اخبار البلد - يعتقد بعض العرب والمحللين الدوليين أن الصين تدعم روسيا في طموحها لغزو أوكرانيا ويمكن أن تستغل الحرب لغزو تايوان، لكنهم سيكتشفون مع مرور الأيام أنهم لا يفهمون بكين ولا عالم المصالح الذي نعيش فيه.
ربما لا يعرفون أن زمن غزو دولة والتحالف العسكري ومن ثم التورط في حرب عسكرية عالمية ولى، نحن في زمن حرب المعلومات والإقتصاد والتكنولوجيا، وكل دولة من هذه القوى العالمية لديها أسلحة نووية والإصطدام ببعضها البعض يعني انتحارا جماعيا، ولن يخرج منها أي طرف فائز أو منتصر.
موقف الصين من غزو روسيا لأوكرانيا:
قال وانغ هوياو، رئيس مركز الصين والعولمة، وهو مركز أبحاث مقره بكين، والذي يقدم المشورة للحكومة: "تريد الصين في النهاية علاقات جيدة مع الولايات المتحدة”.
حتى الآن، كان موقف الصين من تحرك روسيا تجاه أوكرانيا واضحًا: بكين لا تؤيد عدوان موسكو، وهي تفضل حل المشكلة بشكل ديبلوماسي.
هذا لا يعني أن بكين ليست قلقة من تقدم الناتو شرقا إذ يشبه ذلك تماما محاولات الولايات المتحدة والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وفيتنام محاصرتها والتضييق عليها في بحر الصين.
لدى الصين مخاوف كبرى وحقيقية، لكنها تفضل أن تعود علاقتها مع الولايات المتحدة إلى عهد الإستقرار، وذلك أنفع بالنسبة لها، حيث تعد واشنطن أكبر شريك تجاري لها في العالم.
لكن بكين تدرك جيدا أن أي حرب كبرى في أوروبا ستضر تجارتها مع روسيا وأوكرانيا والإتحاد الأوروبي، وقد تضررت تجارتها بالفعل في عام 2014، عندما تعرضت موسكو للعقوبات التجارية بسبب استيلاءها على شبه جزيرة القرم.
بالرغم من كل التصريحات التي تؤكد على قوة العلاقات بين موسكو وبكين، إلا أن المصالح هي التي تحكم هذه العلاقة، وقد سبق حدث الإنشقاق الصيني السوفيتي (1960–1989) في عصر الحرب الباردة.
من وجهة نظر الصين، فإن الأزمة في أوكرانيا ليست واضحة المعالم. بينما يُظهر شي وبوتين علاقة أخوية، تتمتع بكين أيضًا بعلاقات ودية مع كييف، وتوفر أوكرانيا فرصة تجارية لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
مصالح الصين مع أمريكا
رغم الحرب التجارية بين البلدين، ارتفع التبادل التجاري بين الصين وأمريكا بنسبة 28.7% الى 755.64 مليار دولار خلال العام الماضي، في نفس الوقت لم تتجاوز التجارة بين الصين وروسيا أكثر من 150 مليار دولار.
هذا فرق شاسع ومهم، وينبغي التأكيد على ان الصين تصدر إلى البلدين أكبر مما تستورده منهما، وهي تستفيد من الفائض التجاري لصالحها.
لا تبحث بكين عن حرب تجارية أشد مع واشنطن، من الواضح أن مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية في غاية الأهمية، وهو أمر يجب وضعه بعين الإعتبار.
تأمل الصين كثيرًا في أن تقدم روسيا دعمًا دبلوماسيًا كاملاً لمبادرات بكين العالمية المختلفة في ظل عدد كبير من البرامج التي تقودها الأمم المتحدة، لكن تحرك موسكو الحالي جعل رغبات الصين أكثر إشكالية.
الصين ضد غزو روسيا لأوكرانيا
حاول وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين، توضيح موقف الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع، وقال وانغ في مؤتمر ميونيخ الأمني: "يجب احترام وحماية سيادة أي دولة واستقلالها ووحدة أراضيها”، "أوكرانيا ليست استثناء”.
بلغت تجارة أوكرانيا مع الصين 15.42 مليار دولار خلال 2020 وتعد بكين هي الشريك التجاري الأول لأوكرانيا.
في وقت متأخر من مساء الاثنين، طلبت السفارة الصينية في كييف من مواطنيها والشركات الامتناع عن السفر إلى "المناطق التي لا يزال الوضع فيها غير مستقر”.
أصدرت السفارة الأوكرانية في بكين، صباح الثلاثاء، بيانًا باللغة الصينية على موقع التواصل الاجتماعي Weibo الذي يخضع لرقابة شديدة، أدانت فيه التصرف الروسي واتهمت موسكو بـ "الإنتهاك الخطير للمبادئ الأساسية للقانون الدولي”.
مرة أخرى ستجد روسيا نفسها لوحدها في مواجهة المجتمع الدولي الذي يرفض غزو أراضي الدول الأخرى والتوسع العسكري الذي يعد من المفاهيم التي تعود إلى ما قبل أدبيات النظام العالمي الحالي.
ستحاول بكين أن توازن بين مصالحها مع موسكو وبكين، لكن لا ننتظر منها أي موقف متطرف مثل غزو تايوان، أو دعم موسكو عسكريا ضد الناتو.