تساءل الخبير التربوي الدكتور يعقوب الصوّي في محاضرته "الإشكالية الفلسفية والمشكلة العلمية بين المنهجين العقلي والتجريبي"، التي ألقاها مساء أمس الثلاثاء في الجمعية الفلسفية الأردنية، إن كانت العلوم الطبيعية قد ألغت الفلسفة.
وأشار في المحاضرة التي أدارها الشاعر موسى حوامدة، إلى أن الإجابة المنطقية على هذا التساؤل، تفترض أن العلوم الطبيعية نجحت في تزويدنا بفهم سلوك الكون الذي نعيش فيه، وتقديم نظريات مدججة بالقوانين والمبادئ والقواعد والحقائق العلمية، إلا أنها كالجُزر في المحيط، وهنا تتدخل الفلسفة لربط هذه الجزر، وإثراء مخيلتنا وتكوين تصورات منطقية، حتى نتمكن من التخلص مما يخالف العقل مما جاءت به الميثولوجيا والميتافيزيقيا.
وعاد الصوّي للتمييز بين المنهج الفلسفي بوصفه تحليل ودراسة القواعد التي تحدد كيفية القيام بالفلسفة أو ممارستها، بينما يعرّف العلم بأنه أسلوب منهجي يقوم ببناء وتنظيم المعرفة في شكل تفسيرات وتوقعات قابلة للاختبار حول الكون، موضحاً أن مفهوم العلم الذي يركز على مصطلح المنهجية العلمية، والذي بدوره يدرس البيانات، ويضع الفرضيات لتفسيرها، ويختبرها بهدف الوصول إلى معرفة قائمة على التجربة بدل التخمين.
وبيّن المحاضِر أن الفلسفة والعلم تضبطه قواعد المنطق العلمي، ويمر من بوابة المنهج العلمي بأشكاله المتعددة التي تقتضيها الضرورة، ومنها الوصفي والتاريخي (الاستردادي)، والتجريبي، والتحليلي، والفلسفي، والاستقرائي، والاستنباطي.
وأضاف "لعلّ الصراع الناعم والمتناغم أحياناً بين المنهج العقلي والمنهج التجريبي يقود المعرفة لتقديم إجابات يقينية على تساؤلاتنا وشكوكنا وما يستجد، وفي الوقت نفسه تقرّبنا من اعتماد الحقائق العلمية، وصياغة النظريات بما تحتويه من قوانين ومبادئ وقواعد".
وفرّق الصوّي بين المشكلة والإشكالية باعتبار أن الأولى تعني أمراً لم يتمّ تفسيره، ومن الصعب فهمه، أو معرفة أسبابه، ويسبب عائقاً أمام تحقيق هدف محدد، بينما تعني الثانية مجموع المسائل التي يطرحها أحد فروع المعرفة، وهناك من يعدها نظرية في طور الإعداد من أجل حلّ مجموعة من المشكلات المترابطة.
ولفت كذلك إلى أن مشكلة أساس الاستقراء تبقى مطروحة بين التجريب والعقل، وفي حالة الاستقراء الناقص فهو أقرب للعقل من التجربة، أما في حالة معالجة الاستقراء التام فإنه أقرب إلى التجربة من العقل لأنه يعتمد على دراسة كلّ الظواهر الجزئية.