مقاربة الأمن البشري من منظور النوع الاجتماعي
أخبار البلد ــ عانى وضع الأمن البشري في الأردن قبل الجائحة من التعقيد والهشاشة في أحيان كثيرة، وأثرت جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية التي أعقبتها سلباً على جميع جوانب الأمن البشري وخاصة في سياق الفئات الأكثر تأثراً من ذوي الإعاقة وعمال المياومة وكبار السن والمرأة والأطفال والمهاجرين واللاجئين والمجتمعات المضيفة. هذا الحال سيبقى على ما هو ما لم يتم اعتماد تغييرات جوهرية فيه. ففي الحين الذي طبق الأردن فيه آلية إلزامية جيدة لفرض الإغلاقات، إلا أنه لم يكن مجهزاً من الناحية الهيكلية للتعامل مع التفشي واسع النطاق للجائحة. وعلى الرغم من تمكّن الحكومة من احتواء الأزمة الصحية إلى حد كبير، إلا أن العواقب الاقتصادية والسياسية المتعلقة بالتدابير المعتمدة كانت ذات أثر عميق، وخاصة في سياق التوسع المتزايد في تبني توجهات غير ديمقراطية/سلطوية غير شاملة.
تنبع أهمية تحليل سياق الأمن البشري وفهمه من كونه مؤشراً أساسياً للطريقة التي سيتكيّف بها الأردن في طريقه نحو التعافي في أعقاب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). وعليه يتبنى التقرير مقاربة الأمن البشري من منظور النوع الاجتماعي للنظر في جوانب الأمن البشري السبعة في الأردن وهي؛ الجانب الاقتصادي، والصحي، والغذائي، والبيئي، والشخصي، والمجتمعي والسياسي، بالإضافة إلى وضع ثلاثة سيناريوهات مختلفة لأثر جائحة كوفيد-19 على الأمن البشري. ويلجأ التقرير إلى منظور النوع الاجتماعي في تحليله إذ تضمن مقاربة الأمن البشري من هذا المنظور تحليلاً شاملاً حقيقياً أساسه الإنسان فيما يتعلق بالإجراءات المقترحة للاستجابة للتحديات الراهنة.
تكمن أهمية التقرير والذي شاركت بتحريره د. سوسن المجالي، بتوثيقه لفترة التغيرات التي طرأت من خلال رصد مجموعة الخبراء المباشر تطورات الجائحة والإجراءات من إغلاقات وغيرها عبر استشارات وجلسات رقمية. حيث يأتي هذا التقرير نتاج جهد بذلته الجهات المعنية في المجتمع المدني للمساهمة في التوصل إلى توافق حول إستراتيجيات التدخل الممكنة بهدف التقليص من التبعات السلبية للأزمة الصحية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي. تستند السيناريوهات والتوصيات المقترحة إلى أبحاث ونقاشات رقمية جرت عبر تطبيق زوم والتي استضافتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض (والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، مع مجموعة من المتخصصين في الحماية الاجتماعية من ناشطين، وأكاديميين، وسياسيين وممثلين عن المجتمع المدني في الأردن والمنطقة؛ إذ تناولت الجلسات والتي شارك فيها كل من الخبراء: د. سوسن المجالي ، ريم أبو حسان، منال الوزني، د. سارة عبابنة، ليندا كلش، د. لينا شبيب، د. سلمى النمس، الدكتور إبراهيم عقل، عبلة عماوي ، د. رائدة قطب، د. يوسف منصور، د. مها العلي، د. مهند العزة وسمر محارب، مختلف العوامل (السياسية، والاقتصادية، والتشريعية، والاجتماعية، والتكنولوجية) المتصلة بتداعيات الجائحة.
ويقدم التقرير عدة توصيات من أهمها: مراجعة إستراتيجيات الحكومة التنموية بدعم من المجتمع المدني والخبراء، ووضع خطة فعالة لمراقبة القوانين الصادرة خلال الجائحة لضمان عدم تعارضها أو تضاربها مع القوانين الأخرى وحقوق الإنسان الأساسية، وتطوير سياسات من شأنها تحسين معدلات التوظيف وزيادة عدد الأنشطة المدرة للدخل، والحد من أوجه عدم المساواة في الدخل وضمان عدم استثناء أي أحد، وتحسين تغطية الحماية الاجتماعية الشاملة من خلال نهج دورة الحياة (من الطفولة حتى الشيخوخة).