة في عام 2022، لكن هذا غير كاف، لتحديد الأولويات والقيمة المضافة الفعلية لها، ومدى دقة الأرقام المقدمة من قبل المستثمرين وخصوصا في خلق فرص العمل، وأهمية تقديم الدعم والإرشاد للمستثمرين الجدد، وتوجيههم إلى مناطق معينة تخدم المصلحة العليا للأردن أو نحو استثمارات استراتيجية أو ذات قيمة مضافة عالية. أوتوجيههم بعيداً عن استثمارات وصلت فوق حد الإشباع ،وقد تؤدي إلى ضرر عليهم أو على الاقتصاد ككل، وهنا تبرز أهمية إنشاء مرصد استثماري متقدم، يعتمد أحدث وسائل الأتمتة ويقدم قواعد بيانات حديثة قابلة للتحديث أول بأول، تخدم صانع القرار الإستثماري سواء من القطاع العام أو الخاص.
وهذا للأسف يفسر ما نلمسه من عدم ارتياح أو عدم قبول لمسودة مشروع قانون البيئة الإستثمارية الذي يحاول الفريق الاقتصادي الحكومي استشارة مؤسسات القطاع الخاص المختلفة حوله، والذي جاء دون طموح العديد من الجهات وخصوصا في موضوع عدم الإشارة إلى ضرورة وجود الخريطة الاستثمارية للمملكة والغموض في آليات منح الحوافز وتصنيف المستثمر إلى كبير أو استراتيجي وغيرها من البنود المهمة التي يتطلع اليها القطاع الخاص.
خبير اقتصادي