لا شك ان التحدّيات العالمية والإقليمية والمحلية المحيطة بنا تتطلب جهوداً استثنائية لمواجهتها عبر «مواطنة فاعلة» نراها للأسف تنحصر فقط بشغف يتفجر ولاء وانتماء في أعراسنا الوطنية واحتفالاتنا الشعبية كمنبع للرضا وراحة البال..
ولكن هل هذا يكفي؟
نشكّ بذلك.. فالمطلوب تفعيل هذه المَشاهِد.. مستفيدين من الورقة النقاشية الرابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني بعنوان «نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة» بتاريخ 2 حزيران 2013/ حيث سلّطت الضوء على اهمية الديمقراطية المرتكزة على الحوار ومدى ارتباطها «بالمواطنة الفاعلة»..
إذن ما أحوجنا إلى تقوية جسر «الحوار» الواصل بين الحكومة والشعب من جهة وبين الأفراد والجماعات أنفسهم من جهة اخرى لخلْق حالة من «التفاهم» المتبادل الذي يعزّز «احترام الآخر واحترام القانون»..الخ، مدركين في الوقت نفسه أن المواطَنة ترتكز على قطبين رئيسييْن هما الولاء والانتماء بغض النظر عن مسقط رأس الأفراد وانتماءاتهم الأسرية والعشائرية والدينية.. الخ فالانتماء الأكبر يكون بالولاء /الإخلاص/ للوطن المقيمين على ثراه والمندرجين تحت سَماه.. مما يتطلّب إطاعة القوانين قولاً وفعلاً وسلوكاً وعملاً وإنجازاً بعيداً عن ال?نتماءات الضيقة لتنعكس محصلّتها إيجاباً على التنمية والنمو والتقدم والازدهار.
هذا بالنسبة لواجب المواطن..
أما بالنسبة للحكومة فهي تلتزم بتطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين–كواجب عليها–وكحق للمواطن–مع فتحها المجال لتكافؤ الفرص للجميع.. فهكذا «توليفة جامعة للحقوق والواجبات» من شأنها أن تفعِّل المواطَنة الحاضنة لكلّ الهوّيات يظلّلها دستور يتفرع عنه قوانين وأنظمة حازمة عادلة تربطها علاقة تبادلية من أخذ وعطاء بين المرسِل والمستقبل حكومة وشعبا، لتكون مواطنة فاعلة بمؤشراتها ومقاييسها وقيمها التالية: كسِيادة القانون، الشّفافية، المُساءلة، الاعتدال والتوسّط، المساواة، التسامح، الحوار، المشاركة، التطوّع، احترام التنوع..
نعم ما أحوجنا الى احترام الآخر في الأسرة والمجتمع والوطن.. الخ فالاختلاف لا يولد الخلاف!
سواء كان هذا الخلاف من صنع أيدينا أو من صنع آخرين من الخارج الساعين لتنفيذ نظرية «فرِّق تسُدْ»، وسواء أكان هنالك مؤامرة ضدنا أم لا فواقع «بعض» سلوكياتنا وأعمالنا يفتح المجال للآخرين ليعبثوا بنا قصدا أو بدون قصد..
فلنقطعْ الدرب على تلك الفئات الطامعة من خلال تطبيق قِيَم المواطنة قولاً وفعلاً وسلوكاً عبر استراتيجية وأهداف وأدوات ومتابعة وتقييم مستمريْن.. مؤكدين أهمية الوصول للأهداف «السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية» عبر تنشئة اجتماعية صحيحة للأفراد في العائلة والأسرة والمجتمع لتتجلى «ثقافة المواطنة الفاعلة»..
هذه الثقافة الناجمة عن تراكم العادات والسلوكيات التي تحترم الآخرين وتحترم مؤسسات الوطن بل الوطن بأسره محققة قفزة نوعية نحو «ثقافة ديمقراطية ومواطنة فاعلة»..
وكفانا التوقف عند الأقوال دون الأفعال!
فتطبيق العلم على العمل هو المفتاح نحو مواطنة فاعلة إذ لا يكفي تعلمها من كتاب او نخطها بكرّاسة، بل «الايمان» بقيم المواطنة الفاعلة و"تطبيقها» مثل: سيادة القانون، الشفافية، المساءلة، المسؤولية، الاعتدال والتوسط، المساواه، التسامح، الحوار، المشاركة، احترام التنوع، التطوع.. لهو كفيل بتحقيق أبعادها وأهدافها، فالبعد السياسي للمواطنة الفاعلة: يتحقق عبر إدراك الحكومة والشعب الحقوق والواجبات للطرفين فكل حق أمامه واجب.
أما البعد الثقافي: فيتم من خلال الاهتمام بالتراث وثقافة وتاريخ الدولة بالمحافظة والنشر.
والبعد الاجتماعي: الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية بما يضمن الوحدة والولاء للوطن مما يعزز قوة الدولة ومنعتها.
البعد الاقتصادي: العلاقة بين الفرد وسوق العمل بما يضمن حق الفرد في الحصول على فرص العمل والتدريب..
فتفعيل القِيم بأدوات مناسبة سينجم عنه نشر» ثقافة المواطنة الفاعلة» بكل مكان.. هذه «الثقافة» التي تحترم المؤسسية والمجتمع والدولة.. بالمقابل توفّر الدولة حقوق المواطن فكل حق أمامه واجب.. مما يخلق حالة من «الرضا العام» فتتقلّص بذلك الرغبة بالمناكفة واللامبالاة..
مذكرين بأهمية التنشئة الأسرية الصحيحة بهذا المجال.. تنشئة تثمّن العام كما تثمّن الخاص..
فبدون كل ما ذُكِرَ أعلاه ستظل المواطنة الفاعلة حبراً على ورق..
وهنا مربط الفرس..!