يتباهى ناصر سامي جودة بأنه وزير صالح لكل وزارة قادمة ولاحقة ومستقيلة ومقالة ومحتملة، هكذا يحب أن يعرف نفسه، ويدلل على ذلك بحضوره في كل الوزارات الفاشلة والفاسدة والمفسدة، فالمشهد الرسمي الأردني زاخر بالوزارات التي سرعان ما يتم العمل على إقالتها بحجج واهية، فما أسهل أن يقال عنها إنها حكومة مقصرة وفاسدة، وبالتالي ضرورة رحيلها بسرعة مثلما جاءت بسرعة، لكنه يبقى صامداً عصياً على الإقالة والرحيل، ومن ثم تأتي وزارة جديدة تحل محل شقيقتها الفاشلة، ويكون فيها الناصر جودة، بنفس المنصب.
يُقال إنه يحظى بتوصية من نبيل العربي وتوصية من إسرائيل ورعاية من أمريكا، وتوصية سابقة من عمرو موسى وحبيبه شعبان عبد الرحيم، مما يستدعي البحث عن مواصفات الناصر جودة، وهل هناك من يشبهه؟، وإن كان هناك مثله، فهل هم كثر؟، أم إنه عملة نادرة ومطلوبة في كل الأسواق الرخيصة؟.
وصفه متابعون بأنه كان في منتهى السطحية في لقائه مع مرسال غانم على محطة الـ بي سي اللبنانية، كعادته دوماً فيما يبدو، وكان مملاً جداً، ولا يدري ماذا يحكي، كأنه في صف مدرسي يحاول أن يحفظ معلومة ويعيدها ويكررها كي ترسخ في ذهنه لا في ذهن المشاهد، لأن المشاهد عجز على الأرجح عن متابعته حتى النهاية، فلا فائدة ولا معلومة ولا فكرة واضحة أو صادقة في أي مجال، فكيف يكون وزيراً للخارجية في كل المحطات وعابرًا للحكومات، فهو في حكومة "نادر الذهبي" التي غادرت، ومن ثم في حكومة "معروف البخيت" التي طردت شر طردة، وفي حكومة الحفيد سمير الرفاعي (ابن خاله) التي لا يمكن مقارنتها بأي حكومة سابقة نظراً لحجم الجهل والفشل والفساد والصبيانية في عملها بدءاً من رأسها، مروراً بكل الأعضاء، وتقال الحكومة فجأة لكنه يصمد، ليأتي مع حكومة "عون الخصاونة"، التي أوشكت على المغادرة نظراً لفشلها السريع في كل شيء، لكنه سيبقى، فهو حاصل على توصيات من أمين الجامعة العربية الذي ليس له من اسمه أو منصبه أي نصيب، وتوصية من الإسرائيليين والأمريكيين الذين ولوا هاربين من العراق بعد ضربات المقاومة الموجعة، حيث غادر الأمريكان وهو ثابت، فهل يعقل أنه لم يبق من يستحق منصب وزير الخارجية في الأردن غيره، يبدو أنه لن يطير إلا مع طيران كامل للنظام برمته.
الناصر جودة على الأرجح ينطبق عليه القول الشهير إنه مثل الزجاج الصيني كيف ما ضربته يرن، فهو في حكومة تنال ثقة مجلس نواب بصعوبة بالغة، وفي حكومة تنال ثقة كبيرة جداً من مجلس نواب، وفي حكومة تسبق "الربيع العربي" والخريف العربي والشتاء العربي والصيف العربي، وهو حاضر في الحكومة التي تأتي بعد الربيع العربي والخريف العربي وتسبق حركة "احتلوا وول ستريت" وتلحق بها، وهو قبل ساركوزي وبعده، وقبل أوباما وبعده، فعلا هو كما يقول عنه الأردنيون "ما طلع شكله".. لكن السؤال المليء بالحسرة: كيف يقبل به الشعب الأردني، وهل سيبقى جودة "وزير جوكر" وعابرًا للحكومات إلى حين أن يأتي ابنه ليحل محله.
بالمناسبة لا ندري ما رأي الناصر جودة فيما طرحه العاهل السعودي بخصوص الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بالنسبة لدول مجلس التعاون، وما رأي ملك الأردن بهذا الخصوص، وهل هناك تفاصيل كيف سيكون حال الحكم الأردني، على أساس أن الناصر جودة والعاهل الأردني من المقتنعين والمتمسكين والمسلِّمين بأن انضمام الأردن للخليج تحصيل حاصل، على الرغم من أن دول مجلس التعاون رفضت ذلك بوضوح.
ويتساءل كثيرون عن مميزات ومواصفات ناصر جودة التي تؤهله للاستمرار وزيراً جوكراً في كل الحكومات، ولماذا؟.. الملفت للنظر، يقول عارفون إنه يفتقد الحنكة السياسية، لكنه يحاول أن يقدم نفسه كمراوغ قادر على إعطاء إجابات دبلوماسية، لكنها على العموم على حساب السياسة الأردنية التي من المفترض أن تكون مستقلة.
أخيراً لابد من الإشارة إلى أن ناصر سامي جودة من مواليد عام 1961، وتدرج في عدد من الوظائف الحكومية، كان أهمها رئيس ديوان الخدمة المدنية، ومدير التليفزيون الأردني، والناطق الرسمي باسم الحكومة في عدد من الحكومات، ووزير إعلام، وأخيراً ودائماً فيما يبدو وزير خارجية في أربع حكومات متتالية، هي حكومة نادر الذهبي عام 2008 التي غادرت وبقي هو وزيراً للخارجية مع حكومة معروف البخيت الذي غادر أيضاً، في حين صمد جودة ليصبح وزير خارجية مع الحفيد سمير الرفاعي، وطار الرفاعي كما هو حال كل رئيس حكومة، وبقي الناصر جودة ليكون وزير خارجية في حكومة عون الخصاونة، الذي سيطير عما قريب، في حين سيبقى جودة عصياً على الطيران فهو الوزير الجوكر العابر للحكومات.
وهنا أود معرفة معلومة تتعلق بالناصر جودة، هل خدم في العسكرية؟، فيما عرف رسمياً بخدمة العلم وشعبياً بالخدمة الإجبارية، وإن كان ذلك قد حصل فعلاً، فأين أدى خدمته العسكرية، فهل خدم مثلنا مثلاً في الكمائن وعلى الواجهات؟.
وما يستحق الذكر أن والده سامي المعروف بأبي ناصر على الرغم من ان ابنه الأكبر هو حسن، شارك في أربع حكومات أولها حكومة سمير الرفاعي، ثم في حكومتين متتاليتين عام 1969 شكلهما بهجت التلهوني، وكذلك في الحكومة الرابعة والاخيرة لزيد الرفاعي عام 1985. والابن ناصر شارك في حكومة ابن خاله سمير الرفاعي الحفيد.
أعجبني تعليق من أحد الذين شاهدوا مقابلته مع مرسال غانم: (في برنامج مباشر مع مرسال غانم، على الـ بي سي اللبنانية: يا الله شو ناصر جودة فاضي وما عنده شي يحكيه، وعصي على التوصيف لأن كل الكلمات والمصطلحات التي تخطر على بال البشر "ما بتفش الغل".. طيب شو مواصفات هذا الناصر جودة التي تجعله وزير خارجية جوكرا حاضرا في كل الوزارات... ومن ثم ما مواصفات الوزير الأردني بشكل عام، وبماذا يختلف عن بقية خلق الله في الأردن؟... هل من إجابة). انتهى التعليق الذي أعجبني وأتمنى أن يعجبكم.