مظاهرات لأول مرة في بيروت، ترفع شعار (29) خط أحمر ،ولا نسمح لأي قوى حزبية أو سياسية بتجاوزه،وللشعار مغزاه في رفض التنازل عن ثروات الغاز في حقل كاريش باعتباره ضمن الخط المستقيم للمياه اللبنانية،وفي تل أبيب أطل علينا رئيس حكومة تصريف الأعمال مائير لابيد مؤكدا أن خط (29) ضمن المياه الاقتصادية لإسرائيل وبعبارة أخرى خط أحمر لن نقبل التفاوض عليه مع لبنان.
اموس هوكشتاين الوسيط الامريكي سبق وأن اقترح ترسيم الحدود البحرية ما بين لبنان وإسرائيل على شكل حرف (إس S)، بحيث يكون حقل قانا باكمله مياها اقتصادية لبنانية،ضمن خط (23) ,فيما خط (29) وبما يضم حقل كاريش مياها اقتصادية خالصة لإسرائيل،لكن هذا الطلب جرى رفضه من جانب لبنان الذي يصر على أن له حقوقا ثابتة في ترسيم الحدود عام 1923م،مع فلسطين وأن خط (29) ضمن المياه الاقتصادية اللبنانية، ومما زاد في سخونة التوترات تسيير حزب الله ثلاث مسيرات فوق خط (29) وقيام إسرائيل بتدميرها، ومن ثم تبادل رسائل التهديد والوعيد بين الطرفين.
أوروبا تضغط لاستخراج الغاز والنفط من حقل كاريش لتخفيف اعتمادها على روسيا جراء الحرب الاوكرانية، وواشنطن منحازة لتل أبيب في نزاعها مع الحكومة اللبنانية ولا تريد إشعال حروب جديدة خاصة أن تداعيات الحرب قد تؤدي إلى منع الإستثمار في ثروات البحر المتوسط لعقود طويلة، وإسرائيل تحاول بشتى الطرق إيجاد حل لمشكلة تقاسم الثروات مع لبنان دون غيره، فقد نجحت في ابعاد جميع الدول المجاورة لها على شواطىء المتوسط، وعقدتها مع حزب الله وليس مع الدولة اللبنانية.
خط (29) تعتبره تل أبيب وبيروت خطا أحمر لا تقبلان بتجاوزه، فالجيش الاسرائيلي ولأول مرة يصدر بيانات تهديد مغلفة بوعيد ودمار ليس لحزب الله بل لكل لبنان، وعلى الجانب الآخر تسخين ممنهج للمواجهة الأمنية والحديث يدور عن أسلحة إيرانية وصواريخ ياخونت المدمرة للسفن الحربية،وصلت إلى حزب الله،ومما يفهم أن الوساطة الأمريكية منحازة وأن الأمم المتحدة عاجزة عن إيجاد تسوية لهذا النزاع ،وأن الحرب قادمة لا محالة، فكل حلفاء حزب الله في لبنان خرجوا بالأمس رافعين يافطات مكتوب عليها (29) خط أحمر، في رسالة واضحة للقوى المناوئة لها.
تل أبيب وبيروت تتجهزان للمواجهة الأمنية، وكلاهما غير راغب بها، لكن الحشودات على الجانبين تتواصل، وجهود الوسطاء تراوح مكانها،خاصة أن كل طرف متمسك بخط (29), ولا يقبل باي تنازلات في مياهه الاقتصادية، وبكل الأحوال فإن نهاية اللعبة ستكون لصالح لبنان وأن الحرب محسومة بتمريغ وجه إسرائيل بالوحل والهزيمة المدوية وسوف يجد الصهاينة أن اللعب مع حركات المقاومة في غزة أو لبنان خط أحمر ويمثل بداية النهاية لاسطورة تفوقها.